أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مسعى دبلوماسيًا كبيرًا خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط. فإلى جانب تقارير تفيد بأنه أمّن أكثر من تريليوني دولار من الاستثمارات المستقبلية من دول الخليج، فقد تجاوز أيضًا عتبة دبلوماسية بلقائه مع الرئيس السوري الانتقالي الجديد، أحمد الشرع. قبل الاجتماع، أعرب الرئيس ترامب عن اهتمامه برفع العقوبات المفروضة على سوريا، والتي حولت البلاد إلى دولة منبوذة، قبل نفي بشار الأسد وبعده. من خلال تطبيع العلاقة مع الرئيس الانتقالي الشرع والانفتاح على التعافي الاقتصادي الكامل، تقدم إدارة ترامب فرصة ذهبية لإعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي والمساهمة في دعم أمة أنهكتها الحرب.
على خلفية الهجوم الخاطف للمعارضة المسلحة، الذي شهد انهيار الجيش السوري بقيادة حزب البعث، فرّ الديكتاتور القديم بشار الأسد إلى المنفى في روسيا. وعلى النقيض، توحدت عدة فصائل متمردة في دمشق. ورغم تحقيق نصر حاسم أنهى حربًا استمرت ثلاثة عشر عامًا، ظلت سوريا في حالة كارثية. وتحت وطأة العقوبات والعزلة الدولية التي فرضها نظام الأسد، أصبحت الليرة السورية من أضعف العملات أمام الدولار، ولم يكن بمقدور معظم مناطق البلاد توفير الكهرباء على مدار الساعة لمواطنيها. وباستثناء مركز دمشق، واللاذقية، وسواحل طرطوس، كانت البنية التحتية في أغلب أنحاء سوريا مدمرة، وزاد من سوء الوضع الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد عام 2023. كما ساهمت تجارة الكبتاغون التي رعاها الأسد في تعميق عزلة سوريا عن العالم العربي، بينما أوقفت عقوبات "قانون قيصر" المشاريع الدولية وجعلت من سوريا دولة منبوذة. وخاف ملايين السوريين من العودة إلى وطن غير مستقر يفتقر إلى خطة واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار.
في ظل تولي الحكومة الانتقالية الجديدة للسلطة، بدأت العديد من الدول في إعادة ترميم العلاقات مع سوريا. وكانت السعودية وتركيا في طليعة هذه الجهود، حيث يتمتع أحمد الشرع بعلاقات وثيقة مع كل من رئيسي الدولتين. أولًا، ستسعى أنقرة إلى المساهمة في استعادة شبكة الطاقة في سوريا ووضع خطط لإعادة ربط شبكة السكك الحديدية السورية القديمة. أما الرياض، فستعمل على تطبيع صورة الشرع لدى جامعة الدول العربية وتقديمه بصورة إيجابية رغم ماضيه المتطرف. وكان لرئيس الوزراء السعودي محمد بن سلمان دور حاسم في تهيئة الأجواء لإقناع الرئيس ترامب بالاعتراف بحكم الشرع. كما ستسهم السعودية في سداد الديون الدولية المترتبة على سوريا للمساعدة في تخفيف أعباء البلد المنكوب بالحرب.
وسط حالة من عدم اليقين بشأن استمرار النفوذ الروسي في سوريا، سجلت فرنسا استثمارًا كبيرًا في محميتها السابقة. ففي الفترة بين أواخر أبريل وأوائل مايو 2025، وقّعت شركة CMA CGM الفرنسية العملاقة للشحن البحري عقدًا لمدة ثلاثين عامًا لتطوير وتحسين ميناء اللاذقية، إلى جانب تولي العمليات الإدارية اليومية فيه، مما يفتح المجال أمام سوريا لتلقي مساعدات هي في أمسّ الحاجة إليها من الغرب. وفي 15 مايو، وقّعت شركة موانئ دبي العالمية استثمارًا بقيمة 800 مليون دولار في ميناء طرطوس البحري. كما عبّر الرئيس ترامب عن اهتمامه بالمساعدة في إعادة إعمار سوريا، إذ كان اجتماعه مع الشرع إيجابيًا، وأظهرت الإجراءات الدبلوماسية الأمريكية اللاحقة مع دمشق نتائج مشجعة.
