في مقالة على مجلة Science العلمية، كتب لان نغوين تشابلين عن رحلته الطويلة في مواجهة ضغوط الحياة المهنية والشخصية، والتحديات التي واجهها في سعيه المستمر لإظهار القوة والصلابة. يروي الكاتب حادثة مفصلية حين تلقى مكالمة من شقيقته قبل لحظات من بدء محاضرة جامعية، تخبره أن والدته ستخضع لجراحة طارئة قد لا تنجو منها. رغم الصدمة، قدم محاضرته كالمعتاد، دون أن يظهر أي أثر للقلق أو التوتر، لكنه انهار لاحقًا وهو يحاول حجز أول رحلة سفر لرؤية والدته. هذه التجربة لم تكن سوى واحدة من سلسلة طويلة من المواقف التي اعتاد فيها إخفاء مشاعره والظهور بمظهر القوي الذي لا يتزعزع.
يتعمق تشابلين في تحليل أسباب هذا السلوك، موضحًا أنه نشأ كأصغر طفل في عائلة لاجئة فيتنامية مكونة من 14 فردًا، حيث كان إظهار القوة يعتبر وسيلة لتكريم تضحيات والديه وأشقائه الذين قدموا له حياة أفضل في الولايات المتحدة. في مسيرته الأكاديمية والمهنية، عمل بجد للحفاظ على صورة الشخصية القوية والمتماسكة، خوفًا من أن يُنظر إليه على أنه ضعيف أو غير كفء. لكن مع تراكم الضغوط—من فقدان الأحبة، إلى المشكلات الصحية، والتحديات المهنية، والعلاقات الفاشلة—أدرك أن سعيه المستمر للظهور كشخص لا يتأثر قد أصبح عبئًا نفسيًا يفوق قدرته على الاحتمال.
يتعمق تشابلين في تحليل أسباب هذا السلوك، موضحًا أنه نشأ كأصغر طفل في عائلة لاجئة فيتنامية مكونة من 14 فردًا، حيث كان إظهار القوة يعتبر وسيلة لتكريم تضحيات والديه وأشقائه الذين قدموا له حياة أفضل في الولايات المتحدة. في مسيرته الأكاديمية والمهنية، عمل بجد للحفاظ على صورة الشخصية القوية والمتماسكة، خوفًا من أن يُنظر إليه على أنه ضعيف أو غير كفء. لكن مع تراكم الضغوط—من فقدان الأحبة، إلى المشكلات الصحية، والتحديات المهنية، والعلاقات الفاشلة—أدرك أن سعيه المستمر للظهور كشخص لا يتأثر قد أصبح عبئًا نفسيًا يفوق قدرته على الاحتمال.
يقول تشابلين "قبل لحظات من توجهي لتدريس إحدى المحاضرات، تلقيت مكالمة من أختي: كانت أمي تخضع لجراحة طارئة، وكان هناك احتمال ألا تنجو حتى الصباح. بعد خمس دقائق، وقفت أمام 68 طالب ماجستير في إدارة الأعمال وألقيت المحاضرة دون أن أفوت أي لحظة، بل وبقيت بعدها لبضع دقائق إضافية للإجابة على الأسئلة. تمسكت بقوتي حتى دخلت السيارة للعودة إلى المنزل. عندها فقط انهرت تمامًا. كنت أكافح لرؤية الطريق من خلال دموعي بينما كنت أتحدث مع وكيل السفر لحجز أول رحلة متاحة. نجت والدتي من الجراحة، ولم أفوت أي يوم عمل، ولم يعلم أي من زملائي أنني قضيت عطلة نهاية الأسبوع مع والدتي في وحدة العناية المركزة. استمرت مسيرتي كأستاذ مساعد كالمعتاد.
كان رد فعلي تجاه أزمة والدتي متوافقًا مع خوفي العميق والمستمر من إظهار الضعف أو الاعتراف بالشعور بالإرهاق. باعتباري الأصغر بين 14 طفلًا في عائلة لاجئة فيتنامية، كنت أرى أن إظهار القوة هو أفضل وسيلة لتكريم تضحيات والديّ وإخوتي، التي منحتني حياةً أفضل في الولايات المتحدة. خلال مسيرتي الأكاديمية وحتى عملي كأستاذ جامعي ومتحدث عالمي ومستشار، كنت أتجنب إظهار أي تصدعات في درعي. لم أكن أرغب في أن يشكك زملائي في قدراتي أو أن يراني أصدقائي وعائلتي أقل من شخص صامد لا يتزعزع. ومع تتابع المصاعب عليّ—من فقدان العديد من أفراد عائلتي، والتحديات المهنية، والمخاوف الصحية، والمشكلات المالية، والعلاقات الفاشلة—حافظت على مظهر القوة المطلقة بينما كنت أتحطم داخليًا تحت وطأة توقعاتي ومخاوفي.
المقربون مني... ساعدوني على إدراك أنه لا عيب في طلب المساعدة.
