إجازة العمل
الإجازة congé هي انقطاع العامل عن العمل في الحدود المسموح بها وفقاً لنظام العمل النافذ في الجهة التي يعمل لديها، لأن الأصل أن يخصص العامل وقته وجهده لأداء واجبات عمله وألا ينقطع عن مباشرتها إلا إذا حصل مقدماً على إجازة أو كان في أحد الأوضاع التي تسمح له بالغياب عن العمل.
وقد تناول التشريع السوري بالبحث موضوع الإجازات، فحدد مدتها وعدد أسباب منحها، وطريقة الحصول عليها، بموجب القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم (1) لعام 1985، فيما يخص العاملين في الجهات العامة، وأما إجازات العاملين في القطاع الخاص فقد تولى قانون العمل رقم 91 لعام 1959 أمرها من وجوهها كافة، وثمة أنظمة أخرى تحكم وضع العاملين المستثنين من الخضوع للقانون الأساسي للعاملين في الدولة ووضع العاملين في القطاع الزراعي الذين ينتظمهم قانون العلاقات الزراعية رقم 134 لعام 1958، وهذه النظم في مجموعها وجوهرها لا تخرج عن الأسس المحددة في التشريعين السابقين.
والإجازات بوجه عام تنقسم بحسب طبيعتها وأسباب منحها إلى إجازات إدارية سنوية، وصحية، واضطرارية، كما تقسم بحسب استحقاق الأجر عنها إلى إجازات مأجورة وأخرى بدون أجر.
الإجازة الإدارية السنوية
هي انقطاع العامل عن عمله مدة من الزمن، ليستعيد نشاطه وقوته، ويعود بعدها أقدر على النهوض بالعمل المنوط به، وتحرص التشريعات الاجتماعية على منع العامل المجاز من أن يعمل في أثناء إجازته لدى رب عمل آخر تحقيقاً للغاية المرجوة من منح هذه الإجازة. وتلتزم الجهة صاحبة العمل منح كل من العاملين لديها هذه الإجازة السنوية بحسبانها حقاً مقرراً في التشريعات النافذة، وفقاً للأنظمة التي تحكمهم في هذا الصدد. وقد حددت المادة 44 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة مدة هذه الإجازة، فأوجبت منح العامل الذي تقل خدمته الفعلية أو ما في حكمها عن خمس سنوات، إجازة سنوية مدتها خمسة عشر يوماً، وأما العامل الذي بلغت خدمته الفعلية أو ما في حكمها خمس سنوات حتى عشر سنوات فيمنح واحداً وعشرين يوماً، ويمنح العامل الذي بلغت خدمته الفعلية أو ما في حكمها عشر سنوات، ستة وعشرين يوماً، وأما إجازة العامل الذي أتم الخمسين من العمر أو تجاوزت خدمته الفعلية أو ما في حكمها عشرين سنة، فتكون ثلاثين يوماً. وتنظم الجهة العامة موضوع منح هذه الإجازة على نحو تراعي فيه رغبة العامل بشرط ألا تتعارض مع مصلحة العمل، مع أن الإجازة السنوية إلزامية بحسب مطلع نص المادة 44 من القانون، فإن الجهة العامة تترخص في منحها أو منعها أو تقصير مدتها أو قطعها، بحسب ما يقتضيه حسن سير العمل. ويستفيد الوكلاء من هذه الإجازة إذا تجاوزت خدمتهم ستة أشهر مستمرة، ولكن بنسبة خدمتهم، على ألا تتجاوز مدتها خمسة عشر يوماً في السنة الواحدة، على ما تنطق به المادة (77-1) من القانون المذكور، أما العاملون الذين يتمتعون بالعطلات المدرسية فليس لهم الحق في الحصول على هذه الإجازة، المادة (47- ب1).
وأما في القطاع الخاص، فقد نظمت المادة 58 من قانون العمل رقم 91 لعام 1959، الإجازة السنوية التي تعطى للعمال، فقضت بإلزام صاحب العمل، إعطاء كل عامل أمضى في خدمته سنة كاملة إجازة سنوية مدتها أربعة عشر يوماً بأجر كامل، على أن تزاد الإجازة إلى 21 يوماً متى أمضى العامل عشر سنوات متصلة في خدمة صاحب العمل، وحظرت المادة المذكورة على العامل أن ينزل عن حقه في الإجازة، إلا أنها أجازت لصاحب العمل، وبناءً على طلب كتابي من العامل، أن يؤجل إعطاء العامل إجازته التي تزيد على ستة أيام إلى سنة تالية، ويبقى للعامل الحق في الحصول على أجره عن أيام الإجازة المستحقة له، إذا ترك العمل قبل استعمالها.
وفي قطاع العمل الزراعي نظمت المادة 107 من قانون العلاقات الزراعية رقم 134 لسنة 1958 موضوع الإجازة السنوية إذ أوجبت هذه المادة على صاحب العمل الذي يستخدم عاملاً زراعياً بصورة مستمرة مدة عشرة أشهر فأكثر، أن يعطيه إجازة سنوية مدتها أسبوعان ينال العامل فيها أجراًَ كاملاً، ويحق لصاحب العمل أن يختار تاريخ هذه الإجازات بحسب مقتضيات العمل أو أن يمنحها بالتناوب كي يضمن سير العمل. وتجوز تجزئة الإجازة السنوية بشرط ألا تقل مدة الاستفادة من الإجازة المستمرة عن أسبوع في السنة.
