Announcement Title

Your first announcement to every user on the forum.
تلخص مقالة مارك لينش وشبلي تلحمي في مجلة Foreign Affairs الجدل المتصاعد حول الاعتراف الدولي بدولة فلسطين في ظل تحولات سياسية وجيوسياسية عميقة، حيث تعارض إسرائيل والولايات المتحدة، بقيادة إدارة ترامب، بشدة هذا التوجه، بينما تدفع فرنسا والسعودية ودول أخرى نحو مؤتمر أممي للاعتراف بها وإحياء حل الدولتين. المقال يُبرز أن الوقائع على الأرض تشير إلى ترسيخ واقع الدولة الواحدة بغياب إرادة إسرائيلية للحل، وسط تصعيد عسكري في غزة والضفة. ومع ذلك، فإن الاعتراف بدولة فلسطينية من قِبل موجة دولية جديدة قد يكون أداة رمزية قوية تضغط على إسرائيل وتعيد إحياء التمسك بالقانون الدولي، بشرط أن يقترن بخطوات ملموسة تُغير الواقع. أما ترامب، فبرغم عدائه للمؤسسات الدولية وتأييده التقليدي لإسرائيل، إلا أن انقلابيته السياسية قد تدفعه لتبنّي خطوة غير متوقعة في هذا الاتجاه إذا ما خدم مصالحه الأوسع في الخليج وإيران.
الوعد والمخاطر في الاعتراف بفلسطين

The Promise and Peril of Recognizing Palestine​

في حزيران/يونيو، خططت الأمم المتحدة لعقد مؤتمر حول حل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وبقيادة فرنسا والسعودية، كان من المتوقع أن تتفق الدول المشاركة على الاعتراف بدولة فلسطينية والدعوة إلى استئناف عملية السلام، استنادًا على الأرجح إلى مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية عام 2002، والتي اقترحت السلام الكامل بين الدول العربية وإسرائيل بعد قيام دولة فلسطينية.

وقد أدانت إسرائيل المؤتمر مرارًا، وأبدت الولايات المتحدة عدم حماسها له. ووفقًا لوكالة رويترز، جاء في برقية أُرسلت من وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن إلى السفارات الأميركية حول العالم: "نحث الحكومات على عدم المشاركة في المؤتمر"، وأضافت البرقية: "الولايات المتحدة تعارض أي خطوات للاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية مفترضة، إذ إن ذلك يضيف عقبات قانونية وسياسية كبيرة أمام الحل النهائي للنزاع وقد يضغط على إسرائيل في وقت الحرب، مما يعني دعم أعدائها".

لكن إدارة ترامب عبّرت عن اعتراض أعمق على المؤتمر: فهي لا تعارض فقط الاعتراف بدولة فلسطينية، بل تعارض إنشاءها من الأساس. وقال مايك هاكابي، السفير الأميركي لدى إسرائيل، في مقابلة مع بلومبرغ نيوز: "ما لم تحدث أمور جوهرية تُغيّر الثقافة، فلا مجال لقيام مثل هذه الدولة"، مضيفًا أنه لا يتوقع أن يرى ذلك يتحقق "في حياتنا". وإذا ظهرت مثل هذه الدولة يومًا ما، كما اقترح، فلا ينبغي أن تكون في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، بل يجب أن تُقتطع من "دولة مسلمة" أخرى.

وقبيل انعقاد المؤتمر بأيام، نفّذت إسرائيل سلسلة من الضربات الجوية ضد إيران. وقد أدى ذلك إلى اندلاع حرب استمرت 12 يومًا، انضمت إليها الولايات المتحدة لاحقًا، ما طغى على القضية الفلسطينية وجعل المضي قدمًا في المؤتمر أمرًا مستحيلًا لوجستيًا، مما أدى إلى تأجيله. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحفي: "هذا التأجيل لا يمكن أن يُقوّض عزمنا على المضي قدمًا في تنفيذ حل الدولتين"، وأضاف: "بغض النظر عن الظروف، فقد أعلنت عزمي على الاعتراف بدولة فلسطين".

وماكرون ليس وحده، ويُرجح أن يزداد الزخم لصالح الاعتراف الأوسع بدولة فلسطينية في الأسابيع والأشهر القادمة. وسواء عُقد مؤتمر الأمم المتحدة كما هو مخطط له أم لا، فإن مسألة الاعتراف الدولي لن تختفي.

