كنت اقرأ في مراجعات هذا الكاتب المتميز من الشهيد مهدي عامل تحت عنوان "في تمرحل التاريخ" على موقع goodreads، فوجدت هذا التعليق من قبل "Bassam Ahmed" الذي يشرح ويقدم موجز بسيط لكتاب مهدي عامل وبعض الاقتباسات منه فوددت أن اشارككم ما كتبه.
كتاب للمفكر اليساري الماركسي اللبناني حسن عبدالله حمدان أو كما يعرف بإسمه الحركي "مهدي عامل"، عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي اللبناني وأستاذ الفلسفة، السياسة والمنهجيات، والذي اغتيل في ١٨ مايو من سنة ١٩٨٧.
الكتاب يعد جزء من مشروع دراسة أشمل، كان يعد لها عامل حين شرع في كتابة مادته سنة ١٩٧٢ غير أن الوقت لم يسعفه على إتمام ما بدأه قبل اغتياله في ١٩٨٧، وقد قامت دار الفارابي - مشكورة - بنشر هذا الجزء في كتاب بعنوان "في تمرحل التاريخ" مشفوعا بمقدمة توضيحية كتبتها يمنى العيد وفصول على شكل مقالات أو تعقيبات - ثلاثة فصول على وجه الدقة - على مادة عامل، كتبها الدكتور فيصل دراج، أسهمت إلى حد كبير في تبيان أفكار ونظرية عامل، ربطها بسياق كتاباته واستنتاجاته السابقة، إضافة إلى ربطها، إن كان في شكل تكامل، إسهاب أو نقد مع كتابات كارل ماركس أو/و منظري الفكر الماركسي ممن عاصروه كآلتوسير أو باليبار وغيرهم.
يقدم عامل في مبحثه هذا الأساس النظري لفهم آلية التطور التاريخي لشعب ما من نمط إنتاج إلى نمط إنتاج آخر أكثر تقدمية، بعيدا عن حتمية هيغل التي تسطح التاريخ وتتساوى فيه كل المسارات حيث النمط الموحد هو السائد وبعيدا كذلك عن من يتبنى المقاربة النمطية - الطرح البنيوي- لنظرية التطور في المادية التاريخية، أي أن القالب الأوروبي الغربي (نمط الإنتاج الإقطاعي ثم الرأسمالية الصناعية وبعدها بوادر تكون نمط الانتاج الإشتراكي) هو القالب الذي ستسير عليها جميع المجتمعات في تطورها المادي، وتلك مغالطة أشار إليها عامل وفندها ضمن إطار نظريته.
يقول عامل بوجود ثلاث أزمنة يشهدها تطور نمط الإنتاج ضمن مجتمع ما، أو بالأحرى ضمن بنية اجتماعية محددة - وهي: زمن التكوين، زمن التجدد وزمن التحول، غير أن هذه الأزمنة لا تتواجد بمعزل عن سابقاتها بل هي تنشأ نتيجة للتناقضات التي تفزها التفاعلات ضمن بنية إجتماعية معينة، فعلى سبيل المثال: بواكير تكون نمط الإنتاج الرأسمالي وعلاقته الإنتاجية الأولية "زمن التكوين" بدأت في أوروبا في ظل التفاعلات وتناقضات زمن التجدد لنمط الإنتاج الإقطاعي المسيطر في حينه، فمهدي لا يرى أن التاريخ عبارة عن خطوات متقطعة ولحظات فارقة بل هي تدرجات تتمرحل عبر تفاعلات التناقض والتجاذب الذي تشهدها بنية إجتماعية محددة ضمن الظروف التي تكتنفها في كل حين وأن الحراك الاجتماعي الأكثر تعقيدا هو الذي، تدريجيا يخلق الشروط والامكانيات التي تحتاجها تلك المجتمعات للانتقال من نمط إنتاج إلى نمط إنتاج أكثر تقدمية.
وفي معرض شرحه، تطرق عامل إلى تشريح أزمنة التطور وتحديد ماهيتها عبر قراءة حيثيات الحرك الإجتماعي في مظهره السياسي الذي يعبر عن تعقيدات الصراع الطبقي - حيث يرى عامل على عكس عدد من المنظرين الماركسيين، بأن الصراع الطبقي بين الطبقتين البرجوازية الرأسمالية "المسيطرة" وطبقة البروليتاريا "المهيمنة أو السائدة" دائم الحركة وإن تجلياته ومظاهره تختلف باختلاف معطيات كل زمن ومرحلة - وكان من أهم ما فنده هي أطوار زمن تجدد نمط الإنتاج: ١- طور الصعود و ٢- طور الأزمة، وآلية التحالفات التطبقية التي تفرزها قوى التناقض بين قطبي الصراع الطبقي، فتنجذب مرحليا هذه الطبقة (كطبقة الفلاحين على سبيل المثال) إلى هذا القطب أو ذاك، وضمن إطار هذا التناقض يوسع نمط الإنتاج المسيطر من رقعته ويثبت نفسه اقتصاديا بينما يخلق ويعزز سياسيا مقومات تكوين النمط اللاحق (مثلا: بينما تعزز السياسات الرأسمالية هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالي بالغائها لمظاهر أنماط الإنتاج السابقة إلا أنها بذلك تقوم برفد الطبقة البروليتارية بمزيد من الكتل البشرية التي تتعرض للاستغلال الممنهج)، وأن لتحديد نوع الطور في زمن التجديد على سبيل المثال، عبر قراءة المشهد بصورة تحليلي سليمة، سيكون عامل حاسم في ترجيح (أو عدم ترجيح) كفة الطبقة العاملة المتمايزة داخل تخالفها الطبقي، عبر الخطوات التي ستقدم عليها، في صراعها مع البرجوازية الرأسمالية.
أما الجانب الثاني، الذي لا يقل أهمية عن سابقه، في طرح عامل النظري، هي خصوصية البيئة التي توجد فيها البنية الإجتماعية، وتأثيرها على مسار التطور التاريخي لهذه البنية، على سبيل المثال لا الحصر: مسار تطور نمط الإنتاج في أوروبا الغربية من نمط الإنتاج الإقطاعي إلى نمط الإنتاج الرأسمالي الذي عززته الثورة الصناعية في أوروبا، يختلف كلية، عن مسار دول الشرق الأوسط ذات نمط الإقتصاد الكولونيالي أو نمط إقتصاد تابع لنظام الاقتصاد الكولبنيالي الغربي.
أما زمن التحول حيث تسود قوى التجاذب الذي تعزز موقع طبقة البروليتاريا ضمن تحالفاتها الواسعة التي تحيل إليها مكامن الهيمنة الطبقية وتعينها بذلك على إزاحة الطبقة المسيطرة السابقة وبالتالي التغير الجذري لنمو وعلاقات الإنتاج، فلم يتسنى لعامل إستكمال تفنيدها ضمن إطار نظريته، التي حاول من خلالها استقراء حالة البنية الاجتماعية العربية، اللبنانية على وجه الخصوص ويمكن من خلال معاينة النص، استشفاف تلميح عامل إلى أن المشهد في حينه كان يعيش زمن التجدد في طور أزمته.
يمكن اختصار أهم خصائص نظرية عامل في تمرحل التاريخ في النقاط التالية:
- محورية الصراع الطبقي في تشكيل معالم البنية الاجتماعية، ومحورية البنية الاجتماعية في عملية الانتقال إلى أو تجدد نمط الإنتاج.
- خصوصية كل بنية إجتماعية والأطر الحاكمة لها في تشكيل مسار التطور الاجتماعي وصيرورة الانتقال من نمط إنتاج إلى نمط إنتاج آخر.
- أهمية قراءة حيثيات الواقع لتحديد الزمن / الطور التاريخي الذي تتمرحل ضمنه البنية الاجتماعية، لتحديد الشكل الأمثل للنضال الطبقي لطبقة البروليتاريا.
- تجاوزها في عمق التحليل للنظريات البنيوية، الاقتصادية، الإرادية وحتمية التاريخ، إلى أشكال أكثر تعقيدا وديناميكية وأثر ارتباطا بمعالم وخصائص البنية الاجتماعية في تناقضاتها وتجاذباتها.
نقدي للمضمون الهام الذي قدمه عامل يمكن اختزاله في جزئية استشهاده (في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي على الأغلب) بنجاحات الأحزاب الشيوعية الأوروبية الغربية: "والتجربة الراهنة للأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية، لا سيما فرنسا ..." ص٩٩، إلى آخر ما جاء في هذا السياق، فباستثناء تجربة الحزب الشيوعي الإيطالي التي تآمرت عليه ونجحت في اسقاطه في الانتخابات سنة ١٩٧٦ ومن ثم تحجيمه، كل من الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، لم تشهد أوروبا الغربية (بحسب ما أعرف) أي تجربة أو حركة يسارية اشتراكية أو يسارية شيوعية واعدة، حيث أن ما يعكسه واقع اليوم (في سنة ٢٠٢٢) ولمدة عقود، هو تضعضع تلك الأحزاب، وإنتكاس منظيرها إلى قواعد اليمين الرجعي وموقع الدعم للمشروع الإمبريالي الغربي (الأمريكي في جزئه الأكبر)، كما أنها تحولت لأدوات طيعة بيد البرجوازية الليبرالية الرأسمالية وثقافتها الاستهلاكية وانحسر طرحها في هامش الحريات الاجتماعية الفردانية (في شكلها الاستهلاكي المعزز للرأسمالية)، مقابل تخليها عن مهمتها الطليعية في قيادة طبقة البروليتاريا في صراعها الطبقي ضد الرأسمالية والبرجوازية الانتهازية الاحتكارية التي تقودها، مما أدى بها إلى أن تكون (الأحزاب اليسارية الليبرالية الغربية) عنصر من عناصر تثبيث وإعادة انتاج الرأسمالية في أوروبا وتجددها.
كتاب مهم للنظرية المغايرة التي يطرحها عامل لقراءة التاريخ واستشراف مستقبل الصراع الطبقي، ومهم كذلك لخصوصيته في قراءة التاريخ وتمرحله في الشرق الأوسط (الخاضع إلى الآن للاعتبارات الكولينيالية) في القرن العشرين وما تلاه، وفاتحة لقراءة إنتاج هذا المفكر المهم.
كتاب للمفكر اليساري الماركسي اللبناني حسن عبدالله حمدان أو كما يعرف بإسمه الحركي "مهدي عامل"، عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي اللبناني وأستاذ الفلسفة، السياسة والمنهجيات، والذي اغتيل في ١٨ مايو من سنة ١٩٨٧.
الكتاب يعد جزء من مشروع دراسة أشمل، كان يعد لها عامل حين شرع في كتابة مادته سنة ١٩٧٢ غير أن الوقت لم يسعفه على إتمام ما بدأه قبل اغتياله في ١٩٨٧، وقد قامت دار الفارابي - مشكورة - بنشر هذا الجزء في كتاب بعنوان "في تمرحل التاريخ" مشفوعا بمقدمة توضيحية كتبتها يمنى العيد وفصول على شكل مقالات أو تعقيبات - ثلاثة فصول على وجه الدقة - على مادة عامل، كتبها الدكتور فيصل دراج، أسهمت إلى حد كبير في تبيان أفكار ونظرية عامل، ربطها بسياق كتاباته واستنتاجاته السابقة، إضافة إلى ربطها، إن كان في شكل تكامل، إسهاب أو نقد مع كتابات كارل ماركس أو/و منظري الفكر الماركسي ممن عاصروه كآلتوسير أو باليبار وغيرهم.
يقدم عامل في مبحثه هذا الأساس النظري لفهم آلية التطور التاريخي لشعب ما من نمط إنتاج إلى نمط إنتاج آخر أكثر تقدمية، بعيدا عن حتمية هيغل التي تسطح التاريخ وتتساوى فيه كل المسارات حيث النمط الموحد هو السائد وبعيدا كذلك عن من يتبنى المقاربة النمطية - الطرح البنيوي- لنظرية التطور في المادية التاريخية، أي أن القالب الأوروبي الغربي (نمط الإنتاج الإقطاعي ثم الرأسمالية الصناعية وبعدها بوادر تكون نمط الانتاج الإشتراكي) هو القالب الذي ستسير عليها جميع المجتمعات في تطورها المادي، وتلك مغالطة أشار إليها عامل وفندها ضمن إطار نظريته.
يقول عامل بوجود ثلاث أزمنة يشهدها تطور نمط الإنتاج ضمن مجتمع ما، أو بالأحرى ضمن بنية اجتماعية محددة - وهي: زمن التكوين، زمن التجدد وزمن التحول، غير أن هذه الأزمنة لا تتواجد بمعزل عن سابقاتها بل هي تنشأ نتيجة للتناقضات التي تفزها التفاعلات ضمن بنية إجتماعية معينة، فعلى سبيل المثال: بواكير تكون نمط الإنتاج الرأسمالي وعلاقته الإنتاجية الأولية "زمن التكوين" بدأت في أوروبا في ظل التفاعلات وتناقضات زمن التجدد لنمط الإنتاج الإقطاعي المسيطر في حينه، فمهدي لا يرى أن التاريخ عبارة عن خطوات متقطعة ولحظات فارقة بل هي تدرجات تتمرحل عبر تفاعلات التناقض والتجاذب الذي تشهدها بنية إجتماعية محددة ضمن الظروف التي تكتنفها في كل حين وأن الحراك الاجتماعي الأكثر تعقيدا هو الذي، تدريجيا يخلق الشروط والامكانيات التي تحتاجها تلك المجتمعات للانتقال من نمط إنتاج إلى نمط إنتاج أكثر تقدمية.
وفي معرض شرحه، تطرق عامل إلى تشريح أزمنة التطور وتحديد ماهيتها عبر قراءة حيثيات الحرك الإجتماعي في مظهره السياسي الذي يعبر عن تعقيدات الصراع الطبقي - حيث يرى عامل على عكس عدد من المنظرين الماركسيين، بأن الصراع الطبقي بين الطبقتين البرجوازية الرأسمالية "المسيطرة" وطبقة البروليتاريا "المهيمنة أو السائدة" دائم الحركة وإن تجلياته ومظاهره تختلف باختلاف معطيات كل زمن ومرحلة - وكان من أهم ما فنده هي أطوار زمن تجدد نمط الإنتاج: ١- طور الصعود و ٢- طور الأزمة، وآلية التحالفات التطبقية التي تفرزها قوى التناقض بين قطبي الصراع الطبقي، فتنجذب مرحليا هذه الطبقة (كطبقة الفلاحين على سبيل المثال) إلى هذا القطب أو ذاك، وضمن إطار هذا التناقض يوسع نمط الإنتاج المسيطر من رقعته ويثبت نفسه اقتصاديا بينما يخلق ويعزز سياسيا مقومات تكوين النمط اللاحق (مثلا: بينما تعزز السياسات الرأسمالية هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالي بالغائها لمظاهر أنماط الإنتاج السابقة إلا أنها بذلك تقوم برفد الطبقة البروليتارية بمزيد من الكتل البشرية التي تتعرض للاستغلال الممنهج)، وأن لتحديد نوع الطور في زمن التجديد على سبيل المثال، عبر قراءة المشهد بصورة تحليلي سليمة، سيكون عامل حاسم في ترجيح (أو عدم ترجيح) كفة الطبقة العاملة المتمايزة داخل تخالفها الطبقي، عبر الخطوات التي ستقدم عليها، في صراعها مع البرجوازية الرأسمالية.
أما الجانب الثاني، الذي لا يقل أهمية عن سابقه، في طرح عامل النظري، هي خصوصية البيئة التي توجد فيها البنية الإجتماعية، وتأثيرها على مسار التطور التاريخي لهذه البنية، على سبيل المثال لا الحصر: مسار تطور نمط الإنتاج في أوروبا الغربية من نمط الإنتاج الإقطاعي إلى نمط الإنتاج الرأسمالي الذي عززته الثورة الصناعية في أوروبا، يختلف كلية، عن مسار دول الشرق الأوسط ذات نمط الإقتصاد الكولونيالي أو نمط إقتصاد تابع لنظام الاقتصاد الكولبنيالي الغربي.
