الكتاب: علم البيان
المؤلف: عبد العزيز عتيق (المتوفى: 1396 هـ)
المبحث السابع: منهجه في شرحه
جرى إبراهيم بن القيم في شرحه لألفية ابن مالك على طريقة كثير من شراح المتون، فهو يورد البيت أو البيتين أو الثلاثة، وقد يزيد على ذلك أحياناً، ثم يأخذ في شرحها وتحليلها بأسلوب سهل ميسر، وعبارات مختارة، مختصرة، وشرحه متناسب متقارب لا يخرج عن ذلك إلا قليلاً حين يستدعي المقام الزيادة في التوضيح، حتى إنه ليخيل إلى قارئه أنه كتب في ساعة من نهار، ومما
تميز به، أن كل باب فيه مفتتح بتمهيد يسير -وقلما فاته ذلك- يذكر فيه الحد الاصطلاحي لذلك الباب، ومحترزاته، أو شروطه، أو اشتقاقه، أو سبب إعمال أو إهماله، أو تسميته بذلك الاسم، ونحو ذلك، مما تدعو الحاجة إلى معرفته، فإذا شرع في الشرح تحدث بحسب ما يمليه عليه اجتهاده، ممثلاً للمسائل بأمثلة الناظم نفسها، وكثيراً ما يزيد عليها رغبة في التوضيح، وأما ما يتعلق بآراء الناظم، فإنه يوردها، وقد يستعين في توضيحها بما صرح به صاحبها في كتبه الأخرى، فإن ارتضاها أقرها وأمرها، وإلا اعترض عليها، فردها أو أوهنها، كما تقدم في اعتراضاته.
وكذلك صنع بكثير من الآراء النحوية الأخرى، فما ارتضاه منها بنى عليه قوله، وما عداه نبه على ضعفه، أو حكم برده، ذاكراً أعيان المخالفين أحياناً، وقد يكتفي بالحكم على القول من غير تعرض لصاحبه، كما تقدم في اعتراضاته -أيضاً-، وكثيراً ما يعتمد على رأي معين ويغفل ما عداه، مما قد يظن معه أن المسألة محل اتفاق، كقوله في باب المعرب والمبني: "فالأصل في السم الإعراب، وبناؤه عارض، والفعل عكسه".أ. هـ. فهذا قول البصريين، وأما الكوفيون فيذهبون إلى الإعراب أصل في الاسم والفعل، كما هو موضح في موضعه.
- وكقوله -في حكم الفصل بين فعل التعجب ومعموله-: "فلا يفصل بينهما بغير الظرف والجار والمجرور".أ. هـ. وقد ذهب الأخفش والمبرد وأكثر البصريين إلى منع الفصل بينهما مطلقاً، كما هو موضح في موضعه.
- وكقوله -عند حديثه عن اللازم الإضافة إلى الجمل-" "وهو ما يضاف إلى الجمل الفعلية خاصة ك "إذا" غير الفجائية".
وهذا قول جمهور البصريين، وأما الأخفش والكوفيون فذهبوا إلى جواز إضافة "إذا" الظرفية إلى الجمل الاسمية تمسكاً بظواهر الشواهد، كما هو موضح في موضعه.
وقد يكون في مسألةٍ ما عدة أقوال فيشير إلى بعضٍ ويغفل بعضا. كقوله -وهو يتحدث عن "مذ" و "منذ" -: "فيكونان اسمين في موضعين: أحدهما: أن يقع بعدهما اسم مرفوع نحو: ... وهل هما مبتدآن وما بعدهما خبرهما أو بالعكس؟ على قولين ... ".
فالقولان اللذان أشار إليهما للبصريين، وأما جمهور الكوفيين فذهبوا إلى أن الاسم بعدهما مرفوع بفعل محذوف، كما هو موضح في موضعه ولم يتطرق لذلك الشارح.
- وكقوله- في حديثه عن الضمائر -: "وسبب بنائها شبه أكثرها بالحرف في الوضع".
فهذا قول أكثر النحويين، وقال بعضهم: "بل لشبه الحرف في معناه"، وقيل: "بل في "افتقاره"، وقيل: "بل في جموده، وقيل غير ذلك".
