تعمل آلية نظامنا الشمسي اليوم تقريبًا بالطريقة نفسها التي كانت عليها منذ ملايين السنين: الأقمار تدور حول كواكبها، والكواكب تدور حول الشمس، والحقول المغناطيسية والبقع الشمسية تزداد وتقلّ. وعلى مقياس حياة الإنسان، لا يبدو أن هناك الكثير مما يحدث. لكن على المقياس الكوني، يُعدّ نظامنا الشمسي المتواضع مكانًا مدهشًا مليئًا بالأحداث: فيلم أكشن يُعرض بالحركة البطيئة جدًا.
لقد بَرزت قصته من خلال قياساتنا للعوالم القريبة ومشاهداتنا للنجوم والكواكب الأخرى من بعيد، والتي جُمعت بدقة في نماذج رياضية معقّدة. نعرف الكثير، لكن حتى أفضل محاولاتنا لاستكشاف جوارنا ستظل محصورة في اللحظة الكونية القصيرة التي نحياها، لذلك تبقى العديد من الألغاز بلا إجابة: من أين جئنا؟ كيف انتهى نظامنا الشمسي إلى شكله الحالي؟ وأيّ نوع من النهايات ينتظرنا؟
قد يتطلّب الإجابة عن هذه الأسئلة مغامرة جريئة. ماذا لو كان بإمكانك القفز إلى آلة زمن والسفر عبر الدهور؟ يمكن لمغامر جريء عبر الزمن أن يحلّ العديد من أكبر ألغاز النظام الشمسي. وبمجرد حصولك على مثل هذه الآلة العجيبة (دعنا نتجاوز التفاصيل الدقيقة لكيفية حصولك عليها)، إليك خط سير مقترح لأكثر ست محطات إضاءةً وإثراءً.
لقد بَرزت قصته من خلال قياساتنا للعوالم القريبة ومشاهداتنا للنجوم والكواكب الأخرى من بعيد، والتي جُمعت بدقة في نماذج رياضية معقّدة. نعرف الكثير، لكن حتى أفضل محاولاتنا لاستكشاف جوارنا ستظل محصورة في اللحظة الكونية القصيرة التي نحياها، لذلك تبقى العديد من الألغاز بلا إجابة: من أين جئنا؟ كيف انتهى نظامنا الشمسي إلى شكله الحالي؟ وأيّ نوع من النهايات ينتظرنا؟
قد يتطلّب الإجابة عن هذه الأسئلة مغامرة جريئة. ماذا لو كان بإمكانك القفز إلى آلة زمن والسفر عبر الدهور؟ يمكن لمغامر جريء عبر الزمن أن يحلّ العديد من أكبر ألغاز النظام الشمسي. وبمجرد حصولك على مثل هذه الآلة العجيبة (دعنا نتجاوز التفاصيل الدقيقة لكيفية حصولك عليها)، إليك خط سير مقترح لأكثر ست محطات إضاءةً وإثراءً.
متى: قبل 4.5 مليار سنة
أين: مسقط رأس الشمس
لحل أي لغز، من الأفضل أن تبدأ من البداية. وبالنسبة إلى نظامنا الشمسي، تعود البداية إلى "حاضنة نجمية": سحابة من الغاز بدأت للتو في التكتل لتصبح في النهاية شمسنا وأشقّاءها من النجوم. يعتقد العديد من الباحثين أنّه قبل نحو 4.5 مليار سنة، انفجر نجم قريب نسبيًا في مستعر أعظم مهيب، مطلقًا عناصر مشعة ودافعًا موجة صدمية عبر الحاضنة النجمية.
ومن مقعدك في الصف الأمامي، ستشعر بموجة الصدمة وهي تهز آلة الزمن. ومن نافذة صغيرة، سترى موجة ضغط قوية تمر، كما لو كنت تُبحر في قارب صغير وسط بحر هائج. وعندما تصطدم الموجة بالغاز والحطام المحيط بك، ستُسرّع عملية التكتل، وتجبر المادة على الانهيار على نفسها لتشتعل فجأة. وهكذا يولد نجم: شمسنا الفتية، محاطة بقرص من الغاز والغبار سينهار بدوره لاحقًا لتتشكل منه الكواكب. وحيثما نظرت، ستجد النجوم تولد بالمثل. يقول كونيل ألكسندر، عالِم الكيمياء الكونية في معهد كارنيغي للعلوم بواشنطن العاصمة: "بمجرد أن يتبدد الغاز والغبار المحيط، سترى كل هذه النجوم الصغيرة تتشكل، ثم عدد قليل من النجوم الكبيرة".