أما زمن التحول حيث تسود قوى التجاذب الذي تعزز موقع طبقة البروليتاريا ضمن تحالفاتها الواسعة التي تحيل إليها مكامن الهيمنة الطبقية وتعينها بذلك على إزاحة الطبقة المسيطرة السابقة وبالتالي التغير الجذري لنمو وعلاقات الإنتاج، فلم يتسنى لعامل إستكمال تفنيدها ضمن إطار نظريته، التي حاول من خلالها استقراء حالة البنية الاجتماعية العربية، اللبنانية على وجه الخصوص ويمكن من خلال معاينة النص، استشفاف تلميح عامل إلى أن المشهد في حينه كان يعيش زمن التجدد في طور أزمته.
يمكن اختصار أهم خصائص نظرية عامل في تمرحل التاريخ في النقاط التالية:
- محورية الصراع الطبقي في تشكيل معالم البنية الاجتماعية، ومحورية البنية الاجتماعية في عملية الانتقال إلى أو تجدد نمط الإنتاج.
- خصوصية كل بنية إجتماعية والأطر الحاكمة لها في تشكيل مسار التطور الاجتماعي وصيرورة الانتقال من نمط إنتاج إلى نمط إنتاج آخر.
- أهمية قراءة حيثيات الواقع لتحديد الزمن / الطور التاريخي الذي تتمرحل ضمنه البنية الاجتماعية، لتحديد الشكل الأمثل للنضال الطبقي لطبقة البروليتاريا.
- تجاوزها في عمق التحليل للنظريات البنيوية، الاقتصادية، الإرادية وحتمية التاريخ، إلى أشكال أكثر تعقيدا وديناميكية وأثر ارتباطا بمعالم وخصائص البنية الاجتماعية في تناقضاتها وتجاذباتها.
نقدي للمضمون الهام الذي قدمه عامل يمكن اختزاله في جزئية استشهاده (في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي على الأغلب) بنجاحات الأحزاب الشيوعية الأوروبية الغربية: "والتجربة الراهنة للأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية، لا سيما فرنسا ..." ص٩٩، إلى آخر ما جاء في هذا السياق، فباستثناء تجربة الحزب الشيوعي الإيطالي التي تآمرت عليه ونجحت في اسقاطه في الانتخابات سنة ١٩٧٦ ومن ثم تحجيمه، كل من الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، لم تشهد أوروبا الغربية (بحسب ما أعرف) أي تجربة أو حركة يسارية اشتراكية أو يسارية شيوعية واعدة، حيث أن ما يعكسه واقع اليوم (في سنة ٢٠٢٢) ولمدة عقود، هو تضعضع تلك الأحزاب، وإنتكاس منظيرها إلى قواعد اليمين الرجعي وموقع الدعم للمشروع الإمبريالي الغربي (الأمريكي في جزئه الأكبر)، كما أنها تحولت لأدوات طيعة بيد البرجوازية الليبرالية الرأسمالية وثقافتها الاستهلاكية وانحسر طرحها في هامش الحريات الاجتماعية الفردانية (في شكلها الاستهلاكي المعزز للرأسمالية)، مقابل تخليها عن مهمتها الطليعية في قيادة طبقة البروليتاريا في صراعها الطبقي ضد الرأسمالية والبرجوازية الانتهازية الاحتكارية التي تقودها، مما أدى بها إلى أن تكون (الأحزاب اليسارية الليبرالية الغربية) عنصر من عناصر تثبيث وإعادة انتاج الرأسمالية في أوروبا وتجددها.
كتاب مهم للنظرية المغايرة التي يطرحها عامل لقراءة التاريخ واستشراف مستقبل الصراع الطبقي، ومهم كذلك لخصوصيته في قراءة التاريخ وتمرحله في الشرق الأوسط (الخاضع إلى الآن للاعتبارات الكولينيالية) في القرن العشرين وما تلاه، وفاتحة لقراءة إنتاج هذا المفكر المهم.
اقتباسات من كتاب في تمرحل التاريخ
"إن التاريخي هو ما ينتج تحولات تاريخية نوعية ، لا تعيد إنتاج العلاقات الإجتماعية القائمة، بل تنتج جديدا لم يكن ملموسا في زمن مسبق. فتاريخية الأحداث لا توجد فيها من حيث هي أحداث، بل في الآثار الإجتماعية "اللامسبوقة" الصادرة عنها." ص١٦-١٧
"فكثير من الأحداث، حتى لو بدت صاحبة، لا تستحق صفة التاريخي، طالما أنها بدأت وانتهت دون أن تجري تحويلاً في البنية الاجتماعية." ص١٧
"إن التمييز، وعلى الصعيد النظري، بين التاريخي العارض والتاريخي الجوهري، إن صح القول، ضروري من وجهة نظر الثورة الاجتماعية، لا بمعنى إنتاج المعرفة الموافقة فقط، بل بمعنى قراءة الظواهر الاجتماعية والتدخل العملي فيها، من أجل نقلها من مستوى «الثورة الظاهرية» إلى مستوى الثورة الحقيقية." ص١٧
"فحركة التاريخ ليست في الحقيقة سوى حركة صيرورة البنى الإجتماعية، إن التاريخ في هو حركته هو البنية الإجتماعية في صيرورة." ص٢٠
"يكتب مهدي: «وكل ثورة في الفكر تستحدث بلا شك تغييراً البنية الإيديولوجية العامة، أي في الحقل الاجتماعي، نفسه لتطور الفكر. هذه الثورة في الفكر لا يقوم بها إلا حين يسمح التاريخ الاجتماعي بذلك. فعزلة الفكر عن التاريخ موت له، وموت الفكر أن يعجز عن القيام بثورته، أي أن يظل سجين بنيته، حين يفرض عليه التاريخ الإجتماعي ضرورة كسرها." ص٢٧-٢٨
"لأن علم التاريخ، في نهاية التحليل، هو استخراج القوانين العامة التي تتحكم بهذه الحركة المادية التي هي حركة الزمان في حركة البنية الإجتماعية." ص٣٢
"لأنها -الإشتراكية- ليست انتقالا من شكل تاريخي إلى آخر من البنية الإجتماعية الطبقية، بل انتقالا من البنية الاجتماعية الطبقية إلى بدء تاريخ البنية الاجتماعية اللاطبقية." ص٣٤
"إذ المثالية ليست، من هذا الوجه، سوى شكل عقلانية الفكر التجريبي نفسه." ص٣٥
"أي من الفكر المادي العلمي. وعلمية الفكر في ماديته، وماديته في أن ينفذ إلى ما يحرك الظاهر من الواقع ـ أي إلى ضرورته - ففي هذه الضرورة التي هي من الواقع منطقه الفعلي، يكمن مبدأ العقلانية التي لا تكون علمية إلا بمقدار ما يكون لها شكل ضرورة الواقع. في ضوء هذا المنطق من الفكر المادي، يستحيل أن تتخذ عقلنة الواقع شكل النمذجة، لأن النمذجة ليست للواقع عقلنة إلا على أساس من حصر الواقع في ظاهره بشكل تنتفي فيه ضرورته ـ وهنا تكمن التجريبية ـ، فيحل محل ضرورته، في عملية عقلنه، حرية الفكر في تنظيم ظاهراته، أي في نمذجتها - وهنا تكمن المثالية" ص٣٥-٣٦
"إن زمانية نمط الإنتاج تتكون من ترابط أزمنة ثلاثة أساسية فيه: زمان التكون - زمان التجدد - زمان التحويل." ص٣٨
"الشروط التاريخية التي بها ينتقل نمط الإنتاج من زمان تكونه إلى زمان تجدده، هو الفاصل البنيوي بين الزمانين." ص٣٩