عامل رئيسي في إعادة إحياء سوريا سيكون تقويض نفوذ الدول والميليشيات التي لعبت أدوارًا محورية في تدميرها وزعزعة استقرارها. معظم المجتمع الدولي سيستفيد من عملية إنعاش سوريا المتنامية، في حين ستكون روسيا وحزب الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية من أبرز الخاسرين. فخلال حكم عائلة الأسد، كانت سوريا دولة تابعة للاتحاد السوفييتي ثم للاتحاد الروسي، حيث استخدمت روسيا ميناء طرطوس البحري لأسطولها في البحر الأبيض المتوسط. ويؤدي غياب الوجود على الساحل السوري إلى إعاقة طموحات روسيا في المنطقة، نظرًا لاعتماد "الأسطول الظلّي" والمرتزقة في إفريقيا على سوريا كمركز لوجستي.
لم تكتفِ إيران باستخدام سوريا كممر لنقل الأسلحة إلى ميليشياتها التابعة مثل حزب الله في لبنان، بل تدخّلت فعليًا وأقامت العديد من القواعد، وغيّرت التركيبة السكانية من خلال استقدام عشرات الآلاف من مقاتلي الميليشيات الشيعية وعائلاتهم. كانت الجمهورية الإسلامية تسعى لاستخدام سوريا كنقطة انطلاق لصراعات مسلحة مستقبلية ضد إسرائيل، مع الاستمرار في تزويد حزب الله بالسلاح، إلا أن الحكومة الجديدة تعارض بشدة النفوذ الإيراني. وبدون ممر بري مباشر، بات حزب الله أكثر عزلة وتحت الضغط لنزع سلاحه في ظل الحكومة اللبنانية الجديدة، كما أن وضع الجمهورية الإسلامية بات هشًا أيضًا. ومع فقدانها لأقوى ميليشياتها في المشرق العربي وحليفها الرئيس بشار الأسد، ستواجه طهران ضغوطًا أكبر. من المتوقع أن تلجأ الجمهورية الإسلامية إلى أساليب الحرب الهجينة لتأجيج العنف الطائفي بهدف الإبقاء على حالة عدم الاستقرار في سوريا.
وسوريا، التي أصبحت الآن منفتحة على المجتمع الدولي، تواجه تحديات مع الدول المجاورة. ومع ذلك، تتخذ الحكومة الحالية بقيادة الرئيس الشرع خطوات لإصلاح العلاقات وتعزيز الشراكات الدبلوماسية. لبنان، الذي تألم بسبب عقود من الاحتلال السوري في ظل عائلة الأسد، يشهد حاليًا مرحلة إعادة بناء للجمهورية، إذ بات حزب الله، الذي تضررت قدراته العسكرية بعد الحرب مع إسرائيل، معزولًا دون داعمه الإقليمي المباشر. ويتخذ أحمد الشرع موقفًا حازمًا ضد حزب الله على الحدود، بينما يعمل في الوقت نفسه على إصلاح العلاقات مع الحكومة اللبنانية. وقد وقعت عدة اشتباكات حدودية كبرى بين عناصر من حزب الله وقوات الحكومة السورية الجديدة، تدخلت فيها قوات الأمن اللبنانية للتخفيف من حدتها. وتمثل المحادثات المباشرة بين الرئيس اللبناني جوزيف عون والرئيس السوري الانتقالي الشرع، التي انتهت بنتائج إيجابية، خطوة قيّمة نحو تماسك المشرق.
كما كانت علاقات نظام الأسد سيئة مع تركيا والأردن بسبب أزمة اللاجئين وتجارة المخدرات. ومع تشديد الشرع على مكافحة تجارة المخدرات غير المشروعة، واستمرار التفاؤل داخل سوريا بفضل الاستثمارات الجديدة، يمكن تخفيف أزمتَي الكبتاغون واللاجئين في الدول المجاورة. وأخيرًا، سيكون على سوريا الجديدة التعامل مع الهجمات الإسرائيلية المتكررة، رغم أن الحكومة الانتقالية لم تردّ يومًا ولم تنجرّ إلى الاستفزازات الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن سوريا مستعدة لتطبيع العلاقات ضمن ظروف مناسبة، فإن إسرائيل تحت حكم بنيامين نتنياهو تتصرف بعدوانية ونفّذت العديد من العمليات العسكرية في سوريا منذ سقوط الأسد. ورغم هذا العدوان، أفادت تقارير بأن سوريا وإسرائيل تحدثتا عبر عدة قنوات خلفية، والولايات المتحدة لا تفرض على سوريا التطبيع كشرط لتخفيف العقوبات. ومع لقاء الرئيس ترامب، الذي أبدى إعجابه بالشرع، أصبح لدى سوريا الآن مسار من خلال القنوات الغربية قد يُستخدم لممارسة ضغط دبلوماسي على نتنياهو إذا ما هددت تصرفاته استقرار المنطقة.
