بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة حُلوان:
يقول الشاعر الراحل في مقدمته لهذه القصيدة البطولية الرائعة:
كنتُ طالبا في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عندما ألغت مصر معاهدة 1936 وتوابعها، فشبّ صراع عنيف على ضفاف قناة السويس بين الشعب المصري الباسل وجنود المستعمر الانجليزي في عام 1951.
فأنشأتُ هذه القصيدة، وأذعتها من إذاعة ركن السودان بالقاهرة تعبيرا عن مشاعر ابن جنوب وادي النيل –السودان- نحو أخيه المصري في شمال الوادي:
أخي يا ابن مصر فتاة الكفاحْ...
وأمُّ الحضارة عبر الأممْ
إذا ما طوتك غيوم الزمان...
طوتني دياجيرها والظُّلُمْ
وإن سقط الدمع من مقلتيكَ...
بكيت بقلبي دموعا ودمْ
وتأسى روافد بحر الغزال...
إذا ما بدمياط خطبٌ ألمْ
وإما زأرتَ بشطِّ القنال...
وثبتُ إليك خفيف القدم
نذود معا عن خياض الجدود...
ورهط الأبوة منذ القدم
وإني نصيرك في الضفّتين...
وأنت نصيري على كلِّ همْ
أخي ودِّع الحقل حتى نعودَ...
وجرّد حسامك وارمِ القلمْ
وفجِّر أناشيدنا الثائرات...
أناشيد وحدتنا والعَلمْ
لنبدأ عهد الكفاح الأليم...
وفي ورده يُستطاب الألمْ
وهب ثائرا لا تملَّ الصراع...
وكن في ثباتك طوْداً أشمْ
وحولك أخت لتأسو الجراح...
وخالٌ قويٌّ جريءٌ وعمْ
أخي إن تجنبت قصف الرعود...
وحاذرتَ بركانها والحممْ
فما أنت والله من يعربٍ...
ولستَ حفيد بُناةِ الهرم
أخي فتعال نحيي الجهاد...
ونسعى إلى ظالم ننتقم
أيَرْكنُ للعيش بين السفوح...
بُناةُ الذُّرى وحُماة القمم
وهل ينثني لقراع الجحافل...
شعبٌ أبيٌّ عريقُ الهمم؟!
فهيا إلى مدفعٍ ماردٍ...
عنيف الدويِّ عتيِّ الضرم
بفوهته قد أقام الفناء...
وفي جوفه منبع للعدم
نعانقه كعناق الحبيب...
ويحلو لنا قصفه كالنّغم
وقل "لأرسكين" أين المفر؟!
وزحف بني النيل سيلٌ عرِم
ظننتَ البطولة ذبح الصغير..
وأمّ الصغير وقتل الهرِم؟!
وأن تنهب العزّل الضاحكين...
لوجه الحياة وتودي بهم؟!
ولم تدرِ أن على الضفّتينِ...
جموعاً تخوض اللظى المضطرم؟!
لها شغفٌ بزئير الرصاص...
بها ظمأٌ لدويّ اللغم
جموعا تسير لساح الكفاح...
كأُسْدِ الشرى وليوث الأجم
فقد آن للنيل أن يستقلّ...
وآن لجيشك أن ينهزم
أخي ها هنا في سهول الجنوب...
صدورٌ غلى حقدها واحتدم
هنا أمةٌ خرجت للنضال...
لتحمي الحمى وتدك الصنم
وسوف تجرِعُهُ كارها...
كؤوسَ الردى ومرير النّدم
لتبنى الحياة كما يشتهيها...
بنوها الحماة رعاة الذمم
أخي قد بلونا عهود الكلام...
وأُسُّ البلية لغط الكَلِمْ
فجرّد حسامك وارم القلم...
وهيا إلى ظالمٍ ننتقم
القاهرة 1951
#شبكة_انكور_التطويرية
قصيدة حُلوان:
يقول الشاعر الراحل في مقدمته لهذه القصيدة البطولية الرائعة:
كنتُ طالبا في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عندما ألغت مصر معاهدة 1936 وتوابعها، فشبّ صراع عنيف على ضفاف قناة السويس بين الشعب المصري الباسل وجنود المستعمر الانجليزي في عام 1951.
فأنشأتُ هذه القصيدة، وأذعتها من إذاعة ركن السودان بالقاهرة تعبيرا عن مشاعر ابن جنوب وادي النيل –السودان- نحو أخيه المصري في شمال الوادي:
أخي يا ابن مصر فتاة الكفاحْ...
وأمُّ الحضارة عبر الأممْ
إذا ما طوتك غيوم الزمان...
طوتني دياجيرها والظُّلُمْ
وإن سقط الدمع من مقلتيكَ...
بكيت بقلبي دموعا ودمْ
وتأسى روافد بحر الغزال...
إذا ما بدمياط خطبٌ ألمْ
وإما زأرتَ بشطِّ القنال...
وثبتُ إليك خفيف القدم
نذود معا عن خياض الجدود...
ورهط الأبوة منذ القدم
وإني نصيرك في الضفّتين...
وأنت نصيري على كلِّ همْ
أخي ودِّع الحقل حتى نعودَ...
وجرّد حسامك وارمِ القلمْ
وفجِّر أناشيدنا الثائرات...
أناشيد وحدتنا والعَلمْ
لنبدأ عهد الكفاح الأليم...
وفي ورده يُستطاب الألمْ
وهب ثائرا لا تملَّ الصراع...
وكن في ثباتك طوْداً أشمْ
وحولك أخت لتأسو الجراح...
وخالٌ قويٌّ جريءٌ وعمْ
أخي إن تجنبت قصف الرعود...
وحاذرتَ بركانها والحممْ
فما أنت والله من يعربٍ...
ولستَ حفيد بُناةِ الهرم
أخي فتعال نحيي الجهاد...
ونسعى إلى ظالم ننتقم
أيَرْكنُ للعيش بين السفوح...
بُناةُ الذُّرى وحُماة القمم
وهل ينثني لقراع الجحافل...
شعبٌ أبيٌّ عريقُ الهمم؟!
فهيا إلى مدفعٍ ماردٍ...
عنيف الدويِّ عتيِّ الضرم
بفوهته قد أقام الفناء...
وفي جوفه منبع للعدم
نعانقه كعناق الحبيب...
ويحلو لنا قصفه كالنّغم
وقل "لأرسكين" أين المفر؟!
وزحف بني النيل سيلٌ عرِم
ظننتَ البطولة ذبح الصغير..
وأمّ الصغير وقتل الهرِم؟!
وأن تنهب العزّل الضاحكين...
لوجه الحياة وتودي بهم؟!
ولم تدرِ أن على الضفّتينِ...
جموعاً تخوض اللظى المضطرم؟!
لها شغفٌ بزئير الرصاص...
بها ظمأٌ لدويّ اللغم
جموعا تسير لساح الكفاح...
كأُسْدِ الشرى وليوث الأجم
فقد آن للنيل أن يستقلّ...
وآن لجيشك أن ينهزم
أخي ها هنا في سهول الجنوب...
صدورٌ غلى حقدها واحتدم
هنا أمةٌ خرجت للنضال...
لتحمي الحمى وتدك الصنم
وسوف تجرِعُهُ كارها...
كؤوسَ الردى ومرير النّدم
لتبنى الحياة كما يشتهيها...
بنوها الحماة رعاة الذمم
أخي قد بلونا عهود الكلام...
وأُسُّ البلية لغط الكَلِمْ
فجرّد حسامك وارم القلم...
وهيا إلى ظالمٍ ننتقم
القاهرة 1951
#شبكة_انكور_التطويرية