لدينا فكرة عن شكل تكوّن الكواكب من خلال مشاهدتنا لحدوثه في أنظمة نجمية أخرى بعيدة. يقول ألكسندر: "الصورة الكلاسيكية هي أنك تبدأ بطريقة ما بتجميع حبيبات الغبار الصغيرة في أجسام أكبر، ثم تبدأ هذه الأجسام في الاندماج لتشكّل أشياء أكبر وأكبر".
لكن هذا النموذج كان يواجه دائمًا مشكلات: فالعملية تنجح في تفسير تشكّل الكواكب الصغيرة الصخرية، مثل الزهرة والأرض، لكنها لا تحدث بسرعة كافية لتكوين العوالم العملاقة. إذا قفزت بسرعة بضعة ملايين من السنين إلى الأمام بآلة الزمن، ستجد أن القرص الكوكبي الأولي حول نجمنا قد تبدد، وأن نوى الكواكب الغازية العملاقة أصبحت كبيرة بما يكفي للاحتفاظ ببعض ذلك الغاز في أجوائها الضخمة. لكن كيف أصبحت كبيرة بما يكفي؟ لدى الباحثين بعض الأفكار حول كيفية حدوث ذلك، لكنك أنت وحدك من سيعرف الجواب، بعدما شهدت الحدث بنفسك.
كما يمكنك أيضًا حسم العديد من الأسئلة العلمية المربكة الأخرى — مثل: كم كان عدد كواكب نظامنا الشمسي عند تشكّله؟ تشير عدة دراسات إلى أنّه ربما كان يضم كوكبًا عملاقًا إضافيًا على الأقل. وأكثر أنواع الكواكب شيوعًا في الأنظمة الأخرى أكبر من الأرض وأصغر من نبتون، ومن الغريب أن نظامنا الشمسي يفتقر إلى واحد منها. وهناك مؤشرات على أنّ واحدًا من هذه العوالم المتوسطة الحجم ربما تشكّل في البداية، لكنه طُرد إلى أعماق الفضاء بفعل التفاعلات الجاذبية بين الكواكب المبكرة. كما تظل الأسئلة قائمة حول مقدار تغيّر مدارات الكواكب المعروفة منذ تشكّلها. وأفضل طريقة لمعرفة ذلك هي مشاهدتها وهي تخرج من قرص الغبار المحيط بالشمس الوليدة… وهنا يأتي دورك.
متى: قبل 3.9 مليار سنة
أين: قمرنا
ضع نفسك على سطح القمر واستعد لمشاهدة عرض كارثي محتمل. لطالما اعتُقد أن الترتيبات المدارية المفاجئة للكواكب العملاقة في النظام الشمسي المبكر تسببت في فوضى بحزام الكويكبات — الذي يقع اليوم بين المريخ والمشتري — مما أدى إلى إرسال وابل من الصخور عبر النظام الشمسي ضربت قمرنا وأجرامًا أخرى. هذه الفترة، التي امتدت بين 4 و3.8 مليار سنة مضت، تُعرف باسم القصف النيزكي الكثيف المتأخر (Late Heavy Bombardment – LHB)، وقد تم قبولها لعقود تقريبًا كحقيقة ثابتة.
لكن الأدلة الحديثة أثارت الشكوك حول ما إذا كان هذا القصف عنيفًا كما اعتقدنا. يقول ألكسندر: "لقد أصبحت المسألة أكثر إثارة للجدل، وأعتقد أن الكثيرين لم يعودوا يظنون أنه حدث بالفعل". تأتي معظم الأدلة الملموسة من عينات القمر التي جلبها رواد برنامج أبولو. كل هذه الصخور يبدو أنها تشكلت بعد نصف مليار سنة من تشكّل القمر، مما يشير إلى أن عددًا هائلًا من الكويكبات كان يصطدم بالقمر، ما تسبب في انصهار سطحه الصخري وإعادة تشكّله.
لكن في السنوات الأخيرة، أظهرت النماذج أن حدثًا مدمرًا بهذا الحجم قد لا يكون ضروريًا لتفسير هذا التجمّع الزمني للصخور — وربما كان مجرد صدفة مرتبطة بتركيبة مناطق القمر التي جُمعت منها العينات. ولا يزال الجدل قائمًا بين الفريقين، لكن أنت وآلة الزمن خاصتك تستطيعان حسم المسألة إلى الأبد.
