بسم الله الرحمن الرحيم
هتاف النقم
تظل النعم مهما بلغت مكنونة مستورة ، لا يدري بها صاحبها ولا يشعر بفضلها ولا يدرك دورها كما هو ..!
ويظل شكرها متفاوت بين الناس حضورًا وغيابًا وزيادة ونقصًا ، وما رأيت ولا سمعت بشاكر لها نازعه رحيلها وآلمه فراقها فهي مرتبطة بالشكر تحل حيث حل وترحل حيث رحل فهو ماؤها وسقاؤها الذي يروي جذورها ويجعلها كأرض سقاها غيثًا مدرارًا فاهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج فابتهجت الأعين والأنفس والخواطر بها ورأى العقلاء دلائل البشر والسعادة تسري في عروقهم وتلمع في وجوهم ضياء وبهجة فانشغلوا بذكر وشكر المنعم طلبًا لاستدامتها وخوفاً من رحيلها ممتثلين قول المنعم سبحانه:
{*وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}
فالشكر لجامها وزمامها الذي يوثقها ويزيدها ويطيل بقاءها ويحشو فيها بركةً ونماءً ، والحديث بها وإظهارها بشكل يرضي المنعم ،لا شك أنه نوع من شكرها قال تعالى :
{*وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ*}
وفي المقابل تزول النعم وترحل إلى غير رجعة حينما يكفر بها ويبددها صاحبها في غير محلها ، لله كم من مظاهر وصور تهتف بكلتا اليدين للنقم وتصرخ بأعلى صوتها للمحن وا ثكل أمياه على نفسي وأهلي ومجتمعي ..؟
فصور الهتاف في ديارنا أكثر من أن تحصر فهي حاضرة مشهودة في أفراحنا وأتراحنا ومناسباتنا فكم وكم من صور الإسراف والبطر على أيدي السفهاء والجهلاء والمرائين وشحات السمعة وطلاب الجهاه ما يجعل الحريصين في مجتمعي يضعون أيديهم على أفواههم خوفاً من انفجار قنبلة النقم والاستخفاف بالنعم قال الله تعالى: {*وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ*}النحل112قال السعدي رحمه الله : “وألبسهم لباس الجوع الذي هو ضد الرغد، والخوف الذي هو ضد الأمن، وذلك بسبب صنيعهم وكفرهم وعدم شكرهم”
فيا من يقرأ حرفي اعلم إن لله سنناً ونواميس لا يمكن أن تحابي أحداً دون أحد، ولا قطراً دون قطر ، ولا يمكن أن تحيد عن مسارها الذي خطه لها ربها فلا فوت أيها العقلاء اقرؤوا إن شئتم قصص من سبق ممن رزقهم الله النعم فهانت عليهم واستخفوا بها وبشكرها ، اقرءوا قصة قوم سبأ وقصة قارون وانظروا في تاريخكم وتأملوا قصص المسرفين كيف بدل الله حالهم من الغنى للفقر ومن القوة للضعف ومن المنعة إلى الذل والحاجة والفاقة ..؟
ياأيها التاريخ حدث المسرفين في أفراحهم ومعيشتهم عن ملك وأمير إشبيليا المعتمد زوج اعتماد يوم طلبت منه زوجه أن تلعب بالطين كما يلعبن نساء الفلاحين به كيف حقق لها رغبتها وأمر بمزج الطين بالعود والمسك والعنبر والكافور لتعلب به وبناتها أو قل لتتضمخ به.؟ وكيف دار به العبث بالنعمة حتى تبدل بالملك أسراً وقهراً وبالمال فقراً وبالعز مهانة وذلاً ..؟
حدث أيها التاريخ وتحدث عن حاله وهو في سجنه بأغمات ينظر إلى بنياته وهن يغزلن للناس غير ملتمسات للغنى بل لسد رمق الجوع وكيف حال من مشت على عطر العود والمسك والزعفران تمشي حافية على الأرض ..؟
ألا ليتك أيها المؤيد المعتمد تطل برأسك فتنشدنا بيتيك الشهيرين!
دعا لي بالبقاء وكيف يهوى أسير أن يطول به البقاء
أليس الموت أروح من حياة يطول على الشقي به الشقاء
ياأيها التاريخ اخرج من صمتك المخيف انثر حروفك واحك تجاربك وانضح على وجوه الغافلين سنن الله المحفوظة بين دفتيك ليرى الحقيقة كل أصور وأعور وكل أغمش وأعشى..!
يا أيها التاريخ إن كنت تتخذ من الناس صديقا فخذني لك صديقاً صادقاً واحفظ لي في طياتك موقفي هذا وانثره على محبيك عبر الزمن الباقي فإني أبرأ إلى الله مما يصنع أهلي ومجتمعي من الإسراف والتبذير ..!!