إن إعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي والمساعدة في إنعاش اقتصاد دمشق المحتضر سيكون مفيدًا جدًا من ناحية إنسانية وعلاقات خارجية في الوقت الراهن. فقد أدت حالة عدم الاستقرار في سوريا إلى تداعيات كبرى في العراق ولبنان وتركيا والأردن وأوروبا وغيرها، ويمكن لسوريا مستقرة أن تعيق أي موجات جديدة من زعزعة الاستقرار. كما أن أزمة اللاجئين العالمية، التي تقترب أصلًا من نقطة الانهيار، تفاقمت بسبب الحرب الأهلية السورية التي استمرت نحو أربعة عشر عامًا. ومع وجود استثمارات في سوريا وحكومة تحظى بدعم إقليمي ودولي كامل من أجل تحقيق الاستقرار، يمكن للاجئين السوريين أن يعودوا إلى وطنهم في المستقبل. وبموقعها الاستراتيجي في شرق المتوسط بين إسرائيل وتركيا والعراق، وبساحلها البحري الكبير، يمكن لدمشق والتجارة العالمية أن تستفيد من الاستثمارات الدولية في التجارة البحرية. علاوة على ذلك، فإن الدمار الاجتماعي–الاقتصادي والعزلة عن العالم لم يؤديا سوى إلى تغذية الجماعات المتطرفة في سوريا. أما الآن، ومع مسار الاستقرار المدعوم من جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يمكن لسوريا أن تحارب التطرف، وتتبادل المعلومات الاستخبارية مع اللاعبين الإقليميين الأساسيين، وتطلب المساعدة في مواجهة الجماعات الخارجة عن القانون مثل داعش. يمكن أن يبدو مستقبل سوريا مشرقًا، مع تفاؤل بإعادة إدماجها في الساحة الدولية. فمع تزايد الاستثمارات الدولية، وتفاؤل الغرب، وصعود حكومة انتقالية تحظى بالشعبية، يمكن للمكانة الإقليمية المتنامية لسوريا أن تُعيد الاستقرار إلى البلاد.
على خلفية الهجوم الخاطف للمعارضة المسلحة، الذي شهد انهيار الجيش السوري بقيادة حزب البعث، فرّ الديكتاتور القديم بشار الأسد إلى المنفى في روسيا. وعلى النقيض، توحدت عدة فصائل متمردة في دمشق. ورغم تحقيق نصر حاسم أنهى حربًا استمرت ثلاثة عشر عامًا، ظلت سوريا في حالة كارثية. وتحت وطأة العقوبات والعزلة الدولية التي فرضها نظام الأسد، أصبحت الليرة السورية من أضعف العملات أمام الدولار، ولم يكن بمقدور معظم مناطق البلاد توفير الكهرباء على مدار الساعة لمواطنيها. وباستثناء مركز دمشق، واللاذقية، وسواحل طرطوس، كانت البنية التحتية في أغلب أنحاء سوريا مدمرة، وزاد من سوء الوضع الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد عام 2023. كما ساهمت تجارة الكبتاغون التي رعاها الأسد في تعميق عزلة سوريا عن العالم العربي، بينما أوقفت عقوبات "قانون قيصر" المشاريع الدولية وجعلت من سوريا دولة منبوذة. وخاف ملايين السوريين من العودة إلى وطن غير مستقر يفتقر إلى خطة واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار.