"هو فاصل بنيوي، أي علاقة اختلاف في بنية الزمانين يستحيل بها وضع زمان التجدد في علاقة تتابع مع زمان التكون يصير فيها نمط الإنتاج ما كانه قبلاً، بحركة تكامل ونمو يستمر فيها تكونه إلى حد يسمح له بالتجدد تلقائياً." ص٣٩
"إن تكون نمط الإنتاج الرأسمالي، مثلاً، يتم في إطار تجدد نمط الإنتاج الإقطاعي السابق عليه، وبفعل حركة تجدد هذا النمط بالذات. فزمان التكون من نمط إنتاج معين ليس في علاقة تداخل مع زمان تجدد هذا النمط، بل مع زمان تجدد النمط السابق عليه. لكن ما يتكون في إطار هذا النمط الذي يتجدد، ليس نمطاً من الإنتاج، أي ليس بنية متماسكة ستدخل في مرحلة لاحقة زمان تجددها، بل إن ما يتكون هو عناصر من بنية لا تتماسك بذاتها، بل بالشكل الذي هي فيه في البنية التي تتكون فيها، أي بالشكل الذي تمنعها فيه هذه البنية من التماسك، في توليدها لها." ص٣٩
"فما يتكون من علاقات إنتاج رأسمالية مثلا، في إطار نمط الإنتاج الإقطاعي، ليس في حد ذاته بنية هذه العلاقات بل عناصر منها لا تتكون إلا بمقدار ما تمنع بنية علاقات الإنتاج الإقطاعية هذا التكون، وبالشكل الذي هي فيه تمنعه، من حيث هي تولده، وفيما هي تولده في تجددها نفسه."ص٣٩
"القول إن علاقات الإنتاج الإقطاعية هي عائق بنيوي لتطور القوى المنتجة التي بات تطورها يستلزم بالضرورة شكلاً من التحقق هو شكل علاقات الإنتاج الرأسمالية. إن تماسك عناصر البنية الجديدة إذن ـ وهي في هذا المثال الرأسمالية ـ لا يتم بفعل هذه البنية وبحركة منطقها الداخلي المتميز، بل بفعل البنية التي تتكون فيها - وهي البنية الإقطاعية في هذا المثال ـ، وبحركة داخلية من منطق هذه البنية التي تولدها كعناصر من بنية، لا كبنية متماسكة. فالتحام العناصر هذه في بنية هي بنيتها التي تصير إليها، لا يكون في إطار البنية السابقة، بل بالقضاء عليها." ص٤٠
"وبتعبير آخر، إن الإرادية افتعال الثورة عند أي أزمة يمر بها تطور البنية الاجتماعية، دون تحديد علمي لطبيعة هذه الأزمة، (هل هي أزمة هيمنة طبقية أم أزمة سيطرة طبقية؟ هل هي أزمة إيديولوجية أم اقتصادية أم سياسية، أم هل هي أزمة عامة؟)، أي دون رؤية العلاقة الفعلية التي تربطها بالحركة المحورية للصراع الطبقي وبشكل هذه الحركة التي تحددها في وجودها الفعلي كأزمة معينة، وليس كأزمة بشكل عام." ص٤١-٤٢
"فالإرادية إذن نرى في كل أزمة، أزمة عامة لأنها تنظر إلى الأزمة بشكل عام، أي بشكل مجرد عن وجودها الفعلي في الحركة الفعلية للصراعات الطبقية." ص٤٢
"إذ لا ثبات في الإرادة الثورية إلا حين تصير هذه الإرادة إرادة طبقية منظمة تستند في أفعالها التي هي ممارسات التنظيم الثوري إلى الوعي العلمي لآلية الصراع الطبقي، أي إلى علم الثورة الماركسية اللينينية." ص٤٤
"إن منطق البنيوية لا يفهم الحركة إلا على أنها بنية تجدد، أي على أنها إعادة إنتاج للبنية ذاتها." ص٤٧
"أن منطق التماثل يضع طرفي التناقض في علاقة يختفي فيها الاختلاف بينهما، بعكس منطق التناقض الذي يؤكد وجود الإختلاف، من حيث هو أساس الحركة في التناقض." ص٤٨
"فحركة تجددها، أي حركة إعادة الإنتاج، هي، من زاوية نظر الطبقة المسيطرة، حركة بذاتها تخضع لآليتها الطبيعية، لا تربطها بالصراع الطبقي سوى علاقة خارجية هي فيها مستقلة عنه؛ أما من زاوية نظر الطبقة المهيمنة النقيض، فهي حركة لا تتم، في آليتها الطبيعية نفسها، إلا بفعل الممارسة السياسية للطبقة المسيطرة." ص٤٨
"فالبنية الإجتماعية لا تتماسك بذاتها، في ترابط مستوياتها البنيوية، بل بالشكل الذي يتحرك فيه التناقض السياسي الذي هو مبدأ تماسكها، ولا بد من الرجوع إلى أشكال تحرك هذا التناقض لتحديد أشكال ترابط مستوياتها." ص٥٠
لذا يمكن القول إن منطق البنيوية هو الشكل الجديد الذي يظهر فيه منطق الإيديولوجية البرجوازية، بل إنه الشكل العقلاني الذي يظهر فيه منطق الإيديولوجية الإمبريالية، فتغييب حركة الصراع الطبقي هو الأساس الذي يقوم عليه هذا الشكل من العقلانية الطبقية، والمنطق الإمبريالي لا يقبل منطقا سواه، فيه يزول الاختلاف ويتوحد الوجود، فيزول، بالتالي مبرر وجود نقيضه، طالما أن التوحيد الإمبريالي للعالم قائم على أساس صهر الاختلاف في وحدة التماثل." ص٥٢
"إن علاقة التناقض السياسي في الصراع الطبقي بين ممارستي الطبقتين الرئيسيتين هي التي تحدد بالضرورة حزب البروليتاريا كنقيض للدولة وأجهزتها، فتحدد بالتالي ضرورة استثنائه من هذه الأجهزة التي هو نقيض لها. فآلية هذا الصراع تكمن إذن في وجود هذا الاختلاف بين النقيضين في علاقة التناقض بينهما : فإذا تماثل النقيضان اختفى الصراع هذا، وتماثلت، بالتالي، كما سبق القول، زاويتا النظر الطبقيتان النقيضتان بشكل تظهر فيه زاوية نظر الطبقة المسيطرة بمظهر الأساس الموضوعي للنظر في الواقع، لأنها تظهر بمظهر زاوية النظر الوحيدة." ص٥٢-٥٣
"أن الحركة التاريخية، في حقيقتها المادية، هي حركة التكوينات الإجتماعية لا حركة أنماط الإنتاج." ص٦٥
"لا وجود لنمو الإنتاج إلا في علاقة تعايش مع أنماط أخرى من الإنتاج يترابط بها بشكل تاريخي محدد يختلف باختلاف التكوين الاجتماعي الذي هو فيه." ص٦٥
"أن أنماط الإنتاج هي الأطر البنيوية التي فيها يتمرحل التاريخ." ص٦٥
"غير أن حركة التمرحل هذه لا تنحصر في حركة أنماط الإنتاج، وإن كانت هذه أساساً لتلك، كما إن التعقد في الأولى لا ينحصر في تعقد العلاقات بين أزمنة الثانية. فحركة التمرحل التي ترسمها في تاريخ التكوينات الاجتماعية حركة أنماط الإنتاج هي، بشكل أساسي، حركة القاعدة المادية من هذه التكوينات، أي حركة بنيتها الاقتصادية، وبالتالي، حركة علاقات الإنتاج، في علاقتها بالقوى المنتجة. ومن الطبيعي أن يجد تمرحل التاريخ، من حيث هو تاريخ التكوينات الاجتماعية، أساسه المادي في تمرحل قاعدته الاقتصادية، لأن القاعدة هذه هي التي بها يتحدد كامل التكوين الإجتماعي في مختلف مستويات البنيوية، وفي الحركات المتميزة الخاصة بهذه المستويات. وهذا هو الفهم المادي للتاريخ." ص٦٥-٦٦