المؤلف: عبد العزيز عتيق (المتوفى: 1396 هـ)
المبحث السابع: منهجه في شرحه
جرى إبراهيم بن القيم في شرحه لألفية ابن مالك على طريقة كثير من شراح المتون، فهو يورد البيت أو البيتين أو الثلاثة، وقد يزيد على ذلك أحياناً، ثم يأخذ في شرحها وتحليلها بأسلوب سهل ميسر، وعبارات مختارة، مختصرة، وشرحه متناسب متقارب لا يخرج عن ذلك إلا قليلاً حين يستدعي المقام الزيادة في التوضيح، حتى إنه ليخيل إلى قارئه أنه كتب في ساعة من نهار، ومما
تميز به، أن كل باب فيه مفتتح بتمهيد يسير -وقلما فاته ذلك- يذكر فيه الحد الاصطلاحي لذلك الباب، ومحترزاته، أو شروطه، أو اشتقاقه، أو سبب إعمال أو إهماله، أو تسميته بذلك الاسم، ونحو ذلك، مما تدعو الحاجة إلى معرفته، فإذا شرع في الشرح تحدث بحسب ما يمليه عليه اجتهاده، ممثلاً للمسائل بأمثلة الناظم نفسها، وكثيراً ما يزيد عليها رغبة في التوضيح، وأما ما يتعلق بآراء الناظم، فإنه يوردها، وقد يستعين في توضيحها بما صرح به صاحبها في كتبه الأخرى، فإن ارتضاها أقرها وأمرها، وإلا اعترض عليها، فردها أو أوهنها، كما تقدم في اعتراضاته.
وكذلك صنع بكثير من الآراء النحوية الأخرى، فما ارتضاه منها بنى عليه قوله، وما عداه نبه على ضعفه، أو حكم برده، ذاكراً أعيان المخالفين أحياناً، وقد يكتفي بالحكم على القول من غير تعرض لصاحبه، كما تقدم في اعتراضاته -أيضاً-، وكثيراً ما يعتمد على رأي معين ويغفل ما عداه، مما قد يظن معه أن المسألة محل اتفاق، كقوله في باب المعرب والمبني: "فالأصل في السم الإعراب، وبناؤه عارض، والفعل عكسه".أ. هـ. فهذا قول البصريين، وأما الكوفيون فيذهبون إلى الإعراب أصل في الاسم والفعل، كما هو موضح في موضعه.
- وكقوله -في حكم الفصل بين فعل التعجب ومعموله-: "فلا يفصل بينهما بغير الظرف والجار والمجرور".أ. هـ. وقد ذهب الأخفش والمبرد وأكثر البصريين إلى منع الفصل بينهما مطلقاً، كما هو موضح في موضعه.
- وكقوله -عند حديثه عن اللازم الإضافة إلى الجمل-" "وهو ما يضاف إلى الجمل الفعلية خاصة ك "إذا" غير الفجائية".
وهذا قول جمهور البصريين، وأما الأخفش والكوفيون فذهبوا إلى جواز إضافة "إذا" الظرفية إلى الجمل الاسمية تمسكاً بظواهر الشواهد، كما هو موضح في موضعه.
وقد يكون في مسألةٍ ما عدة أقوال فيشير إلى بعضٍ ويغفل بعضا. كقوله -وهو يتحدث عن "مذ" و "منذ" -: "فيكونان اسمين في موضعين: أحدهما: أن يقع بعدهما اسم مرفوع نحو: ... وهل هما مبتدآن وما بعدهما خبرهما أو بالعكس؟ على قولين ... ".
فالقولان اللذان أشار إليهما للبصريين، وأما جمهور الكوفيين فذهبوا إلى أن الاسم بعدهما مرفوع بفعل محذوف، كما هو موضح في موضعه ولم يتطرق لذلك الشارح.
- وكقوله- في حديثه عن الضمائر -: "وسبب بنائها شبه أكثرها بالحرف في الوضع".
فهذا قول أكثر النحويين، وقال بعضهم: "بل لشبه الحرف في معناه"، وقيل: "بل في "افتقاره"، وقيل: "بل في جموده، وقيل غير ذلك".