وقد تبدو الوقائع على الأرض أقل ملاءمة لإحياء حل الدولتين، وأكثر انسجامًا مع ترسيخ واقع الدولة الواحدة. فالحرب الإسرائيلية في غزة تمهّد الطريق لعودة السيطرة الإسرائيلية المباشرة، واستيطان القطاع، وربما طرد الفلسطينيين منه. وفي الضفة الغربية، كثّف المستوطنون الإسرائيليون، بدعم من القوات الأمنية الإسرائيلية، حملة عنف وترهيب لإفراغ المجتمعات الفلسطينية تمهيدًا لضمّها. ويُعلن المسؤولون الإسرائيليون صراحةً أنهم لا يهتمون بحل الدولتين، وهو موقف عبّر عنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علنًا، وآخرها خلال لقائه مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض مطلع تموز/يوليو. ووفقًا لتقارير إعلامية عديدة، فإن تفاصيل مقترحات ترامب لـ"صفقة كبرى" تربط إنهاء الحرب في غزة بتوسيع التطبيع بين إسرائيل والدول العربية لا تتضمن إقامة دولة فلسطينية.

لكن قد لا يكون الاعتراف بدولة فلسطينية مستبعدًا تمامًا. فتكاليف النزاع المستمر عالية، ويبدو أن ترامب يميل إلى رؤية إقليمية مشابهة لرؤية قادة دول الخليج، الذين يضعون الاستقرار في أولوية اهتماماتهم، ويحتاجون إلى إظهار بعض التقدّم في القضية الفلسطينية أمام شعوبهم لتبرير مزيد من التعاون مع إسرائيل. ومن منظور ترامب البراغماتي القائم على الصفقات، فإن الولايات المتحدة تُقدّم، وإسرائيل تأخذ، ودول الخليج تدفع — وتدفع بسخاء. وتُعدّ إسرائيل تابعة مكلفة: إذ تجاوزت تكلفة الحرب في غزة بالنسبة لواشنطن 22 مليار دولار، كما أرهقت الجيش الأميركي وجرت الولايات المتحدة إلى مواجهة مع إيران. أما المواجهة مع الحوثيين في اليمن — الذين فرضوا حصارًا على السفن المتجهة إلى إسرائيل تضامنًا مع الفلسطينيين — فقد شغلت البحرية الأميركية وفرضت استخدام ذخائر تجاوزت تكلفتها مليار دولار، ما دفع ترامب إلى التوصل إلى نوع من وقف إطلاق النار مع الحوثيين دون حتى استشارة إسرائيل.

من الواضح أن ترامب محبط من الوضع القائم، وكما كان الحال مع أسلافه، فإن الخيار السياسي الأسهل المتاح أمامه قد يكون خطوة رمزية تؤكد الالتزام بحل الدولتين دون أن تفضي فعليًا إلى قيام دولة فلسطينية. وسيقول له قادة دول الخليج والأوروبيون والعديد من الأطراف الأخرى إن وقف إطلاق النار في غزة، رغم ضرورته الملحّة، لا يكفي. فحتى إن تم تثبيته، من غير المرجّح أن يؤدي إلى نهاية دائمة للحرب. وكما بدأ حتى العديد من الإسرائيليين المتشددين يدركون، فإن الجيش الإسرائيلي لن يتمكن من تدمير حماس. وبالتالي، فإن الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب، ما لم يحدث تحوّل جذري في الرأي العام أو القيادة في إسرائيل، هي أن تتدخل الولايات المتحدة لكبح جماح حكومة إسرائيلية توسعية مدججة بأسلحة أميركية مدمّرة.

وبالنظر إلى كل ذلك، فلا ينبغي رفض الدفع نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فإذا اعترفت موجة جديدة كبيرة من الدول بشكل جماعي بدولة فلسطين، فإن ذلك سيشكل رمزًا قويًا لتزايد الإحباط الدولي من تدمير إسرائيل لغزة وهيمنتها الشبيهة بنظام الفصل العنصري على الضفة الغربية. وسيُرحّب جزء كبير من العالم بأي بديل للمسار الذي يبدو أنه يقود نحو الإبادة والضم. وقد يساعد الاعتراف أيضًا في ترسيخ النقاش حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني في إطار القانون الدولي، وقد يُنقذ غزة من التدمير الشامل والتهجير الذي يهدد به بعض وزراء الحكومة الإسرائيلية. كما أنه سيمنح إدارة ترامب ورقة ضغط تستخدمها لفرض نوع من الصفقة الكبرى التي يأمل في إنجازها.

