أهلاً بك في منتدى انكور التطويري

شرفتنا بحضورك لمنتدى انكور التطويري، المجتمع العربي للمحتوى المفيد والحصري حيث ستجد لدينا ما تحتاج لتزيد من معرفتك وخبراتك والمساحة الآمنة لنشر معرفتك ومشاركتها مع الاعضاء والزوار

التحولات في النظام الدولي: الصراع في منطقة الباسيفيك

Admin

مدير شركة انكور التطويرية
طاقم الإدارة
ادارة انكور
النظام الدولي يتميز بالديناميكية التي تدفعه نحو الحركة المتواصلة والتغيير المستمر. تتغير المصالح الخاصة بالدول بتغير ظروفها. بناء على ذلك، تتطور العلاقات في حين وتضعف في حين آخر، وتصعد دول وتسقط دولٌ أخرى. بدأت الصين تشهد تطوراً كبيراً، ولامست نمو كبير في ناتجها القومي وحركتها التجارية، مما أدى الى تصاعد موقعها بين الاقتصاديات القوية في العالم كقوة اقتصادية عظمى، وتفردها بالمركز الثاني بعد الولايات المتحدة. تطورت قدراتها العسكرية شيئاً فشيئاً، وأصبحت تمد نفوذها في المناطق المحيطة بها. لذلك، تصاعد القلق الأمريكي بالتزامن مع التقدم الصيني في مختلف المجالات والذي أدى الى دفع مكانتها بسرعة كبيرة بين القوى العظمى في العالم، وأصبح بمثابة تحدٍ جدي وخطير لهيمنتهم الدولية والإقليمية. تحدث ستيفن والت في مقاله "نهاية العصر الأميركي"، عن تحول الاهتمامات الإستراتيجية الأمريكية الى اسيا لأهميتها الاقتصادية وصعود الصين المنافس الوحيد المحتمل لهم. وازداد اهتمام الصين في المنطقة وخصوصا إعادة التوحيد مع تايوان للقيام بقفزات اقتصادية واستراتيجية ضخمة. بناء على ما سبق، تشكل الباسيفيك منطقة استراتيجية بالغة الأهمية بالنسبة لأمريكا والصين. وتحاول كل منهما مد نفوذها الاقتصادي والعسكري فيها، ما قد ينتج اول مواجهة عسكرية بين بكين وواشنطن في تايوان.

تمثل منطقة الباسفيك بقعة ذات أهمية استراتيجية للصين والولايات المتحدة الامريكية. فتجد أسباب امنيه، مثل اعتبار الصين منطقة الباسيفيك بر الأمان الخاص بها، ومد نفوذها فيه وإزالة التواجد الأمريكي لانبثاق المخاوف والاحتياجات الأمنية المتزايدة الجديدة، الناتجة عن تقدمها الملحوظ وظهورها كقوى عظمة تسعى للهيمنة. وبالنسبة للولايات المتحدة، تكمن الأهمية الأمنية للمنطقة لمواجهة النفوذ العسكري والاقتصادي المتسارع للصين في جميع انحاء المنطقة. تضم المنطقة العديد من الطرق البحرية المهمة للتجارة الدولية. ايضاً، يقع بحر الصين الجنوبي ضمن النطاق الجغرافي للباسيفيك، والذي يمتلك موقع مهم في مسارات الشحن البحري. بالإضافة الى ذلك، ثراء المنطقة بالمعادن والثروات البحرية والخشبية. والموارد المحتمل وجودها في قاع البحر، مثل مليارات من براميل النفط، وكمية كبيرة من الغاز الطبيعي. تحتوي المنطقة أكثر من نصف سكان العالم، وحوالي ثلثي اقتصاده، وسبعة من أكبر جيوشه. وتعدم المنطقة ملايين الوظائف والاستثمارات التابعة للولايات المتحدة. تعتبر منطقة شرق اسيا المورد الأساسي لأشباه الموصلات. وتمثل تايوان المتواجدة في هذه المنطقة، منتج رئيسي لأشباه الموصلات والتي تُعد صناعة ذات أهمية استراتيجية. فيحاول الطرفان الصيني والامريكي لمد نفوذهما الاقتصادي والعسكري للسيطرة على أكبر قدر ممكن من منطقة المحيط الهادئ.

سيطرت الصين على جزر عدة في بحر الصين الجنوبي عسكرياً ومدنياً، إما بتهديدها بإجراءات متشددة، او بإغرائها بالتسهيلات والدعم. ونشرت طائرات مقاتلة وصواريخ كروز لمراقبة المنطقة المحيطة ورصد التحركات غير المرغوبة فيها. واقامت الصين تحالفات دولية مع الجزر المنتشرة في منطقة المحيط الهادئ، مثل الاتفاق الأمني الذي عقدته مع جزر سليمان. ايضاً، أصبحت الصين في العقدين الماضيين من أهم المانحين للمساعدات في المناطق المنكوبة في جنوب المحيط الهادئ. وفي منطقة تايوان، زادت بكين في الفترة الأخيرة الضغط العسكري والدبلوماسي، والتدريبات العسكرية الجوية والبحرية حولها. في الجهة الأخرى، شبكت أمريكا روابط وجسور مع حلفائها داخل المنطقة، فعملت على تعميق تحالفاتها مع دول مثل اليابان وأستراليا، وعززت علاقاتها مع الشركاء الإقليميين الرائدين ومنهم تايوان. وتخطط ايضاً لفتح سفارات وقنصليات جديدة في جنوب شرق اسيا وجزر المحيط الهادئ. وتضخ العديد من الاستثمارات لتشجيع الابتكار والتنافس، وتوسيع فرص العمل للطبقة المتوسطة. لدعم التجارة والاستثمار العادل والمفتوح. وتبقي الولايات المتحدة على تحالفها مع تايوان. فمثلا، وأوجد الكونغرس قانوناً عام 1979 يُلزم الولايات المتحدة بيع المعدات العسكرية لتايوان لتدافع عن نفسها ضد أي تهديدات عسكرية. نتيجة لهذه التحركات من البلدين، قد تشهد تايوان احتلال عسكري صيني.

تتمتع تايوان بأهمية استراتيجية جغرافية، وسياسية، واقتصادية بالنسبة للصين والولايات المتحدة ايضاً. فمن جهة، تحاول الصين إعادة ضم تايوان إليها باعتبارها منطقة صينية بالأساس، وذلك لتحقيق أهدافها التنموية الاقتصادية ومد نفوذها في المنطقة. ومن جهة أخرى، تحاول الولايات المتحدة منع الصين من ذلك، من خلال دعم تايوان عسكريا وسياسياً برفضها ضم الصين لتايوان والتهديد بالتدخل المباشر في حال قامت الصين باي خطوة عسكرية. تعتبر الصين ضم تايوان إليها حق مشروع، ومن خلال الوثيقة التي نشرتها عام 2021 تحت مسمى "الورقة البيضاء"، عبرت الصين عن استعدادها باللجوء للحل العسكري إذا ما فشلت إعادة التوحيد السلمية مع تايوان. وعبرت الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال تصريح مثير للجدل أدلى به الرئيس "بايدن" خلال لقاء صحفي حدث في مايو عام 2022، عن استعدادها للتدخل العسكري في تايوان لحمايتها. وبعد دخول روسيا الى الأراضي الأوكرانية، أعيدت احتمالات دخول عسكري صيني مماثل الى تايوان على الطاولة. توجد احتمالية اكتساب ديناميات الصراع على الجزر في منطقة المحيط الهادئ بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا. بالإضافة الى التحركات الأمريكية المتزايدة في المنطقة، وتشكيل تحالفات مترابطة للضغط على الصين. لتثبيت هيمنتها في المنطقة، وضمان عدم تكرار ما حدث في أوكرانيا.

وفي الخاتمة، تعتبر منطقة جنوب المحيط الهادئ منطقة استراتيجية ضرورية بالنسبة للبلدين. فتسعى بكين لمد نفوذها والسيطرة عليه لإكمال مسيرها في التطور والازدهار والصعود كقوة عظمى منافسة. وتحاول الولايات المتحدة تحجيم هذا التطور والحفاظ على الوضع الراهن، لإبقاء سيطرتها وهيمنتها على العالم. وتتخذ البلدان المنطقة كميدان للصراع لتمنع كل منهما الأخرى في التقدم. وتركز كل منهما على أكثر المناطق حيوية والتي تعود بالنفع الأكبر عليهما، المتمثلة في جزيرة تايوان لأهميتها الاقتصادية، خصيصاً في صناعة أشباه الموصلات النادرة وكونها من أكبر من المصدرين. بالإضافة الى موقعها الاستراتيجي القريب من الصين. يُحتمل انتهاء هذا التنافس بالمواجهة العسكرية بين طرفي الصراع في تايوان، بناء على الخطوات والممارسات التي يقوم بها الطرفان. بناء على كل ما سبق، في ظل التحول في النظام الدولي وصعود الصين كقوة عظمى منافسة للولايات المتحدة، ما يزيد احتمالية تطور الصراع وتحوله الى مواجهة عسكرية مباشرة. وذلك يعود لالتزام كل منهما في الوعود التي ذكرتها الصين في حال فشل عملية الضم السلمية، وارتباط الولايات المتحدة بدعم تايوان بالإمدادات العسكرية للدفاع عن نفسها، وبالتدخل العسكري المباشر من خلال ارسال قواتها في وجه التنين الصيني.
 

✔ نبذة عنا

منتدى انكور التطويري لدعم وتطوير المواقع والمنتديات والمحتوى العربي. نسعى للارتقاء في المحتوى العربي وتقديم الخدمات المتنوعة لأصحاب المواقع والمنتديات بأحدث الامكانيات والشروحات مجانًا.
عودة
أعلى