في ظل تولي الحكومة الانتقالية الجديدة للسلطة، بدأت العديد من الدول في إعادة ترميم العلاقات مع سوريا. وكانت السعودية وتركيا في طليعة هذه الجهود، حيث يتمتع أحمد الشرع بعلاقات وثيقة مع كل من رئيسي الدولتين. أولًا، ستسعى أنقرة إلى المساهمة في استعادة شبكة الطاقة في سوريا ووضع خطط لإعادة ربط شبكة السكك الحديدية السورية القديمة. أما الرياض، فستعمل على تطبيع صورة الشرع لدى جامعة الدول العربية وتقديمه بصورة إيجابية رغم ماضيه المتطرف. وكان لرئيس الوزراء السعودي محمد بن سلمان دور حاسم في تهيئة الأجواء لإقناع الرئيس ترامب بالاعتراف بحكم الشرع. كما ستسهم السعودية في سداد الديون الدولية المترتبة على سوريا للمساعدة في تخفيف أعباء البلد المنكوب بالحرب.
وسط حالة من عدم اليقين بشأن استمرار النفوذ الروسي في سوريا، سجلت فرنسا استثمارًا كبيرًا في محميتها السابقة. ففي الفترة بين أواخر أبريل وأوائل مايو 2025، وقّعت شركة CMA CGM الفرنسية العملاقة للشحن البحري عقدًا لمدة ثلاثين عامًا لتطوير وتحسين ميناء اللاذقية، إلى جانب تولي العمليات الإدارية اليومية فيه، مما يفتح المجال أمام سوريا لتلقي مساعدات هي في أمسّ الحاجة إليها من الغرب. وفي 15 مايو، وقّعت شركة موانئ دبي العالمية استثمارًا بقيمة 800 مليون دولار في ميناء طرطوس البحري. كما عبّر الرئيس ترامب عن اهتمامه بالمساعدة في إعادة إعمار سوريا، إذ كان اجتماعه مع الشرع إيجابيًا، وأظهرت الإجراءات الدبلوماسية الأمريكية اللاحقة مع دمشق نتائج مشجعة.
عامل رئيسي في إعادة إحياء سوريا سيكون تقويض نفوذ الدول والميليشيات التي لعبت أدوارًا محورية في تدميرها وزعزعة استقرارها. معظم المجتمع الدولي سيستفيد من عملية إنعاش سوريا المتنامية، في حين ستكون روسيا وحزب الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية من أبرز الخاسرين. فخلال حكم عائلة الأسد، كانت سوريا دولة تابعة للاتحاد السوفييتي ثم للاتحاد الروسي، حيث استخدمت روسيا ميناء طرطوس البحري لأسطولها في البحر الأبيض المتوسط. ويؤدي غياب الوجود على الساحل السوري إلى إعاقة طموحات روسيا في المنطقة، نظرًا لاعتماد "الأسطول الظلّي" والمرتزقة في إفريقيا على سوريا كمركز لوجستي.
لم تكتفِ إيران باستخدام سوريا كممر لنقل الأسلحة إلى ميليشياتها التابعة مثل حزب الله في لبنان، بل تدخّلت فعليًا وأقامت العديد من القواعد، وغيّرت التركيبة السكانية من خلال استقدام عشرات الآلاف من مقاتلي الميليشيات الشيعية وعائلاتهم. كانت الجمهورية الإسلامية تسعى لاستخدام سوريا كنقطة انطلاق لصراعات مسلحة مستقبلية ضد إسرائيل، مع الاستمرار في تزويد حزب الله بالسلاح، إلا أن الحكومة الجديدة تعارض بشدة النفوذ الإيراني. وبدون ممر بري مباشر، بات حزب الله أكثر عزلة وتحت الضغط لنزع سلاحه في ظل الحكومة اللبنانية الجديدة، كما أن وضع الجمهورية الإسلامية بات هشًا أيضًا. ومع فقدانها لأقوى ميليشياتها في المشرق العربي وحليفها الرئيس بشار الأسد، ستواجه طهران ضغوطًا أكبر. من المتوقع أن تلجأ الجمهورية الإسلامية إلى أساليب الحرب الهجينة لتأجيج العنف الطائفي بهدف الإبقاء على حالة عدم الاستقرار في سوريا.