بقلم الشيخ: عامر حمود العمري
#شبكة_انكور_التطويرية
هتاف النقم
تظل النعم مهما بلغت مكنونة مستورة ، لا يدري بها صاحبها ولا يشعر بفضلها ولا يدرك دورها كما هو ..!
ويظل شكرها متفاوت بين الناس حضورًا وغيابًا وزيادة ونقصًا ، وما رأيت ولا سمعت بشاكر لها نازعه رحيلها وآلمه فراقها فهي مرتبطة بالشكر تحل حيث حل وترحل حيث رحل فهو ماؤها وسقاؤها الذي يروي جذورها ويجعلها كأرض سقاها غيثًا مدرارًا فاهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج فابتهجت الأعين والأنفس والخواطر بها ورأى العقلاء دلائل البشر والسعادة تسري في عروقهم وتلمع في وجوهم ضياء وبهجة فانشغلوا بذكر وشكر المنعم طلبًا لاستدامتها وخوفاً من رحيلها ممتثلين قول المنعم سبحانه:
{*وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}
فالشكر لجامها وزمامها الذي يوثقها ويزيدها ويطيل بقاءها ويحشو فيها بركةً ونماءً ، والحديث بها وإظهارها بشكل يرضي المنعم ،لا شك أنه نوع من شكرها قال تعالى :
{*وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ*}
وفي المقابل تزول النعم وترحل إلى غير رجعة حينما يكفر بها ويبددها صاحبها في غير محلها ، لله كم من مظاهر وصور تهتف بكلتا اليدين للنقم وتصرخ بأعلى صوتها للمحن وا ثكل أمياه على نفسي وأهلي ومجتمعي ..؟
فصور الهتاف في ديارنا أكثر من أن تحصر فهي حاضرة مشهودة في أفراحنا وأتراحنا ومناسباتنا فكم وكم من صور الإسراف والبطر على أيدي السفهاء والجهلاء والمرائين وشحات السمعة وطلاب الجهاه ما يجعل الحريصين في مجتمعي يضعون أيديهم على أفواههم خوفاً من انفجار قنبلة النقم والاستخفاف بالنعم قال الله تعالى: {*وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ*}النحل112قال السعدي رحمه الله : “وألبسهم لباس الجوع الذي هو ضد الرغد، والخوف الذي هو ضد الأمن، وذلك بسبب صنيعهم وكفرهم وعدم شكرهم”
فيا من يقرأ حرفي اعلم إن لله سنناً ونواميس لا يمكن أن تحابي أحداً دون أحد، ولا قطراً دون قطر ، ولا يمكن أن تحيد عن مسارها الذي خطه لها ربها فلا فوت أيها العقلاء اقرؤوا إن شئتم قصص من سبق ممن رزقهم الله النعم فهانت عليهم واستخفوا بها وبشكرها ، اقرءوا قصة قوم سبأ وقصة قارون وانظروا في تاريخكم وتأملوا قصص المسرفين كيف بدل الله حالهم من الغنى للفقر ومن القوة للضعف ومن المنعة إلى الذل والحاجة والفاقة ..؟
ياأيها التاريخ حدث المسرفين في أفراحهم ومعيشتهم عن ملك وأمير إشبيليا المعتمد زوج اعتماد يوم طلبت منه زوجه أن تلعب بالطين كما يلعبن نساء الفلاحين به كيف حقق لها رغبتها وأمر بمزج الطين بالعود والمسك والعنبر والكافور لتعلب به وبناتها أو قل لتتضمخ به.؟ وكيف دار به العبث بالنعمة حتى تبدل بالملك أسراً وقهراً وبالمال فقراً وبالعز مهانة وذلاً ..؟
حدث أيها التاريخ وتحدث عن حاله وهو في سجنه بأغمات ينظر إلى بنياته وهن يغزلن للناس غير ملتمسات للغنى بل لسد رمق الجوع وكيف حال من مشت على عطر العود والمسك والزعفران تمشي حافية على الأرض ..؟
ألا ليتك أيها المؤيد المعتمد تطل برأسك فتنشدنا بيتيك الشهيرين!
دعا لي بالبقاء وكيف يهوى أسير أن يطول به البقاء
أليس الموت أروح من حياة يطول على الشقي به الشقاء
ياأيها التاريخ اخرج من صمتك المخيف انثر حروفك واحك تجاربك وانضح على وجوه الغافلين سنن الله المحفوظة بين دفتيك ليرى الحقيقة كل أصور وأعور وكل أغمش وأعشى..!
يا أيها التاريخ إن كنت تتخذ من الناس صديقا فخذني لك صديقاً صادقاً واحفظ لي في طياتك موقفي هذا وانثره على محبيك عبر الزمن الباقي فإني أبرأ إلى الله مما يصنع أهلي ومجتمعي من الإسراف والتبذير ..!!
بقلم الشيخ: عامر حمود العمري
#شبكة_انكور_التطويرية