الإجازة الصحية أو المرضية
تمنح الإجازة الصحية إذا ألمت بالعامل حالة مرضية تستلزم منحه الإجازة، وهكذا نصت المادة (48-1) على استحقاق العامل لإجازة صحية إذا قامت موجباتها. وجعلت حدها الأقصى 200 يوم متصلة أو منفصلة، في كل عام من خدمته يتقاضى عنها 80٪ من أجره عن الثلاثين يوماً الأولى وأجراً كاملاً عن المئة والسبعين يوماً التالية، وإذا كانت حالة العامل المريض في بعثة خارجية لا تسمح بنقله إلى الوطن فيمنح بقرار من وزير الخارجية، إجازة صحية إضافية لمدة ثلاثة أشهر، حتى يتم نقله أو شفاؤه في أثنائها، ويستمر العامل المريض في هذه الحالة على تقاضي أجوره وتعويضاته وبدل اغترابه. وتعد الإجازة الصحية من الخدمات الفعلية.
وتجدر الإشارة إلى أنه يتعين على العامل المريض أن يخطر الجهة العامة التي يتبعها فوراً، لتتخذ الإجراءات اللازمة لسد الفراغ الذي يحدثه انقطاعه عن العمل أولاً، ولتتحقق من واقعة المرض ثانياً.
وقد عرضت المادة (52- آ) من القانون الأساسي للعاملين لحالة العامل المريض الذي قد تطول مدة مرضه فأوجبت إحالته على لجنة التسريح الطبية المختصة في الحالتين التاليتين: إذا بلغت مدة إجازاته الصحية 180 يوماً بصورة متصلة، وإذا بلغت مدة إجازاته الصحية 200 يوم في السنة الميلادية الواحدة. وعلى ألا تتجاوز مدة الغياب الصحي بأجر أو بنسبة 80٪ من الأجر 18 شهراً بصورة متفرقة في خمس سنوات بما فيها السنة الجارية.
وقد حدد القرار رقم 2700 الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء في 25/9/1985 كيفية تشكيل لجان التسريح الطبية في دمشق وطبيعة اختصاصها، كما قضى بتشكيل لجان للغاية المذكورة ذاتها في مراكز المحافظات وبين الأصول التي تتبعها هذه اللجان في ممارسة عملها في هذا الصدد.
أما في القطاع الخاص، فقد عالجت المادة 63 من قانون العمل رقم 91 لعام 1959 حالة العامل المريض، فقضت بمنح العامل الذي يثبت مرضه الحق في أجر يعادل 70٪ من أجره عن التسعين يوماً الأولى، تزاد بعدها إلى 80٪ عن التسعين يوماً التالية وذلك في السنة الواحدة.
إجازة الأمومة
إن إجازة الأمومة تلحق بالإجازة الصحية وتدخل في مفهومها، إلا أن المشرع أفردها بقسم مستقل، بحسبان أن الإفادة منها إنما تقتصر على الحوامل من العاملات من دون غيرهن. ومنح إجازة الأمومة يأتي استجابة لدواعي الضرورة التي تفرض على الأم أن تتفرغ لرعاية وليدها أداء لواجب أسري لا غنى عنه وتحقيقاً لغاية إنسانية قررتها التشريعات الاجتماعية. وقد نصت المادة 54 من القانون على منح العاملة إجازة أمومة بكامل الأجر مدتها (خمسة وسبعون يوماً، تبدأ في الأحوال العادية في الشهر التاسع من الحمل)، وتعطى هذه الإجازة كاملة ولو توفي المولود، على أن منح هذه الإجازة مشروط بتقديم شهادة طبية، مصدقة، تبين أن العاملة في الشهر التاسع من الحمل، فإذا وقعت الولادة في الشهر التاسع من الحمل، قبل طلب الإجازة، تكون مدة الإجازة ستين يوماً من تاريخ الولادة، أما إذا وقعت الولادة بين الشهر السابع والتاسع، فتكون مدة الإجازة خمسة وسبعين يوماً من تاريخ الولادة، كما يسوغ منح من ترغب من العاملات إجازة أمومة إضافية مدتها شهر واحد تتقاضى فيه 80٪ من الأجر، ومن دون أجر مدة شهر آخر.
الإجازات الاضطرارية
هي الإجازات التي تستدعيها أسباب عارضة أو طارئة تتصل بحياة العامل الخاصة الأسرية والاجتماعية. وقد نصت المادة 55 من القانون على حق العامل في الانقطاع عن عمله بأجر كامل مدة أسبوع عند زواجه، وكذلك في الانقطاع عن العمل مدة خمسة أيام متصلة بأجر كامل عند وفاة أحد أصوله أو فروعه أو زوجه أو أخيه أو أخته.
إجازة الحج
تمنح إجازة الحج مرة واحدة طوال مدة الخدمة، وقد سمحت المادة 56 من القانون للعامل أن ينقطع عن عمله مدة 30 يوماً للمسلمين و 7 أيام للمسيحيين. ويتوقف منح إجازة الحج على وجود العامل مدة لا تقل عن خمس سنوات في الخدمة لدى الجهات العامة.