Announcement Title

Your first announcement to every user on the forum.

سلسلة الحضارات المزدهرة: مصر القديمة

الرُمح

Moderator
طاقم الإدارة
مشرفين انكور
عضو انكور
تهدف هذه السلسلة من المواضيع التي سأنشرها على منتدى انكور التطويري إلى رسم صورة شاملة لتطور الحضارات العالمية، بما تضمنته من اكتشافات علمية وابتكارات تكنولوجية، وذلك لإبراز تنوع أصول الثقافات الإنسانية المبكرة. فلا يمكننا فهم أنفسنا بوضوح إلا من خلال الفهم الكامل للعالم. وفي سلسلة المواضيع هذه، سيتم اختيار حضارات وأحداث ذات تأثير تاريخي عميق على المجتمع البشري وبالتركيز على توضيح أصول ومسارات تطور العلوم في مختلف الحضارات، إلى جانب أهمية بعض الأحداث المفتاحية في تطور الحضارة الإنسانية، فإن السرد التالي سيكون مختلفًا عن السرد التقليدي لتاريخ العالم. وهذا هو الموضوع الثاني من السلسلة بعد موضوع حوض النهرين، وهو مصر القديمة.

مصر القديمة

من الصعب تحديد من جاءت أولاً بين حضارة مصر القديمة وحضارة بلاد الرافدين. وبشكل عام، يقسم المؤرخون الحضارة المصرية القديمة إلى أربع مراحل، وهي: فترة الأسرات المبكرة (الأسرتان الأولى والثانية)، فترة المملكة القديمة (من الأسرة الثالثة إلى الأسرة الثامنة)، فترة المملكة الوسطى (من الأسرة التاسعة إلى الأسرة السابعة عشرة)، وفترة المملكة الحديثة (من الأسرة الثامنة عشرة إلى الأسرة العشرين). وتمتد هذه الفترة من عام 3000 قبل الميلاد تقريبًا إلى نحو 1100 قبل الميلاد، أي ما يعادل الفترة ما بين أواخر العصر الحجري الحديث ونهاية أسرة شانغ في الصين. وهناك عشر أسرات أخرى امتدت من الأسرة العشرين حتى حملة الإسكندر الأكبر، ولكنها لا تُعد ضمن الحضارة المصرية القديمة التي نتناولها هنا.

سلسلة الحضارات المزدهرة: مصر القديمة

قبل فترة الأسرات المبكرة، اخترع المصريون الكتابة الهيروغليفية. ثم تطور بعضها لاحقًا إلى حروف تُشير إلى الأصوات وعلامات ذات دلالات معنوية. وعند جمع عدة علامات معًا، كانت تُشكل مجموعات كلمات. وبهذا، تم تطوير نظام كتابة معقد يشمل علامات أساسية، و22 حرفًا ساكنًا، وأكثر من 600 مجموعة كلمات. كان المصريون يقطعون سيقان نبات مائي يُدعى البردي، ويربطونها معًا لصنع أوراق البردي. كما صنعوا أقلامًا من سيقان القصب، وأضافوا السُخام إلى عصائر نباتية لصنع الحبر، بينما كانت تقنيات الكتابة في عهدة الكهنة والكتّاب المدربين تدريبًا مهنيًا. وقد اكتُشف حجر رشيد، المنقوش في القرن الثاني قبل الميلاد، في أواخر القرن الثامن عشر، وقد نُقشت عليه اللغة اليونانية القديمة ونوعان من الكتابة المصرية القديمة، وأصبح مفتاحًا لفك رموز الهيروغليفية لاحقًا.

الفرعون هو الحاكم الأعلى لكل أسرة مصرية. وبما أنه مُنح صلاحيات سياسية ودينية، فإن الفرعون لم يكن فقط مالكًا لجميع الأراضي في البلاد، بل كان أيضًا السيد الأعلى على جميع الناس. وتشمل صلاحياته العليا فرض الضرائب، وإدارة الأراضي، وشن الحروب، وتفسير الظواهر الطبيعية. ونظرًا لأن مصر تقع في حوض نهر النيل، فإن الفراعنة، دون استثناء، أولوا أهمية كبيرة لبناء أنظمة الري. وقد ساهمت متطلبات مشاريع حفظ المياه وتوزيع الأراضي بشكل كبير في تطور علم الهندسة في مصر. وقد اعتقد العالم اليوناني بروكلوس أن "الهندسة اكتُشفت أولًا بين المصريين، وبدأت من قياس المساحات، إذ كان ذلك ضروريًا لهم بسبب فيضانات النيل التي كانت تمحو الحدود الخاصة بكل شخص، تمامًا كما نشأت أولى المعارف الحسابية بين الفينيقيين من أنشطتهم التجارية والعقود".