لكن الاعتراف بالسيادة الفلسطينية القانونية (de jure) دون تغيّر حقيقي على الأرض سيكون فخًا. فلا يمكن أن يكون الاعتراف غاية بحد ذاته. فإذا اعترفت العديد من الدول بفلسطين، لكنها لم تواجه الواقع المتصاعد للهيمنة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة، فإن الاعتراف قد يكون ذا نتائج عكسية خطيرة. وإذا أصبح الاعتراف الرسمي بديلًا عن الدفاع عن أولوية القانون الدولي والتعامل مع حقائق المعاناة الفلسطينية، فسيكون في أحسن الأحوال مجرّد إيماءة جوفاء — وفي أسوئها إهدارًا ضخمًا لرأس المال السياسي الدولي النادر.​

الاعتراف... إن استطعت الحفاظ عليه​

لطالما كان الدفع باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين مسارًا قائمًا منذ زمن طويل. فقد اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بفلسطين كعضو مراقب غير مصوّت عام 2012. وعلى الرغم من أن هذا الاعتراف لم يُحقق تقدمًا ملموسًا نحو الاستقلال أو السيادة الفلسطينية، إلا أنه سمح لفلسطين بأن تصبح طرفًا في المحكمة الجنائية الدولية، وساهم في توسيع نطاق عملها الدبلوماسي ضمن مؤسسات الأمم المتحدة. كما أن الاعتراف يعزز بطبيعته فكرة حل الدولتين التي بدأت تضعف، ويؤكد على المبدأ القائل إن السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية غير قانونية، وأنه "يتعين على إسرائيل إنهاء وجودها غير المشروع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأسرع ما يمكن"، وفقًا لما جاء في حكم شامل أصدرته محكمة العدل الدولية العام الماضي.

وقد أصبح الاعتراف خيارًا جذابًا مع تصاعد الغضب من الفظائع المرتكبة في غزة، مما زاد من الضغط لاتخاذ إجراء دولي ذي مغزى. ويُعدّ الاعتراف بفلسطين من قبل دول أوروبية على وجه الخصوص نكسة كبرى للدبلوماسية الإسرائيلية، خاصة في ظل الجهود الإسرائيلية الشرسة لحشد الدعم الغربي لسياساتها ودرء الانتقادات العالمية. وإذا انضمت دول أوروبية غنية ونافذة إلى قائمة الدول المعترفة بفلسطين، فإن ذلك سيشير إلى انهيار الجدار الإسرائيلي العازل أمام الضغوط الدولية الفاعلة، ويجعلها أكثر اعتمادًا على شريك غير موثوق به كالولايات المتحدة.

كما أن الاعتراف سيكون إنجازًا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان. فقبل هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والحرب التي شنتها إسرائيل على غزة ردًا على ذلك، كان الأمير السعودي يأمل في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكنه تراجع عن هذا الهدف في ظل الغضب الشعبي في الدول العربية من الحملة الإسرائيلية. وربط الاعتراف بدولة فلسطينية — وربما تطبيع السعودية نفسه مع إسرائيل — بمبادرة السلام العربية لعام 2002، سيمنح محمد بن سلمان حجة قوية للقيادة الإقليمية. كما أنها ستكون فرصة للسعودية لتتفوّق على منافسيها في الإمارات، الذين قرروا فصل قضية الدولة الفلسطينية عن علاقاتهم الاستراتيجية مع إسرائيل من خلال توقيع اتفاقات أبراهام خلال إدارة ترامب السابقة.