" فبنية المستوى البنيوي في البنية الاجتماعية تتحدد ببنية التناقض الطبقي الذي يتحرك فيه من حيث هو تناقض بين ممارسات محددة من الصراع الطبقي، وبالتالي، بين الممارسات الإيديولوجية أو الاقتصادية أو السياسية من هذا الصراع الذي هو، في بنيته، بنية التناقض السياسي نفسه." ص٦٨
" فتمرحل تاريخ البنية الاجتماعية إذن مرتبط بالضرورة بالحركة المحورية للصراع الطبقي في هذه البنية، في شكل يحدد هذه الحركة ببنية التناقض الاقتصادي. معنى هذا أن المراحل التاريخية التي يمر بها تطور البنية الاجتماعية نفسها المراحل التي تمر بها حركة الصراع الطبقي، بالشكل الذي تتحدد فيه هذه الحركة بالتناقض الاقتصادي المميز في هذه البنية. فحركة التناقض السياسي، من حيث هي الحركة المحورية التي بها تترابط المستويات البنيوية، فتتماسك في كل اجتماعي واحد معقد، هي التي ترسم المراحل التاريخية للبنية الاجتماعية؛ لكنها لا ترسم هذه المراحل بشكل منفلت من حركة التناقض الاقتصادي، بل بالشكل الذي فيه تتحدد بحركة هذا التناقض الأساسي نفسه." ص٦٨
"إن مشكلة تمرحل التاريخ هي، في وجه منها، مشكلة العلاقة بين التناقض الإقتصادي الأساسي والتناقض السياسي الرئيسي، وبالتالي، مشكلة العلاقة بين علاقة التحدد وعلاقة السيطرة في التطور التفاوتي للبنية الإجتماعية." ص٦٨-٦٩
" زمان التجدد من نمط الإنتاج هو، في مقاربة أولى، زمان إعادة إنتاج علاقات الإنتاج الخاصة بهذا النمط في بنية اجتماعية محددة. إنه، في الظاهر، زمان التناقض الاقتصادي، أي زمان الثبات من بنية علاقات الإنتاج القائمة." ص٦٩
"فبنية زمان التجدد ليست إذن بنية بسيطة، بل معقدة، لأنها بنية زمان إعادة الإنتاج الذي هو زمان بقاء البنية في تغيرها، أو تغيراتها، ووحدتها ليست، بالتالي، وحدة تماثل، بل وحدة تخالف في حركة من التماثل لا تتأبد فيها البنية إلا في تغيرات." ص٧١
"إن أزمنة التغير من طوري زمان التجدد - طور الصعود وطور الأزمة - تتحدد بالشكل الذي تتحرك فيه بنية التناقض السياسي (أي بنية العلاقة، من حيث هي علاقة سيطرة، بين الطبقات المتصارعة)." ص٧٢
" إن الطور الذي يمر به نمط الإنتاج هو الشكل التاريخي المحدد الذي توجد فيه بنية العلاقة في التناقض الاقتصادي الخاص بهذا النمط من الإنتاج. في ضوء هذا التحديد وحده يجب التمييز بين طورين اثنين في زمان البنية من نمط الإنتاج، لأن لهذه البنية شكلين متناقضين من الوجود التاريخي: شكل تتثبت فيه في توسعها دون أن تكون حدودها التي تتوسع فيها، بآليتها الداخلية، عائقاً لحركتها هذه، وشكل تتولد فيه أزمتها، في حركتها هذه نفسها التي تصطدم فيها بحدودها، بفعل آليتها الداخلية بالذات." ص٧٤
" بمعنى أن تاريخها -البنية- الذي هو زمان بقائها - زمان التجدد - يتمرحل بأزمنة تغيرها هذه، أي أن زمانها هذا لا يبقى واحداً إلا بتغير منه يمرحله. فالتغير هذا ليس حركة مستمرة من تكرار التماثل، بل هو حركة تطور (إعادة الإنتاج المتوسعة) تتقطع في مراحل متخالفة هي التي تمنع النظر إليه على أنه حركة تصاعد من تکرار تماثل البنية بذاتها." ص٧٥
" زمان التناقض الاقتصادي، هو أيضا، في وجه منه، زمان التناقض السياسي، لأن الحركة التي تعيد إنتاج التناقض الإقتصادي تعيد، في الوقت نفسه إنتاج التناقض السياسي، من حيث هو، بشكل رئيسي، تناقض بين الطبقتين الرئيسيتين." ص٧٦
"فالتمرحل هو، بدقة، حركة الانتقال من مرحلة إلى أخرى؛ أما التطور فهو حركة الانتقال من طور إلى آخر." ص٧٧
"فالتناقض الرئيسي إذن دائم بديمومة التناقض الدائم فيه في شتى مراحله؛ لكنه يختلف، من مرحلة إلى أخرى، باختلاف طرفيه اللذين يضم كل منهما بالضرورة طرفا من ذاك التناقض الدائم، دون أن ينفي هذا الاختلاف "المرحلي" منه تحدده الضروري كتناقض رئيسي، من حيث هو التناقض السياسي نفسه " ٨١-٨٢
"هذا يعني أن التناقض السياسي هو في كل مرحلة من مراحل تطور البنية الاجتماعية، التناقض الرئيسي، أي المسيطر فيها، (...) وهذا يعني أيضا أن التناقض بين الطبقتين الرئيسيتين هو التناقض الدائم في هذا التناقض الرئيسي، في كل مرحلة من مراحل تطوره." ص٨٢
"والواقع التاريخي نفسه يدل على أن الفشل ملازم بالضرورة لكل ممارسة من الصراع الطبقي تنفرد بها الطبقة الإجتماعية فتخرج بها عن إطار وجودها في التحالف الطبقي الضروري لنجاحها." ص٨٤
"لذا نرى الطبقة المسيطرة تلجأ دوماً، في ممارسة صراعها الطبقي إلى شتى الوسائل الاقتصادية والإيديولوجية والسياسية لمنع الطبقات الخاضعة لسيطرتها الطبقية من الالتقاء الممارسي في تحالف طبقي واحد ضدها. بل هي تحاول أن توهم الطبقات هذه بأن مصلحتها الطبقية تكمن في تحالفها غير الطبيعي معها، أو على الأقل، في قبولها بالخضوع لسيطرتها الطبقية، أي في نهاية التحليل في عدم تحالفها مع الطبقة المهيمنة النقيض إن هذا التحالف الطبقي ضروري لتحرر الطبقات الثانوية من سيطرة الطبقة المسيطرة، كما هو ضروري أيضاً لتحرر الطبقة الرئيسية النقيض." ص٨٤
"معنى هذا أن الطابع الثوري الذي تتميز به الممارسة الطبقية البروليتارية يكمن في استقلالها، في هذا التحالف نفسه عن غيرها من الممارسات الطبقية وليس في استقلالها عن هذا التحالف، بل يمكن القول إن هذا الاستقلال، في ممارسة الصراع الطبقي عن التحالف الطبقي الضروري، هو الطابع الذي تتميز به الممارسة الطبقية غير البروليتارية، وبالتحديد، ممارسة حلفاء البروليتاريا، لا سيما فئات البرجوازية الصغيرة." ص٨٤-٨٥
"معنى هذا أن طابع الاستقلال الفعلي الذي تتميز به ممارسة الطبقة العاملة يكمن في تميز هذه الطبقة من حيث هي الطبقة الرئيسية في التحالف الطبقي الثوري أي من حيث هي، في هذا التحالف، الطبقة المهيمنة النقيض." ص٨٥
" إن حركة تمرحل التناقض السياسي هي حركة تغير التحالفات الطبقية حول قطبيها الرئيسيين: الطبقة المسيطرة والطبقة المهيمنة النقيض." ص٨٦
" فزمان التجدّد من حيث هو زمان إعادة الإنتاج أي من حيث هو زمان بنية نمط الإنتاج يتميز في طوريه بتمييزه تمرحل علاقة السيطرة هذه التي هي في، تمرحلها، تمييز له. لذا يمكن القول إن زمان التجدّد هذا هو زمان السيطرة الطبقية، وبالتالي، زمان التناقض السياسي نفسه." ص٨٧