- لان نغوين تشابلين – جامعة نورث وسترن
لكن بعد حوالي 15 عامًا من تلك الحادثة مع والدتي، ومع اقترابي من منتصف مسيرتي المهنية، وصلت إلى نقطة الانهيار. خسرت معركة استمرت 15 شهرًا للحصول على ترقية، واجهت مشكلة صحية، وعشت تغيرًا عميقًا في حياتي العائلية. عندها أدركت أن إرهاقي المستمر، ليالي الأرق، الصداع النصفي، وعدم قدرتي على التركيز كانت كلها مؤشرات واضحة على أن سعيي الدؤوب وراء القوة أصبح يأتي بنتائج عكسية.
لا زلت أشعر بالقلق من نظرة الآخرين إليّ إذا اعترفت بأنني مرهق، أو الأسوأ، أنني بحاجة إلى دعمهم. لكنني بحثت عميقًا لأجد نوعًا جديدًا من القوة: القدرة على الاعتراف بحدودي، والسعي نحو طريق جديد للمضي قدمًا.
بحذر، بدأت أكشف جزءًا صغيرًا من معاناتي لأصدقائي وزملائي، أراقب ردود أفعالهم عن كثب. بعضهم قلل من تجربتي بقول أشياء مثل: "يمكن أن يكون الوضع أسوأ" أو "الجميع يمرون بأوقات صعبة"، أو اعتقدوا أن الحل هو تشتيت انتباهي عن مخاوفي لإسعادي، فابتعدت عنهم بهدوء. لكن قلة قليلة استقبلوا حديثي بتعاطف حقيقي، وأصبحوا مقربين مني. فتحت لهم قلبي بالكامل، وأخبرتهم أنني وصلت إلى حد الإنهاك بعد ما يقارب ثلاثة عقود من دفع نفسي إلى التحلي بالقوة رغم المصاعب.
لدهشتي العظيمة، استمعوا إليّ دون إصدار أحكام، واحترموا حدودي وطريقتي في التعامل مع الأمور. قدموا لي معلومات عن خدمات الاستشارة، والمساعدة القانونية، ومجموعات الدعم، وخطوط المساعدة. ساعدوني على إدراك أنه لا عيب في طلب المساعدة، وأنه حتى المهنيين في مناصب قيادية قد يحتاجون إلى الدعم. كما شجعوني على إعطاء الأولوية لصحتي النفسية والجسدية.
إلى أي شخص يتحمل عبء القوة المستمرة، اسمع هذا: القوة الحقيقية لا تعني عدم التعثر أبدًا، بل تعني امتلاك الشجاعة للاعتراف عندما نعاني، ومدّ أيدينا لطلب الدعم، والتحلي بالعزيمة لنلملم شتات أنفسنا ونزدهر من جديد."
القوة الحقيقية
من خلال تجربته الشخصية، يكشف لان نغوين تشابلين عن المفهوم الخاطئ للقوة الذي تبناه على مدار حياته، حيث اعتقد أن الصمود المستمر وإخفاء المشاعر هو السبيل الوحيد للتعامل مع التحديات. غير أن هذه القناعة أدت به إلى الإرهاق النفسي والجسدي، وجعلته غير قادر على مواجهة الأزمات بطريقة صحية. يوضح المقال أن المجتمع غالبًا ما يعزز هذه الفكرة عبر عبارات مثل "أنت قوي" أو "يمكنك تجاوز أي شيء"، مما يجعل من الصعب على الأفراد الاعتراف بضعفهم أو طلب المساعدة.
لكن نقطة التحول في حياته جاءت عندما أدرك أن إخفاء المشاعر لا يعني القوة، بل قد يكون عائقًا أمام النمو الشخصي والمهني. عندما بدأ في مشاركة معاناته بحذر، وجد أن بعض الأشخاص استجابوا له بتعاطف حقيقي، وقدموا له الدعم والمساندة التي كان بحاجة إليها. تعلم من خلالهم أن طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل هو خطوة ضرورية نحو التعافي والازدهار.
في النهاية، يوجه تشابلين رسالة واضحة: القوة الحقيقية لا تكمن في القدرة على تحمل كل شيء بمفردنا، بل في امتلاك الشجاعة للاعتراف بأننا بحاجة إلى الآخرين. إن السماح لأنفسنا بأن نكون ضعفاء أحيانًا، والتواصل مع من يحيطون بنا لطلب الدعم، هو ما يمكننا من إعادة بناء أنفسنا والمضي قدمًا نحو حياة أكثر توازنًا وصحة.
لكن نقطة التحول في حياته جاءت عندما أدرك أن إخفاء المشاعر لا يعني القوة، بل قد يكون عائقًا أمام النمو الشخصي والمهني. عندما بدأ في مشاركة معاناته بحذر، وجد أن بعض الأشخاص استجابوا له بتعاطف حقيقي، وقدموا له الدعم والمساندة التي كان بحاجة إليها. تعلم من خلالهم أن طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل هو خطوة ضرورية نحو التعافي والازدهار.
في النهاية، يوجه تشابلين رسالة واضحة: القوة الحقيقية لا تكمن في القدرة على تحمل كل شيء بمفردنا، بل في امتلاك الشجاعة للاعتراف بأننا بحاجة إلى الآخرين. إن السماح لأنفسنا بأن نكون ضعفاء أحيانًا، والتواصل مع من يحيطون بنا لطلب الدعم، هو ما يمكننا من إعادة بناء أنفسنا والمضي قدمًا نحو حياة أكثر توازنًا وصحة.