صحيح أن العديد من الدول تعترف بالفعل بدولة فلسطين، لكن موجة جديدة من الاعترافات قد تؤدي إلى سلسلة دعم دولي متتابعة. ويعتقد المؤيدون أن الاعتراف الواسع يمكن أن يُشكل ضغطًا جديدًا على إسرائيل للالتزام بحل الدولتين، من خلال تقوية أصوات الداعمين الإسرائيليين للدولة الفلسطينية المستقلة، الذين تم إسكاتهم في السنوات الأخيرة، ومنح الفلسطينيين مخرجًا من طريق مسدود. ومن هذا المنظور، قد يُشكل الاعتراف نقطة محورية للغضب الشعبي الهائل من غزة من أجل اتخاذ خطوة ملموسة. وقد يؤدي ذلك إلى انهيار ائتلاف نتنياهو ويحفّز التغيير السياسي الذي تحتاجه إسرائيل بشدة. وبالنظر إلى الموارد الهائلة المطلوبة لإعادة إعمار غزة وأجزاء من الضفة الغربية المنكوبة، فمن المرجح أن يكون المانحون أكثر استعدادًا لتقديم التمويل إذا تم ذلك في إطار حل نهائي.

لكن الإيمان بإمكانية حدوث هذا السيناريو يتطلب، بعبارة متسامحة، قفزة في الإيمان. لقد مضت سنوات طويلة منذ أن بدا حل الدولتين خيارًا واقعيًا، وقد تضاءلت فرصه أكثر خلال الأشهر الـ19 الماضية. إن الوضع على الأرض في غزة والضفة الغربية يجعل من تقسيم الأراضي والتعايش السلمي أمرًا يصعب تصوّره يومًا بعد يوم. وقليل من الإسرائيليين اليوم يختلفون مع السفيرة الإسرائيلية لدى المملكة المتحدة، تسيبي حوتوفلي، التي صرّحت بوضوح الشهر الماضي: "حل الدولتين انتهى".

وقد يكون هذا القول صحيحًا منذ وقت طويل قبل هجوم حماس عام 2023 والحرب التي تبعته. فقد جادلنا نحن واثنان من المؤلفين المشاركين في مجلة فورين أفيرز قبل 7 أكتوبر بأن "كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن شكّلت منذ زمن دولة واحدة تحت الحكم الإسرائيلي، حيث تخضع الأرض وسكانها لأنظمة قانونية مختلفة جذريًا، ويتم التعامل مع الفلسطينيين على نحو دائم كطبقة دنيا". وقد عمّق الهجوم الإسرائيلي على غزة هذا الواقع أحادي الدولة الشبيه بنظام الفصل العنصري، في ظل دفع المسؤولين الإسرائيليين نحو الاحتلال الدائم بل والضم الفعلي للأراضي الفلسطينية. وبينما أصبحت غزة غير صالحة للسكن، زاد حجم الدمار والتشريد في الضفة الغربية وتسارع بناء المستوطنات الإسرائيلية هناك.

وفي ظل هذه الظروف، قد يُنظر إلى الاعتراف بفلسطين على أنه ليس أكثر من مناورة: طريقة لإطلاق تصريح دون اتخاذ خطوات فعلية نحو التغيير. فمن الأسهل الدعوة إلى حل الدولتين من مواجهة واقع الهيمنة الإسرائيلية على دولة فعلية قائمة بحكم الأمر الواقع. كما أنه من الأسهل تأكيد وجود دولة فلسطينية من القيام بالأعمال الشاقة فعليًا اللازمة لإنشائها على الأرض. ولكي لا يكون الاعتراف مجرد إيماءة فارغة، يجب أن يرتبط المؤتمر بمطالب ملموسة لتغييرات على الأرض تتماشى مع الوضع القانوني الجديد لفلسطين. ويجب أن يشمل التأكيد على السيادة الفلسطينية توضيحًا لتكاليف استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، وتوفير الحماية للفلسطينيين من مزيد من الانتهاكات، ووضع خطوات لبناء مؤسسات حكم واقتصاد قابل للحياة من بين الأنقاض التي خلّفتها إسرائيل.​

لا تقل أبدًا "أبدًا"​

ليس من المستغرب أن تعارض إدارة ترامب مؤتمر الأمم المتحدة. فترامب نفسه من غير المرجح أن يتأثر بنداءات القانون الدولي؛ إذ أصدر مؤخرًا أمرًا تنفيذيًا بفرض عقوبات على أربعة قضاة من المحكمة الجنائية الدولية بسبب تحقيقهم في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. وعندما يتعلّق الأمر بإسرائيل، لا يُعد ترامب استثناءً بين رؤساء الولايات المتحدة: فعلى مدى عقود، وتحت إدارات رئاسية متعاقبة، كانت السياسة الأميركية تكتفي بالتعبير اللفظي عن دعم حل الدولتين، بينما تعمل بكل الوسائل الممكنة لمنع تطبيق القانون الدولي على الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

لكن هذه ليست لحظة عادية في السياسة الأميركية أو العالمية. فاستعداد ترامب لكسر التقاليد وتجاهل الخبراء، وتوافقه مع الدول الخليجية الثرية، ونفوره الشخصي من نتنياهو، تدفع واشنطن في اتجاهات مفاجئة. إن هجوم ترامب على المحكمة الجنائية الدولية، وتأملاته بشأن إخلاء غزة من سكانها والاستيلاء عليها، واستغلاله للمخاوف (الحقيقية والمفتعلة) من معاداة السامية للهجوم على الجامعات الأميركية، كلها تشير إلى انحياز تقليدي يميني مؤيد لإسرائيل. لكن حين يتعلّق الأمر بالشرق الأوسط، يمكن أن يكون ترامب غير متوقع: فقد فاجأ المراقبين، بل حتى مؤيديه، برفع العقوبات عن الحكومة السورية الجديدة، وسعيه لعقد صفقة نووية مع إيران.

إن اعتماد إسرائيل على الدعم الأميركي في حربها، وعزلتها الدولية المتزايدة، جعلاها أكثر تبعية لواشنطن من أي وقت مضى. وفي الوقت نفسه، تجد إسرائيل نفسها غير منسجمة مع السياسة الأميركية تجاه إيران وسوريا، وتفقد شعبيتها بين الأميركيين العاديين، بمن فيهم الجمهوريون دون سن الخمسين. وفي علاقتها مع واشنطن، ربما تكون إسرائيل أكثر هشاشة الآن مما كانت عليه منذ نهاية الحرب الباردة، حين أطلق الرئيس جورج بوش الأب جهدًا طموحًا لإحلال سلام شامل في الشرق الأوسط.

ومن ثم، تُتاح لترامب فرصة استثنائية لإحداث تغيير. فقد أشار بالفعل إلى اعتقاده بأن الوقت قد حان لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، ويرى أن التحرك في القضية الفلسطينية مرتبط بدبلوماسيته مع إيران وشراكته مع دول الخليج. وهو لا يُظهر أي مؤشرات على اعتقاده أن العلاقة الأميركية مع إسرائيل أكثر "خصوصية" من علاقاتها مع أي دولة أخرى. وقد قام بتركيز اتخاذ القرار في البيت الأبيض، وأبعد البيروقراطية المتخصصة التي كانت تُبقي السياسات محصورة في مسارات ثابتة. كما تُظهر سياساته الداخلية المثيرة للجدل أنه لا يكترث كثيرًا للمعارضة السياسية في الداخل.

أن يتبنّى ترامب جهودًا دولية متجددة للاعتراف بدولة فلسطين، ويسعى لتحقيق هذا الاعتراف على أرض الواقع، سيكون نوعًا من التحوّل الدراماتيكي الذي قد لا يتمكن من تحقيقه إلا زعيم لا تحكمه الاعتبارات السياسية التقليدية، ويتميّز بتقلّبات شخصية مثل ترامب. هذا الأمر غير مرجّح أن يحدث، ولن يكون كافيًا لوحده. لكنه يُمثّل أفضل طريق لترامب لعقد اتفاق نووي جديد مع إيران، وترسيخ الشراكات الأميركية في الخليج، وإثبات أنه قادر حقًا على التفوق على أسلافه في مجال السياسة الخارجية.​
 

ما هو انكور؟

هو منتدى عربي تطويري يرتكز على محتويات عديدة لاثراء الانترنت العربي، وتقديم الفائدة لرواد الانترنت بكل ما يحتاجوه لمواقعهم ومنتدياتهم واعمالهم المهنية والدراسية. ستجد لدينا كل ما هو حصري وكل ما هو مفيد ويساعدك على ان تصل الى وجهتك، مجانًا.
عودة
أعلى