يُعتبر العصر الجاهلي أقدم العصور الأدبية في تاريخ العرب، ويطلق عليه بعض الدارسين اسم "عصر ما قبل الإسلام". وهو عصر موغل في القدم، بعيد العهد في الزمن والامتداد. كان هذا الأدب العربي القديم ينبع من قلب الجزيرة العربية، أو شبه جزيرة العرب، ذات الصحارى الشاسعة والبطاح الممتدة، التي تحفها وتتخللها جبال وهضاب مختلفة. فمنها ما يحاذي البحر الأحمر غربًا، ومنها ما يقع في اليمن جنوبًا، بالإضافة إلى هضبة نجد التي ترتفع ممتدة في وسط الشمال، لتضم سلسلة أخرى من الجبال. هذه المناطق جميعها كانت مسرحًا لأحداث سياسية واجتماعية واقتصادية، مثل الحروب والغزوات، مما ترك بصمات واضحة على الأدب الجاهلي في شعره ونثره.
معنى الجاهلية وسماتها
كلمة "الجاهلية" تشير إلى الحالة التي كان عليها العرب قبل الإسلام، وقد استحدثت بعد نزول القرآن وأطلقت على الزمن الذي سبق البعثة النبوية حتى فتح مكة وإرساء قواعد الدولة الإسلامية الجديدة. وكان اللافت في هذه التسمية إشارة العرب إلى الحماسة التي تستند إلى العصبية والقوة، والجهل الذي يناقض الحلم والأناة، ويدل على التسرع إلى الشر. ومن ذلك قول عمرو بن كلثوم: "ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا". ومع مرور الوقت، ارتدى هذا اللفظ لبوساً إسلامياً ليشمل معنى الضلال والبعد عن طريق الهداية، كما جاء في آية التنزيل: "يظنّونَ باللهِ غيرَ الحقِّ ظَنَّ الجاهلية".
الكلمة الجاهلية في السياقات المختلفة
الكلمة ذاتها تُنسب إلى القرآن الكريم في اشتقاقها، وقد استخدمها المسلمون للإشارة إلى جماعة الجاهلية وأنصارها. ومن الأمثلة على ذلك قول ابن عباس: "سمعت أبي في الجاهلية يقول..."، ومن هنا نسبوا إليها فقالوا: "جاهلي"، سواء في الشعراء أو الخطباء أو الحكماء. وبذلك أصبحت كلمة "الجاهلية" رمزًا لحقبة زمنية لا تقتصر فقط على الجانب الزمني، بل تمتد لتشمل طبيعة الحياة الفكرية والاجتماعية والثقافية للعرب في تلك الفترة. إنها فترة غنية بالتاريخ والتراث، تُعد الأساس الذي انطلق منه الأدب العربي ليصل إلى ذروته في العصر الإسلامي وما بعده. Ask Explain
التعديل الأخير بواسطة المشرف: