أطلقت حكومات ومنظمات دولية، الأحد، موجة من الدبلوماسية ودعوات للتهدئة في إقليم ناجورنو قره باغ، المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان، بعد اشتباكات دامية بين جيشي البلدين.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل مقتل 16 جنديا وإصابة أكثر من 100 آخرين من قوات إقليم ناجورنو قره باغ، فيما قال مكتب الادعاء العام في أذربيجان، إن خمسة من عائلة واحدة قتلوا في قصف للقوات الأرمينية، وذلك في أول حصيلة للضحايا من المدنيين في باكو.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن "بالغ قلقه" إزاء استئناف الأعمال العدائية على طول خط التماس في منطقة نزاع ناجورنو قره باغ.
وأدان غوتيريش، في بيان للمتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، استخدام القوة، معرباً عن أسفه لتسجيل خسائر في الأرواح وفي صفوف المدنيين.
وبحسب البيان، سيتحدث الأمين العام للأمم المتحدة، مع كل من رئيس أذربيجان ورئيس وزراء أرمينيا، داعياً إياهما لـ"وقف القتال على الفور وخفض التوتر، والعودة إلى مفاوضات هادفة دون تأخير".
وجدد غوتيريش دعمه الكامل للدور الذي يؤديه الرؤساء المشاركون لمجموعة "مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، من أجل استئناف عاجل للحوار دون شروط مسبقة.
روسيا تدعو لوقف المواجهات
ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحد، الى وضع حد للمواجهات الدامية في منطقة ناغورني قره باغ.
وقال بوتين وفق بيان للكرملين، إثر اتصال هاتفي برئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان: "من المهم بذل كل الجهود الضرورية لتجنب تصعيد المواجهة، لكن الأمر الأساسي هو وجوب وضع حد للمواجهات".
وأضاف البيان المقتضب أن "الجانب الروسي أعرب عن قلقه البالغ لتجدد المعارك على نطاق واسع".
انحياز تركي.. ورفضٌ أرميني
ووجهت تركيا، الحليفة لأذربيجان، انتقادات حادة لأرمينيا، إذ تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بـ"الدعم الكامل من تركيا لأذربيجان"، ودعا أرمينيا إلى "وقف عدوانها".
وقال أردوغان عبر تويتر: "سيدعم الشعب التركي أشقاءنا في أذربيجان بكل الوسائل كما عهدنا"، منتقداً المجتمع الدولي لعدم "رده بما يكفي، وكما يجب" على ما وصفه بـ"العدوان" من جانب أرمينيا.
وأكد أنه أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الأذربيجاني إلهام علييف، مرحباً بـ"موقفه الحكيم والحازم".
ورفض رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، التدخل التركي، ودعا المجتمع الدولي، إلى "ضمان عدم إقحام تركيا نفسها في الصراع بين بلاده وأذربيجان"، بشأن إقليم "ناجورنو قره باغ".
وشدد باشينيان على أن "السلوك التركي، سيكون له عواقب مدمرة على جنوب القوقاز والمناطق المحيطة". وقال في تغريدة على "تويتر": "سنبذل قصارى جهدنا لضمان أمن حدود وطننا وحماية حريتنا واستقلالنا".
الناتو: لا حل عسكرياً
من جانبه، أعرب حلف شمال الأطلسي "الناتو" عن عميق قلقه إزاء التصعيد العسكري في إقليم "ناجورنو قره باغ" المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان.
وحث "الناتو" طرفي النزاع على الوقف الفوري للأعمال العدائية، التي أدت لسقوط ضحايا من المدنيين.
وأضاف في بيان أنه "لا حل عسكري للنزاع في المنطقة"، مؤكداً أنه "على جميع الأطراف استئناف المفاوضات التي تؤدي لحل سلمي"، وشدد الحلف على دعمه لجهود مجموعة "مينسك" لحل الصراع.
وتأسست مجموعة "مينسك" المنبثقة عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، عام 1992 للوساطة بين أذربيجان وأرمينيا، وتشجيعهما على الحل السلمي لإقليم "ناجورنو قره باغ" المتنازع عليه.
صورة جماعية لرؤوساء الدول الأعضاء في منظمة
صورة جماعية لرؤساء الدول الأعضاء في منظمة "مينسك" - REUTERS
وفي سياق متصل، أعرب مجلس التعاون الخليجي عن قلقه بشأن التصعيد بين أرمينيا وأذربيجان، ودعا الطرفين إلى خفض التوتر وحل الخلافات بالحوار.
كما دعت الخارجية المصرية أرمينيا وأذربيجان، إلى ضبط النفس ووقف التصعيد. وأكدت في بيان، موقفها الثابت و"القائم على حث كافة الأطراف على الحوار، من أجل الوصول إلى تسوية بالطرق السلمية وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، وذلك في إطار مجموعة "مينسك".
خلفيات النزاع
والاشتباكات التي وقعت بين الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين، اللتين خاضتا حربا في تسعينيات القرن الماضي، هي أحدث تصعيد في الصراع الممتد لفترة طويلة، بخصوص إقليم ناجورنو قرة باغ في أذربيجان، والذي يقطنه أساساً سكان ينحدرون من أصول أرمينية. وزادت حدة الاشتباكات الحدودية في الأشهر القليلة الماضية.
وقالت أذربيجان إن قواتها ردت على قصف من جانب أرمينيا، وإنها سيطرت على ما يصل إلى سبع قرى، غير أن إقليم ناجورنو قرة باغ نفى ذلك. وقالت وزارة الدفاع الأرمينية إن قواتها أسقطت طائرتي هليكوبتر وثلاث طائرات مسيرة لأذربيجان، رداً على هجوم قالت إنه استهدف التجمعات السكنية ومن بينها العاصمة الإقليمية خانكندي.
وانفصل إقليم ناجورنو قرة باغ عن أذربيجان في صراع احتدم مع سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991.
وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار عام 1994، بعد سقوط آلاف القتلى وتهجير أعداد أخرى، لا تزال أذربيجان وأرمينيا تتبادلان الاتهامات بشن هجمات جراء الإقليم وعلى امتداد الحدود التي تفصل بين البلدين.