وسوريا، التي أصبحت الآن منفتحة على المجتمع الدولي، تواجه تحديات مع الدول المجاورة. ومع ذلك، تتخذ الحكومة الحالية بقيادة الرئيس الشرع خطوات لإصلاح العلاقات وتعزيز الشراكات الدبلوماسية. لبنان، الذي تألم بسبب عقود من الاحتلال السوري في ظل عائلة الأسد، يشهد حاليًا مرحلة إعادة بناء للجمهورية، إذ بات حزب الله، الذي تضررت قدراته العسكرية بعد الحرب مع إسرائيل، معزولًا دون داعمه الإقليمي المباشر. ويتخذ أحمد الشرع موقفًا حازمًا ضد حزب الله على الحدود، بينما يعمل في الوقت نفسه على إصلاح العلاقات مع الحكومة اللبنانية. وقد وقعت عدة اشتباكات حدودية كبرى بين عناصر من حزب الله وقوات الحكومة السورية الجديدة، تدخلت فيها قوات الأمن اللبنانية للتخفيف من حدتها. وتمثل المحادثات المباشرة بين الرئيس اللبناني جوزيف عون والرئيس السوري الانتقالي الشرع، التي انتهت بنتائج إيجابية، خطوة قيّمة نحو تماسك المشرق.
كما كانت علاقات نظام الأسد سيئة مع تركيا والأردن بسبب أزمة اللاجئين وتجارة المخدرات. ومع تشديد الشرع على مكافحة تجارة المخدرات غير المشروعة، واستمرار التفاؤل داخل سوريا بفضل الاستثمارات الجديدة، يمكن تخفيف أزمتَي الكبتاغون واللاجئين في الدول المجاورة. وأخيرًا، سيكون على سوريا الجديدة التعامل مع الهجمات الإسرائيلية المتكررة، رغم أن الحكومة الانتقالية لم تردّ يومًا ولم تنجرّ إلى الاستفزازات الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن سوريا مستعدة لتطبيع العلاقات ضمن ظروف مناسبة، فإن إسرائيل تحت حكم بنيامين نتنياهو تتصرف بعدوانية ونفّذت العديد من العمليات العسكرية في سوريا منذ سقوط الأسد. ورغم هذا العدوان، أفادت تقارير بأن سوريا وإسرائيل تحدثتا عبر عدة قنوات خلفية، والولايات المتحدة لا تفرض على سوريا التطبيع كشرط لتخفيف العقوبات. ومع لقاء الرئيس ترامب، الذي أبدى إعجابه بالشرع، أصبح لدى سوريا الآن مسار من خلال القنوات الغربية قد يُستخدم لممارسة ضغط دبلوماسي على نتنياهو إذا ما هددت تصرفاته استقرار المنطقة.
إن إعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي والمساعدة في إنعاش اقتصاد دمشق المحتضر سيكون مفيدًا جدًا من ناحية إنسانية وعلاقات خارجية في الوقت الراهن. فقد أدت حالة عدم الاستقرار في سوريا إلى تداعيات كبرى في العراق ولبنان وتركيا والأردن وأوروبا وغيرها، ويمكن لسوريا مستقرة أن تعيق أي موجات جديدة من زعزعة الاستقرار. كما أن أزمة اللاجئين العالمية، التي تقترب أصلًا من نقطة الانهيار، تفاقمت بسبب الحرب الأهلية السورية التي استمرت نحو أربعة عشر عامًا. ومع وجود استثمارات في سوريا وحكومة تحظى بدعم إقليمي ودولي كامل من أجل تحقيق الاستقرار، يمكن للاجئين السوريين أن يعودوا إلى وطنهم في المستقبل. وبموقعها الاستراتيجي في شرق المتوسط بين إسرائيل وتركيا والعراق، وبساحلها البحري الكبير، يمكن لدمشق والتجارة العالمية أن تستفيد من الاستثمارات الدولية في التجارة البحرية. علاوة على ذلك، فإن الدمار الاجتماعي–الاقتصادي والعزلة عن العالم لم يؤديا سوى إلى تغذية الجماعات المتطرفة في سوريا. أما الآن، ومع مسار الاستقرار المدعوم من جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يمكن لسوريا أن تحارب التطرف، وتتبادل المعلومات الاستخبارية مع اللاعبين الإقليميين الأساسيين، وتطلب المساعدة في مواجهة الجماعات الخارجة عن القانون مثل داعش. يمكن أن يبدو مستقبل سوريا مشرقًا، مع تفاؤل بإعادة إدماجها في الساحة الدولية. فمع تزايد الاستثمارات الدولية، وتفاؤل الغرب، وصعود حكومة انتقالية تحظى بالشعبية، يمكن للمكانة الإقليمية المتنامية لسوريا أن تُعيد الاستقرار إلى البلاد.