إذا كان هذا الهجوم على النظام الشمسي قد حدث بالفعل، فإنه كان ليحوّل تقريبًا جميع الكواكب. فعلى سبيل المثال، يميل كوكب أورانوس على جانبه تقريبًا بالكامل، حيث يكاد محور دورانه يكون موازيًا لمستوى النظام الشمسي، على عكس بقية الكواكب التي محاورها شبه عمودية. ووفقًا لفيزياء الأقراص الكوكبية الأولية، فمن المستبعد أن يكون قد وُلد بهذه الوضعية، لكن إمالة كوكب كامل تتطلب حدثًا هائلًا. التفسير الأكثر شيوعًا هو أن اصطدامًا عملاقًا قلبه، وربما كان توقيت ذلك متزامنًا مع فترة القصف النيزكي الكثيف المتأخر.
ومن على القمر، ستحتاج إلى تلسكوب ضخم لرؤية أورانوس وهو ينقلب، لكن ما سيحدث أقرب إلى موضعك سيكون أكثر إثارة. يقول ألكسندر: "إذا كانت هناك تلك الاصطدامات الضخمة، فسترى كامل سطح الأرض يتبخر… وستكون هناك موجات صدمة هائلة تعبر الغلاف الجوي، وكل تلك الصخور المنصهرة تتطاير إلى الفضاء ثم تسقط مجددًا على الأرض. ستصبح أجزاء من سطح الكوكب حارّة لدرجة أنها قد تبدأ بالتوهج. سيكون عرضًا مذهلًا بحق".
كما أن موقعك على القمر سيساعدنا في الإجابة عن أحد أكبر الأسئلة العلمية المتعلقة بالأرض: متى وكيف حصل كوكبنا على المياه التي مكّنت الحياة من الازدهار وجعلت عالمنا الأزرق الصغير مميزًا؟ إحدى الفرضيات الشائعة تقول إن المياه ربما جاءت عن طريق الكويكبات — وربما كانت تلك التي تساقطت باستمرار خلال فترة القصف النيزكي الكثيف المتأخر.
في الواقع، أقدم دليل على وجود الحياة على الأرض يعود مباشرة إلى ما بعد نهاية هذه الفترة. يقول ألكسندر: "بمجرد توقف التعقيم الدوري للحياة، كان بإمكانها الانطلاق فعليًا". وربما يحالفك الحظ، كمغامر عبر الزمن، في مشاهدة ظهور أولى الميكروبات، وهو ما قد يحلّ أعظم ألغاز العلم على الإطلاق: أصل الحياة.
متى: قبل 3.5 مليار سنة
أين: الكوكب الأحمر
إذا أردت أن تفهم حقًا أصول الحياة في نظامنا الشمسي، فهناك مكان آخر عليك زيارته حتمًا. فبعد رحلة قصيرة بآلة الزمن من نهاية فترة القصف النيزكي الكثيف المتأخر، ستصل إلى العصر النواخي المتأخر (Late Noachian Period) على المريخ، وهي فترة يُحتمل تمامًا أن الكوكب الأحمر كان فيها يحتضن كائنات حية.
تُظهر القياسات التي حصلت عليها عدة مركبات جوالة على المريخ أن الكوكب كان يحتوي في ذلك الزمن على أنهار وبحيرات وبحار على سطحه. وهذا يعني أنه كان يمتلك غلافًا جويًا سميكًا نسبيًا، مما جعل المريخ أكثر دفئًا مما هو عليه اليوم، وضغطه الجوي قريبًا من ضغط الأرض. يقول روبن ووردزورث، رئيس مجموعة أبحاث مناخ الكواكب وقابليتها للسكن في جامعة هارفارد: "ستحتاج إلى جهاز تنفس، لكنك ستكون قادرًا على التجول دون مساعدة إضافية، وهو أمر يختلف تمامًا عن الظروف الحالية".
مع ذلك، تبقى التفاصيل محل جدل كبير. فنحن لا نعرف كم من الوقت استمر وجود المياه على السطح، أو ما إذا كانت موجودة باستمرار أم ظهرت على فترات متقطعة. غالبًا ما صُوِّرت رؤية المريخ المبكر على أنه دافئ ورطب كسطح الأرض، لكن عمليات المحاكاة الحديثة أظهرت أنه ربما كان باردًا معظم الوقت، مع فترات ذوبان متقطعة. يقول إدون كايت، أستاذ علوم الكواكب في جامعة شيكاغو: "في بعض الأوقات على الأقل، لم يكن المريخ متجمّدًا — لكن هل كان متجمّدًا معظم الوقت؟ من الصعب الجزم". وبالطبع، مع آلة الزمن لن يبقى الأمر صعبًا.