نشأت الصور الدينية في مصر القديمة من الطواطم القبلية، وكان العديد منها يتمثل في النسور، والأبقار، وحيوانات أخرى. ولاحقًا، ظهر عبادة الآلهة الطبيعية مثل إله الشمس، وإله الأرض، وإله النبات والماء، وإله الخصوبة. وبسبب التداخل والتأثير المتبادل بين نوعي العبادة، كثيرًا ما نجد آلهة برؤوس حيوانات وأجساد بشرية في المعابد المصرية. وقد ورثت الأساطير اليونانية-الرومانية اللاحقة مفهوم الآلهة الطبيعية. ونظرًا لإيمان الفراعنة بخلود الروح والتواصل مع الآلهة السماوية في الحياة الآخرة، فقد ابتكر المصريون طريقة لتحنيط الجثث للحفاظ على أجساد الموتى، وظلوا يبنون مقابر هرمية ضخمة للفراعنة. وبالمثل، فقد تلقت المعارف المتعلقة بالعلوم الطبية، وعلم التشريح، والهندسة المعمارية، وعلم الفلك دفعة نحو التطور.

أكبر هرم هو هرم خوفو العظيم، الذي بُني في عام 2600 قبل الميلاد. وكان ارتفاعه في الأصل 146.5 مترًا، ويبلغ طوله وعرضه في القاعدة حوالي 230 مترًا، ويحتوي على ما مجموعه 2.6 مليون حجر ضخم. وخلال أكثر من 4000 سنة، ما بين بنائه وحتى الانتهاء من بناء برج إيفل في باريس في أواخر القرن التاسع عشر، ظل هذا الهرم أطول بناء في العالم.

إلى جانب العمارة ومشاريع الري، طوّر المصريون أيضًا تقنية صهر البرونز. كما بلغت تقنياتهم في بناء السفن وصناعة النسيج مستوى متقدمًا. وفي مجال الزراعة، ظهرت المحاريث ذات الشفرات شبه المنحرفة والمناجل المعدنية، كما جاء أول زجاج معروف من مصر. ولم تكتفِ الأساطيل المصرية بالإبحار في الأنهار الداخلية، بل قامت أيضًا برحلات إلى البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. وتضمنت الأدبيات الطبية الباقية من مصر القديمة سجلات لأعراض وعلاجات متنوعة للأمراض المختلفة. وتكشف بردية ريند وبردية موسكو الشهيرة عن معلومات تتعلق بالرياضيات المصرية. بالإضافة إلى العمليات الأربع الأساسية، اشتملت على معادلات خطية بمجهول واحد، ومتتاليات حسابية وهندسية، وحساب بعض الخصائص الهندسية. وأكثر المواضيع إثارة للاهتمام هو ما يتعلق بالكسور الواحدة، أي تقسيم الكسر إلى عدد محدود من الكسور ذات البسط واحد ومقامات مختلفة. على سبيل المثال،
2/15 = 1/10 + 1/30 = 1/12 + 1/20 = 1/9 + 1/45…
يحمل هذا الموضوع معرفة عميقة بنظرية الأعداد الصحيحة. ومع ذلك، يعتقد بعض الناس أن هذا الشرط المتعلق باستخدام الكسور الواحدة قد قيّد تطور الحساب في مصر القديمة.​
 

ما هو انكور؟

هو منتدى عربي تطويري يرتكز على محتويات عديدة لاثراء الانترنت العربي، وتقديم الفائدة لرواد الانترنت بكل ما يحتاجوه لمواقعهم ومنتدياتهم واعمالهم المهنية والدراسية. ستجد لدينا كل ما هو حصري وكل ما هو مفيد ويساعدك على ان تصل الى وجهتك، مجانًا.
عودة
أعلى