"فوجود علاقات الإنتاج السابقة على الرأسمالية في البنية الاجتماعية الرأسمالية نفسها أساسي لتحقق حركة التوسع من إعادة إنتاج رأس المال، لأن إعادة الإنتاج المتوسعة هذه تتحقق بالقضاء على تلك العلاقات من الإنتاج السابقة." ص٩٠
"الهدف من ممارسة السيطرة الطبقية عند الطبقة المسيطرة واحد في هذين الطورين، وهو تأمين الشروط الضرورية لتأبد بنية نمط الإنتاج المسيطر الذي هي فيه الطبقة المسيطرة." ص٩١
"الطبقة البرجوازية المسيطرة واعية تماما بأن نقيضها الطبقي المباشر في أي مرحلة من مراحل تطور البنية الاجتماعية هو الطبقة العاملة." ص٩١
"إنما يمكن القول، من وجه آخر إن البرجوازية الكولونيالية هذه تنقلب دوماً، وبشكل ضروري إلى التحالف مع الإمبريالية، حتى في طور تثبت نمط الإنتاج الكولونيالي، أي في هذا الطور الذي يمكن أن تكون فيه في صراع مع الإمبريالية، كلما رأت في حركة الطبقات الخاضعة لسيطرتها، بوادر خطر أو إمكانية خطر على سيطرتها الطبقية. والأمثلة على هذا كثيرة، نذكر منها موقف البرجوازية الكولونيالية في مصر من ثورة عرابي وانقلابها ضده، وكذلك موقفها المتردد الخائف من الحركة الشعبية في انتفاضة ١٩١٩." ص٩٢
"فالقضاء على علاقات الإنتاج السابقة على الرأسمالية يقود، كما رأينا، إلى تحويل الفئات الاجتماعية الوسطية (وهي الفئات التي تتحد اجتماعياً بإنتمائها إلى هذه العلاقات) إلى أجراء، وبالتالي إلى فئات من الطبقة العاملة. هذا الاستقطاب الطبقي (ونعني به هذه الحركة التي تميل إلى إزالة الفئات الوسطية بين الطبقتين الرئيسيتين فتضعهما في مجابهة مباشرة) ملازم بالضرورة للتطور الرأسمالي." ص٩٣
"فكثير من الأحداث، حتى لو بدت صاحبة، لا تستحق صفة التاريخي، طالما أنها بدأت وانتهت دون أن تجري تحويلاً في البنية الاجتماعية." ص١٧
"إن التمييز، وعلى الصعيد النظري، بين التاريخي العارض والتاريخي الجوهري، إن صح القول، ضروري من وجهة نظر الثورة الاجتماعية، لا بمعنى إنتاج المعرفة الموافقة فقط، بل بمعنى قراءة الظواهر الاجتماعية والتدخل العملي فيها، من أجل نقلها من مستوى «الثورة الظاهرية» إلى مستوى الثورة الحقيقية." ص١٧
"فحركة التاريخ ليست في الحقيقة سوى حركة صيرورة البنى الإجتماعية، إن التاريخ في هو حركته هو البنية الإجتماعية في صيرورة." ص٢٠
"يكتب مهدي: «وكل ثورة في الفكر تستحدث بلا شك تغييراً البنية الإيديولوجية العامة، أي في الحقل الاجتماعي، نفسه لتطور الفكر. هذه الثورة في الفكر لا يقوم بها إلا حين يسمح التاريخ الاجتماعي بذلك. فعزلة الفكر عن التاريخ موت له، وموت الفكر أن يعجز عن القيام بثورته، أي أن يظل سجين بنيته، حين يفرض عليه التاريخ الإجتماعي ضرورة كسرها." ص٢٧-٢٨
"لأن علم التاريخ، في نهاية التحليل، هو استخراج القوانين العامة التي تتحكم بهذه الحركة المادية التي هي حركة الزمان في حركة البنية الإجتماعية." ص٣٢
"لأنها -الإشتراكية- ليست انتقالا من شكل تاريخي إلى آخر من البنية الإجتماعية الطبقية، بل انتقالا من البنية الاجتماعية الطبقية إلى بدء تاريخ البنية الاجتماعية اللاطبقية." ص٣٤
"إذ المثالية ليست، من هذا الوجه، سوى شكل عقلانية الفكر التجريبي نفسه." ص٣٥
"أي من الفكر المادي العلمي. وعلمية الفكر في ماديته، وماديته في أن ينفذ إلى ما يحرك الظاهر من الواقع ـ أي إلى ضرورته - ففي هذه الضرورة التي هي من الواقع منطقه الفعلي، يكمن مبدأ العقلانية التي لا تكون علمية إلا بمقدار ما يكون لها شكل ضرورة الواقع. في ضوء هذا المنطق من الفكر المادي، يستحيل أن تتخذ عقلنة الواقع شكل النمذجة، لأن النمذجة ليست للواقع عقلنة إلا على أساس من حصر الواقع في ظاهره بشكل تنتفي فيه ضرورته ـ وهنا تكمن التجريبية ـ، فيحل محل ضرورته، في عملية عقلنه، حرية الفكر في تنظيم ظاهراته، أي في نمذجتها - وهنا تكمن المثالية" ص٣٥-٣٦
"إن زمانية نمط الإنتاج تتكون من ترابط أزمنة ثلاثة أساسية فيه: زمان التكون - زمان التجدد - زمان التحويل." ص٣٨
"الشروط التاريخية التي بها ينتقل نمط الإنتاج من زمان تكونه إلى زمان تجدده، هو الفاصل البنيوي بين الزمانين." ص٣٩
"هو فاصل بنيوي، أي علاقة اختلاف في بنية الزمانين يستحيل بها وضع زمان التجدد في علاقة تتابع مع زمان التكون يصير فيها نمط الإنتاج ما كانه قبلاً، بحركة تكامل ونمو يستمر فيها تكونه إلى حد يسمح له بالتجدد تلقائياً." ص٣٩
"إن تكون نمط الإنتاج الرأسمالي، مثلاً، يتم في إطار تجدد نمط الإنتاج الإقطاعي السابق عليه، وبفعل حركة تجدد هذا النمط بالذات. فزمان التكون من نمط إنتاج معين ليس في علاقة تداخل مع زمان تجدد هذا النمط، بل مع زمان تجدد النمط السابق عليه. لكن ما يتكون في إطار هذا النمط الذي يتجدد، ليس نمطاً من الإنتاج، أي ليس بنية متماسكة ستدخل في مرحلة لاحقة زمان تجددها، بل إن ما يتكون هو عناصر من بنية لا تتماسك بذاتها، بل بالشكل الذي هي فيه في البنية التي تتكون فيها، أي بالشكل الذي تمنعها فيه هذه البنية من التماسك، في توليدها لها." ص٣٩
"فما يتكون من علاقات إنتاج رأسمالية مثلا، في إطار نمط الإنتاج الإقطاعي، ليس في حد ذاته بنية هذه العلاقات بل عناصر منها لا تتكون إلا بمقدار ما تمنع بنية علاقات الإنتاج الإقطاعية هذا التكون، وبالشكل الذي هي فيه تمنعه، من حيث هي تولده، وفيما هي تولده في تجددها نفسه."ص٣٩
"القول إن علاقات الإنتاج الإقطاعية هي عائق بنيوي لتطور القوى المنتجة التي بات تطورها يستلزم بالضرورة شكلاً من التحقق هو شكل علاقات الإنتاج الرأسمالية. إن تماسك عناصر البنية الجديدة إذن ـ وهي في هذا المثال الرأسمالية ـ لا يتم بفعل هذه البنية وبحركة منطقها الداخلي المتميز، بل بفعل البنية التي تتكون فيها - وهي البنية الإقطاعية في هذا المثال ـ، وبحركة داخلية من منطق هذه البنية التي تولدها كعناصر من بنية، لا كبنية متماسكة. فالتحام العناصر هذه في بنية هي بنيتها التي تصير إليها، لا يكون في إطار البنية السابقة، بل بالقضاء عليها." ص٤٠
