
لم تعد كندا تلتزم بالصورة النمطية للدولة الهادئة والمتسامحة، حيث أظهرت موجة غير مسبوقة من الغضب تجاه الولايات المتحدة بسبب تهديدات الرئيس دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على الصادرات الكندية، بل وحتى اقتراحه بضم كندا كولاية أمريكية. هذه التصريحات أشعلت المشاعر الوطنية وأثارت موجة من المقاطعة الاقتصادية والسخط السياسي في مختلف أنحاء البلاد.
من أبرز أشكال الاحتجاجات الاقتصادية، تحول المستهلكين الكنديين إلى شراء المنتجات المحلية بدلًا من الأمريكية، حيث ازدادت شعبية التطبيقات التي تحدد منشأ المنتجات، مثل MapleScan وBuy Beaver. المتاجر الكبرى باتت تروج للبضائع الكندية على حساب العلامات الأمريكية، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة لتبادل النصائح حول البدائل المحلية للمنتجات الأمريكية الشهيرة مثل كوكاكولا وكولجيت وكورن فليكس.
قطاع السياحة لم يكن بعيدًا عن موجة الغضب، حيث بدأ الكنديون في إعادة النظر في وجهاتهم السياحية، مفضلين تجنب الولايات المتحدة. تقارير أشارت إلى أن 50% من المسافرين الكنديين الذين كانوا يخططون لزيارة أمريكا هذا العام قد ألغوا رحلاتهم، مما يمثل خسارة اقتصادية محتملة بمليارات الدولارات. بعض المهاجرين الموسميين (Snowbirds) الذين يمتلكون عقارات في الولايات الأمريكية المشمسة بدأوا ببيع ممتلكاتهم بأسعار أقل من السوق، مما يعكس تراجعًا في ثقة المستثمرين الكنديين بالسوق الأمريكية.
الغضب امتد إلى المجال الرياضي، حيث شهدت مباريات الهوكي بين كندا والولايات المتحدة مشاعر تنافسية غير معتادة. الجمهور الكندي هتف بقوة ضد الفريق الأمريكي، ووصل الأمر إلى حد إطلاق صيحات استهجان أثناء عزف النشيد الوطني الأمريكي. حتى أسطورة الهوكي الكندية واين جريتزكي لم يسلم من الانتقادات بعد ظهوره في حفل تنصيب ترامب وتجنبه ارتداء الألوان الكندية في بطولة دولية.
في خطوة طريفة ولكنها رمزية، بدأ بعض المقاهي الكندية في استبدال اسم مشروب "الأمريكانو" بالقائمة ببديل وطني يحمل اسم "الكندينو"، في محاولة لإضفاء روح الدعابة على الأزمة السياسية. كما ساهمت البرامج الكوميدية الساخرة في تخفيف التوتر، حيث ازدادت شعبية الممثل الكوميدي مارك كريتش الذي يقدم تقليدًا لشخصية ترامب في برنامج "This Hour Has 22 Minutes"، ما يعكس تزايد شهية الجمهور لمناقشة القضية من منظور ساخر. في ظل هذه التطورات، يبدو أن الاحتقان الكندي تجاه الولايات المتحدة بلغ مستويات غير مسبوقة، مما قد ينعكس على العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب.