في أعماق غابة مظلمة جدًا، تختبئ فسحة الجن الصغيرة. الوصول إليها مغامرة شاقة: يجب المرور عبر مسارات ضيقة ومتعرجة، الضياع ثم العثور على الطريق ثم الضياع مرة أخرى، سماع عواء الرياح بين أغصان الأشجار العارية، وزئير الحيوانات البرية؛ باختصار، الأمر شبه مستحيل.
وحدهم بعض الكائنات يمكنهم الوصول إليها، إنهم الجن الصغار! هؤلاء المخلوقات الذكية والمليئة بالخيال هم مصدر العديد من الحكايات. إنهم يخترعونها، يصوغونها، يروونها كشعر، وعندما تكون جاهزة، يهمسون بها في آذان البشر، ليحكوها بدورهم ويجعلوها كتبًا مليئة بالقصائد والحكايات والروايات.
وحدهم بعض الكائنات يمكنهم الوصول إليها، إنهم الجن الصغار! هؤلاء المخلوقات الذكية والمليئة بالخيال هم مصدر العديد من الحكايات. إنهم يخترعونها، يصوغونها، يروونها كشعر، وعندما تكون جاهزة، يهمسون بها في آذان البشر، ليحكوها بدورهم ويجعلوها كتبًا مليئة بالقصائد والحكايات والروايات.
كل جن صغير يخترع قصة وينقلها للبشر يجب أن يكتبها على رقٍ ذهبي يحتفظ به بعناية في المكتبة الهائلة المخفية، والتي تقع في قلب فسحتهم السرية. الجني "هالو" هو الحارس المسؤول عن هذه المكتبة، يحرص على ألا تُسرق القصص، أو تُنسخ، أو تُدمر. إنه يحمي المكتبة وكنوزها كما تحمي الأم أطفالها. كل صباح، بعد أن يحلق لحيته الصغيرة ويرتدي قبعته، يغادر "هالو" جذع الشجرة حيث يسكن، ويذهب إلى الفسحة ليتأكد من أن جميع القصص في أماكنها، ثم يجلس إلى مكتبه الصغير في انتظار قصص جديدة، ولكن ذلك كان في الماضي.
اليوم، لم يعد الجن الصغار يعرفون كيف يجذبون اهتمام البشر الذين حولوا غابتهم الجميلة إلى منطقة تجارية عملاقة. لم يتبقَ من الغابة سوى فسحة الجن الصغيرة وقليل من الأشجار المحيطة بها. لكنها لم تعد فسحة حقيقية، بل مجرد بقعة صغيرة من العشب محاصرة بين موقفين كبيرين للسيارات. الجن القليلون الذين بقوا على قيد الحياة، ومن بينهم "هالو"، يعيشون في تلوث دائم، وسط سيل لا يتوقف من السيارات الرمادية التي يقودها البشر كأنهم آلات. توقف الجن الصغار عن اختراع القصص، فما الفائدة؟ البشر لم يعودوا يهتمون سوى بالأرقام! كم ربحوا؟ كم خسروا؟ كم من الغابات دمروها العام الماضي؟ يرى الجن أن البشر فقدوا شرارة الحياة. حتى الأطفال لم يعودوا يتخيلون أنفسهم أميرات في انتظار أمير أحلامهم، ولم يعد الأولاد يسخرون من تلك الفكرة ويدّعون أنهم أبطال خارقون. لم يعد أحد يروي القصص للأطفال الرضع ليناموا بأحلام جميلة. أدرك الجن أن البشر نسوا الحكايات، وأن العالم بدونها يبدو فارغًا.
لذلك، وبعد يوم آخر من التأمل في هذا الدمار دون تسجيل أي قصة جديدة، قرر "هالو"، الجني أمين المكتبة، أن يتصرف بنفسه: سيبدأ بسرد القصص مجددًا وبثها في نفوس البشر.
في اليوم التالي، راقب "هالو" كل الأشخاص الذين مروا بسياراتهم، وكل من عادوا من التسوق بأيديهم المحملة بأشياء غير ضرورية، لكن لم يبدُ أن أحدًا منهم فضولي بما يكفي للاستماع إلى قصة. فانتظر، وانتظر... وفجأة، عند خروج الأطفال من المدرسة، مرَّت مجموعة من الأولاد المسرعين لشراء الحلوى، لكن أحدهم تأخر عنهم. لم يكن يبدو عليه الاستعجال، بل كان ينظر إلى السماء، والطيور، والسحب، ثم جلس على جذع شجرة مقطوعة وتنهد. لقد وجد "هالو" الشخص الذي يبحث عنه، وبقي الآن أن يتحدث إليه دون أن يخيفه.
بصوت ناعم، اقترب "هالو" وقال:
"لماذا تبدو حزينًا؟"
"لأن معلمتي أعطتني درجة سيئة في واجبي، قالت إن فيه خيالًا زائدًا..." أجاب الصبي متنهدًا دون أن يلتفت لرؤية من يحدثه.
"خيال زائد! هل هذا ممكن؟!" صرخ "هالو" بدهشة.
هذه المرة، التفت الصبي بسرعة، متفاجئًا بأن هناك شخصًا يهتم بالخيال مثله. في البداية، لم يرَ أحدًا، ثم عندما نظر إلى الأسفل، رأى جنيًا صغيرًا يرتدي قبعة مدببة، احمر وجهه من الغضب. انفجر الصبي ضاحكًا، ليس سخرية، بل لأن المشهد كان مضحكًا حقًا. هدأ "هالو" وقال للصبي:
"توقف عن الضحك كحوت وأخبرني باسمك؟"
"أنا اسمي مارتن"، قال الصبي بعدما هدأ.
"حسنًا، مارتن، يجب أن أخبرك بقصة."
وبدأ "هالو" يحكي له عن الغابة، والمكتبة، والقصص، وعن البشر وعاداتهم. استمع مارتن بانتباه شديد، وعندما انتهى الجني من حديثه، قال مارتن بحماس:
"أعرف كيف نعيد القصص إلى قلوب البشر! والدي يعمل كحارس أمن في المكتبة الكبرى المتربة، حيث تُحفظ جميع الروايات، والقصائد، والقصص. لم يزرها أحد منذ سنوات! يمكننا التسلل إليها ونسخ القصص، ثم نرويها من جديد!"
تألقت عينا "هالو" بالأمل، لكنه وبّخ مارتن برفق:
"لا حاجة للدخول إلى أماكن لا يمكننا الوصول إليها. قلت لك إن هناك نسخة من جميع القصص في المكتبة المخفية، وأنا أمينها. يمكننا نسخ ما نريد بكل سهولة. اذهب وأحضر الكثير من الورق والأقلام، واستعد للكتابة!"
بعد دقائق، عاد مارتن محملًا بكومة من الدفاتر والأقلام، وقال:
"نظرت لي أمينة الصندوق بغرابة وأنا أشتري كل هذا!"
"لا يهم!" رد "هالو"، "المهم أنك أحضرت ما نحتاجه!"
ثم طلب من مارتن أن يتبعه إلى قلب الفسحة. بدا الأمر سحريًا، حيث لم يكن يبدو من موقف السيارات أن هذه البقعة الصغيرة من الغابة قد تخفي مكانًا رائعًا كهذا. بالكاد جلس مارتن حتى وجد نفسه أمام عشرات القصص الخيالية والشعر لنسخها، بينما انطلق "هالو" للبحث عن باقي الجن الصغار.
عند غروب الشمس، كانوا قد نسخوا خمسين قصة. عاد مارتن إلى منزله، لكنه وعد بالعودة في اليوم التالي بعد المدرسة. أما الجن، فقد استمروا في النسخ طوال الليل، مستمتعين بالإحساس الذي افتقدوه منذ زمن. منحهم مارتن الأمل من جديد.
مرت أيام، ومع الوقت جمعوا أكثر من ألف قصة. وبعدها، بدأ الجن يتسللون إلى منازل البشر ليروا القصص في آذان الأطفال وهم نيام.
وبمرور الأيام، تغير الأطفال، وبدأوا يطلبون من آبائهم ملابس تنكرية ليعيشوا أدوار شخصيات خيالية. أصيب البالغون بالحيرة، ثم بدأ بعضهم يتغير أيضًا.
استغرق الأمر عشرين عامًا، لكن البشر عادوا فضوليين، وقرروا تقليل عدد المراكز التجارية لصالح الحدائق والغابات، وأعادوا زراعة غابة الجن. وتم تجديد المكتبة الكبرى، وأصبح مارتن أمينها، وأعاد تسميتها بـ "المكتبة الكبرى للقصص".
عادت المعلمات تشجع الطلاب على الإبداع، وعاد الكبار للاستمتاع برواية القصص معًا. بقي دور "هالو" في هذا التغيير مجهولًا لفترة طويلة، لكنني آمل أنه بعد قراءة هذه القصة، ستبقون دائمًا فضوليين ومستعدين لسماع حكايات جديدة، لأن العالم بدون خيال، بدون قصص، هو عالم يحتضر.