"وبتعبير آخر، إن الإرادية افتعال الثورة عند أي أزمة يمر بها تطور البنية الاجتماعية، دون تحديد علمي لطبيعة هذه الأزمة، (هل هي أزمة هيمنة طبقية أم أزمة سيطرة طبقية؟ هل هي أزمة إيديولوجية أم اقتصادية أم سياسية، أم هل هي أزمة عامة؟)، أي دون رؤية العلاقة الفعلية التي تربطها بالحركة المحورية للصراع الطبقي وبشكل هذه الحركة التي تحددها في وجودها الفعلي كأزمة معينة، وليس كأزمة بشكل عام." ص٤١-٤٢
"فالإرادية إذن نرى في كل أزمة، أزمة عامة لأنها تنظر إلى الأزمة بشكل عام، أي بشكل مجرد عن وجودها الفعلي في الحركة الفعلية للصراعات الطبقية." ص٤٢
"إذ لا ثبات في الإرادة الثورية إلا حين تصير هذه الإرادة إرادة طبقية منظمة تستند في أفعالها التي هي ممارسات التنظيم الثوري إلى الوعي العلمي لآلية الصراع الطبقي، أي إلى علم الثورة الماركسية اللينينية." ص٤٤
"إن منطق البنيوية لا يفهم الحركة إلا على أنها بنية تجدد، أي على أنها إعادة إنتاج للبنية ذاتها." ص٤٧
"أن منطق التماثل يضع طرفي التناقض في علاقة يختفي فيها الاختلاف بينهما، بعكس منطق التناقض الذي يؤكد وجود الإختلاف، من حيث هو أساس الحركة في التناقض." ص٤٨
"فحركة تجددها، أي حركة إعادة الإنتاج، هي، من زاوية نظر الطبقة المسيطرة، حركة بذاتها تخضع لآليتها الطبيعية، لا تربطها بالصراع الطبقي سوى علاقة خارجية هي فيها مستقلة عنه؛ أما من زاوية نظر الطبقة المهيمنة النقيض، فهي حركة لا تتم، في آليتها الطبيعية نفسها، إلا بفعل الممارسة السياسية للطبقة المسيطرة." ص٤٨
"فالبنية الإجتماعية لا تتماسك بذاتها، في ترابط مستوياتها البنيوية، بل بالشكل الذي يتحرك فيه التناقض السياسي الذي هو مبدأ تماسكها، ولا بد من الرجوع إلى أشكال تحرك هذا التناقض لتحديد أشكال ترابط مستوياتها." ص٥٠
لذا يمكن القول إن منطق البنيوية هو الشكل الجديد الذي يظهر فيه منطق الإيديولوجية البرجوازية، بل إنه الشكل العقلاني الذي يظهر فيه منطق الإيديولوجية الإمبريالية، فتغييب حركة الصراع الطبقي هو الأساس الذي يقوم عليه هذا الشكل من العقلانية الطبقية، والمنطق الإمبريالي لا يقبل منطقا سواه، فيه يزول الاختلاف ويتوحد الوجود، فيزول، بالتالي مبرر وجود نقيضه، طالما أن التوحيد الإمبريالي للعالم قائم على أساس صهر الاختلاف في وحدة التماثل." ص٥٢
"إن علاقة التناقض السياسي في الصراع الطبقي بين ممارستي الطبقتين الرئيسيتين هي التي تحدد بالضرورة حزب البروليتاريا كنقيض للدولة وأجهزتها، فتحدد بالتالي ضرورة استثنائه من هذه الأجهزة التي هو نقيض لها. فآلية هذا الصراع تكمن إذن في وجود هذا الاختلاف بين النقيضين في علاقة التناقض بينهما : فإذا تماثل النقيضان اختفى الصراع هذا، وتماثلت، بالتالي، كما سبق القول، زاويتا النظر الطبقيتان النقيضتان بشكل تظهر فيه زاوية نظر الطبقة المسيطرة بمظهر الأساس الموضوعي للنظر في الواقع، لأنها تظهر بمظهر زاوية النظر الوحيدة." ص٥٢-٥٣
"أن الحركة التاريخية، في حقيقتها المادية، هي حركة التكوينات الإجتماعية لا حركة أنماط الإنتاج." ص٦٥
"لا وجود لنمو الإنتاج إلا في علاقة تعايش مع أنماط أخرى من الإنتاج يترابط بها بشكل تاريخي محدد يختلف باختلاف التكوين الاجتماعي الذي هو فيه." ص٦٥
"أن أنماط الإنتاج هي الأطر البنيوية التي فيها يتمرحل التاريخ." ص٦٥
"غير أن حركة التمرحل هذه لا تنحصر في حركة أنماط الإنتاج، وإن كانت هذه أساساً لتلك، كما إن التعقد في الأولى لا ينحصر في تعقد العلاقات بين أزمنة الثانية. فحركة التمرحل التي ترسمها في تاريخ التكوينات الاجتماعية حركة أنماط الإنتاج هي، بشكل أساسي، حركة القاعدة المادية من هذه التكوينات، أي حركة بنيتها الاقتصادية، وبالتالي، حركة علاقات الإنتاج، في علاقتها بالقوى المنتجة. ومن الطبيعي أن يجد تمرحل التاريخ، من حيث هو تاريخ التكوينات الاجتماعية، أساسه المادي في تمرحل قاعدته الاقتصادية، لأن القاعدة هذه هي التي بها يتحدد كامل التكوين الإجتماعي في مختلف مستويات البنيوية، وفي الحركات المتميزة الخاصة بهذه المستويات. وهذا هو الفهم المادي للتاريخ." ص٦٥-٦٦
" فبنية المستوى البنيوي في البنية الاجتماعية تتحدد ببنية التناقض الطبقي الذي يتحرك فيه من حيث هو تناقض بين ممارسات محددة من الصراع الطبقي، وبالتالي، بين الممارسات الإيديولوجية أو الاقتصادية أو السياسية من هذا الصراع الذي هو، في بنيته، بنية التناقض السياسي نفسه." ص٦٨
" فتمرحل تاريخ البنية الاجتماعية إذن مرتبط بالضرورة بالحركة المحورية للصراع الطبقي في هذه البنية، في شكل يحدد هذه الحركة ببنية التناقض الاقتصادي. معنى هذا أن المراحل التاريخية التي يمر بها تطور البنية الاجتماعية نفسها المراحل التي تمر بها حركة الصراع الطبقي، بالشكل الذي تتحدد فيه هذه الحركة بالتناقض الاقتصادي المميز في هذه البنية. فحركة التناقض السياسي، من حيث هي الحركة المحورية التي بها تترابط المستويات البنيوية، فتتماسك في كل اجتماعي واحد معقد، هي التي ترسم المراحل التاريخية للبنية الاجتماعية؛ لكنها لا ترسم هذه المراحل بشكل منفلت من حركة التناقض الاقتصادي، بل بالشكل الذي فيه تتحدد بحركة هذا التناقض الأساسي نفسه." ص٦٨
"إن مشكلة تمرحل التاريخ هي، في وجه منها، مشكلة العلاقة بين التناقض الإقتصادي الأساسي والتناقض السياسي الرئيسي، وبالتالي، مشكلة العلاقة بين علاقة التحدد وعلاقة السيطرة في التطور التفاوتي للبنية الإجتماعية." ص٦٨-٦٩
" زمان التجدد من نمط الإنتاج هو، في مقاربة أولى، زمان إعادة إنتاج علاقات الإنتاج الخاصة بهذا النمط في بنية اجتماعية محددة. إنه، في الظاهر، زمان التناقض الاقتصادي، أي زمان الثبات من بنية علاقات الإنتاج القائمة." ص٦٩
"فبنية زمان التجدد ليست إذن بنية بسيطة، بل معقدة، لأنها بنية زمان إعادة الإنتاج الذي هو زمان بقاء البنية في تغيرها، أو تغيراتها، ووحدتها ليست، بالتالي، وحدة تماثل، بل وحدة تخالف في حركة من التماثل لا تتأبد فيها البنية إلا في تغيرات." ص٧١
"إن أزمنة التغير من طوري زمان التجدد - طور الصعود وطور الأزمة - تتحدد بالشكل الذي تتحرك فيه بنية التناقض السياسي (أي بنية العلاقة، من حيث هي علاقة سيطرة، بين الطبقات المتصارعة)." ص٧٢
" إن الطور الذي يمر به نمط الإنتاج هو الشكل التاريخي المحدد الذي توجد فيه بنية العلاقة في التناقض الاقتصادي الخاص بهذا النمط من الإنتاج. في ضوء هذا التحديد وحده يجب التمييز بين طورين اثنين في زمان البنية من نمط الإنتاج، لأن لهذه البنية شكلين متناقضين من الوجود التاريخي: شكل تتثبت فيه في توسعها دون أن تكون حدودها التي تتوسع فيها، بآليتها الداخلية، عائقاً لحركتها هذه، وشكل تتولد فيه أزمتها، في حركتها هذه نفسها التي تصطدم فيها بحدودها، بفعل آليتها الداخلية بالذات." ص٧٤
" بمعنى أن تاريخها -البنية- الذي هو زمان بقائها - زمان التجدد - يتمرحل بأزمنة تغيرها هذه، أي أن زمانها هذا لا يبقى واحداً إلا بتغير منه يمرحله. فالتغير هذا ليس حركة مستمرة من تكرار التماثل، بل هو حركة تطور (إعادة الإنتاج المتوسعة) تتقطع في مراحل متخالفة هي التي تمنع النظر إليه على أنه حركة تصاعد من تکرار تماثل البنية بذاتها." ص٧٥
" زمان التناقض الاقتصادي، هو أيضا، في وجه منه، زمان التناقض السياسي، لأن الحركة التي تعيد إنتاج التناقض الإقتصادي تعيد، في الوقت نفسه إنتاج التناقض السياسي، من حيث هو، بشكل رئيسي، تناقض بين الطبقتين الرئيسيتين." ص٧٦
"فالتمرحل هو، بدقة، حركة الانتقال من مرحلة إلى أخرى؛ أما التطور فهو حركة الانتقال من طور إلى آخر." ص٧٧
"فالتناقض الرئيسي إذن دائم بديمومة التناقض الدائم فيه في شتى مراحله؛ لكنه يختلف، من مرحلة إلى أخرى، باختلاف طرفيه اللذين يضم كل منهما بالضرورة طرفا من ذاك التناقض الدائم، دون أن ينفي هذا الاختلاف "المرحلي" منه تحدده الضروري كتناقض رئيسي، من حيث هو التناقض السياسي نفسه " ٨١-٨٢
"هذا يعني أن التناقض السياسي هو في كل مرحلة من مراحل تطور البنية الاجتماعية، التناقض الرئيسي، أي المسيطر فيها، (...) وهذا يعني أيضا أن التناقض بين الطبقتين الرئيسيتين هو التناقض الدائم في هذا التناقض الرئيسي، في كل مرحلة من مراحل تطوره." ص٨٢
"والواقع التاريخي نفسه يدل على أن الفشل ملازم بالضرورة لكل ممارسة من الصراع الطبقي تنفرد بها الطبقة الإجتماعية فتخرج بها عن إطار وجودها في التحالف الطبقي الضروري لنجاحها." ص٨٤
"لذا نرى الطبقة المسيطرة تلجأ دوماً، في ممارسة صراعها الطبقي إلى شتى الوسائل الاقتصادية والإيديولوجية والسياسية لمنع الطبقات الخاضعة لسيطرتها الطبقية من الالتقاء الممارسي في تحالف طبقي واحد ضدها. بل هي تحاول أن توهم الطبقات هذه بأن مصلحتها الطبقية تكمن في تحالفها غير الطبيعي معها، أو على الأقل، في قبولها بالخضوع لسيطرتها الطبقية، أي في نهاية التحليل في عدم تحالفها مع الطبقة المهيمنة النقيض إن هذا التحالف الطبقي ضروري لتحرر الطبقات الثانوية من سيطرة الطبقة المسيطرة، كما هو ضروري أيضاً لتحرر الطبقة الرئيسية النقيض." ص٨٤
"معنى هذا أن الطابع الثوري الذي تتميز به الممارسة الطبقية البروليتارية يكمن في استقلالها، في هذا التحالف نفسه عن غيرها من الممارسات الطبقية وليس في استقلالها عن هذا التحالف، بل يمكن القول إن هذا الاستقلال، في ممارسة الصراع الطبقي عن التحالف الطبقي الضروري، هو الطابع الذي تتميز به الممارسة الطبقية غير البروليتارية، وبالتحديد، ممارسة حلفاء البروليتاريا، لا سيما فئات البرجوازية الصغيرة." ص٨٤-٨٥
"معنى هذا أن طابع الاستقلال الفعلي الذي تتميز به ممارسة الطبقة العاملة يكمن في تميز هذه الطبقة من حيث هي الطبقة الرئيسية في التحالف الطبقي الثوري أي من حيث هي، في هذا التحالف، الطبقة المهيمنة النقيض." ص٨٥
" إن حركة تمرحل التناقض السياسي هي حركة تغير التحالفات الطبقية حول قطبيها الرئيسيين: الطبقة المسيطرة والطبقة المهيمنة النقيض." ص٨٦
" فزمان التجدّد من حيث هو زمان إعادة الإنتاج أي من حيث هو زمان بنية نمط الإنتاج يتميز في طوريه بتمييزه تمرحل علاقة السيطرة هذه التي هي في، تمرحلها، تمييز له. لذا يمكن القول إن زمان التجدّد هذا هو زمان السيطرة الطبقية، وبالتالي، زمان التناقض السياسي نفسه." ص٨٧
"فوجود علاقات الإنتاج السابقة على الرأسمالية في البنية الاجتماعية الرأسمالية نفسها أساسي لتحقق حركة التوسع من إعادة إنتاج رأس المال، لأن إعادة الإنتاج المتوسعة هذه تتحقق بالقضاء على تلك العلاقات من الإنتاج السابقة." ص٩٠
"الهدف من ممارسة السيطرة الطبقية عند الطبقة المسيطرة واحد في هذين الطورين، وهو تأمين الشروط الضرورية لتأبد بنية نمط الإنتاج المسيطر الذي هي فيه الطبقة المسيطرة." ص٩١
"الطبقة البرجوازية المسيطرة واعية تماما بأن نقيضها الطبقي المباشر في أي مرحلة من مراحل تطور البنية الاجتماعية هو الطبقة العاملة." ص٩١
"إنما يمكن القول، من وجه آخر إن البرجوازية الكولونيالية هذه تنقلب دوماً، وبشكل ضروري إلى التحالف مع الإمبريالية، حتى في طور تثبت نمط الإنتاج الكولونيالي، أي في هذا الطور الذي يمكن أن تكون فيه في صراع مع الإمبريالية، كلما رأت في حركة الطبقات الخاضعة لسيطرتها، بوادر خطر أو إمكانية خطر على سيطرتها الطبقية. والأمثلة على هذا كثيرة، نذكر منها موقف البرجوازية الكولونيالية في مصر من ثورة عرابي وانقلابها ضده، وكذلك موقفها المتردد الخائف من الحركة الشعبية في انتفاضة ١٩١٩." ص٩٢
"فالقضاء على علاقات الإنتاج السابقة على الرأسمالية يقود، كما رأينا، إلى تحويل الفئات الاجتماعية الوسطية (وهي الفئات التي تتحد اجتماعياً بإنتمائها إلى هذه العلاقات) إلى أجراء، وبالتالي إلى فئات من الطبقة العاملة. هذا الاستقطاب الطبقي (ونعني به هذه الحركة التي تميل إلى إزالة الفئات الوسطية بين الطبقتين الرئيسيتين فتضعهما في مجابهة مباشرة) ملازم بالضرورة للتطور الرأسمالي." ص٩٣