بمجرد أن تفتح باب سفينتك على سطح المريخ، ستكون قادرًا على حل بعض ألغاز المناخ المستمرة وربما جمع مؤشرات حول السبب الذي جعل جارنا الكوكبي اليوم صحراء قاحلة. يقول ووردزورث: "أن تكون هناك بنفسك وتذهب حاملاً أنبوب اختبار للبحث المباشر عن [الحياة] سيكون أمرًا مذهلًا بالفعل".
وإذا اكتشفت أن الحياة قد نشأت بشكل مستقل على المريخ، فإن ذلك سيغير تمامًا دراسة قابلية الكواكب للسكن في الكون. سيكون ذلك دليلًا قاطعًا على أن نشأة الحياة أمر سهل لدرجة أنها ظهرت على كوكبين في نظام شمسي واحد — ومع وجود مليارات الأنظمة الكوكبية في مجرتنا وحدها، سيكون من شبه المستحيل الاعتقاد بأن الحياة لم تنشأ في أماكن أخرى أيضًا. وسيصبح من الصعب جدًا عندها إنكار أن الحياة شائعة في الكون.
متى: بعد 100 مليون سنة
أين: حلقات زحل
لا تكتمل أي جولة في نظامنا الشمسي دون التوقف عند أبرز معالمه وأكثرها تميّزًا: حلقات زحل المذهلة. إذا قمت بزيارتها في عصرنا الحالي — كما فعلت مركبة كاسيني التابعة لناسا بين عامي 2004 و2017 — فسترى قرصًا رقيقًا من الجليد، تتناثر فيه أقمار صغيرة. وعندما حلّقت كاسيني بين الحلقات والكوكب نفسه، اكتشفت مادة تسقط من الحلقات في ظاهرة غريبة تُعرف باسم مطر الحلقات (ring rain).
لكن ماذا لو قفزت 100 مليون سنة إلى المستقبل؟ سترى النتيجة الحتمية لتلك الأمطار — ولن تكون زهور مايو. بل ستجد زحل غريب المظهر، مجرّدًا من حلقاته، أو على الأكثر يحتفظ بشريط رقيق من المادة عند أطراف الحلقات السابقة. يقول جيمس أودوناهو، عالم الكواكب في جامعة ريدينغ بالمملكة المتحدة: "تفكر في زحل وحلقاته، فتجد أن هذه الصورة مطبوعة في ذهنك على أنها ثابتة… لكن زحل يبدو غريبًا، بل غير طبيعي، من دون حلقاته".
ومع ذلك، قد تكون كواكب أخرى في نظامنا الشمسي قد اكتسبت حلقات جديدة. ففي وقتنا الحاضر، يقترب أكبر أقمار المريخ، فوبوس، تدريجيًا من الكوكب، ومن المتوقع أنه خلال نحو 50 مليون سنة إما أن يصطدم به أو يتفكك مشكلًا نظام حلقات. وإذا كنت محظوظًا، فقد يكون هذا النظام لا يزال موجودًا عند زيارتك بعد 50 مليون سنة أخرى، ليمنح المريخ حزامًا غباريًا غير مألوف. وبما أن أنظمة الحلقات شديدة التعقيد — فهي في الأساس مليارات من الأقمار الصغيرة التي تتحرك وتتفاعل باستمرار — فإن فهمنا لها لا يزال ناقصًا. لكن من موقعك، متحررًا من قيود الزمن، يمكنك مشاهدة طرفي دورة حياتها.
متى: بعد 4.5 مليار سنة
أين: كوكب عطارد
من منّا لا يشعر ولو بالقليل من الفضول لمعرفة كيف سينتهي نظامنا الشمسي؟ بآلة الزمن، يمكنك إلقاء نظرة على ما سيحدث. تنقل بسفينتك بين الكواكب الداخلية، لكن انتبه لأي نجم لامع بشكل غير اعتيادي — فقد يكون أيٌّ منها سبب نهاية النظام الشمسي.
على مدى مليار سنة، هناك احتمال بنسبة 1٪ فقط لحدوث مرور قريب لنجم، أي أن يقترب من شمسنا لمسافة تعادل 100 مرة المسافة بين الأرض والشمس. إدخال هذا القدر من الجاذبية بالقرب من النظام الشمسي قد يدمّره، باعثًا الكواكب الداخلية في فوضى، وقاذفًا الكواكب الخارجية إلى الفضاء بين النجوم. حتى اللقاءات الأكثر بعدًا قد تسبب الكثير من الاضطراب. فقد أظهرت محاكاة حديثة أجراها شون ريموند من جامعة بوردو في فرنسا وناثان كايب من معهد علوم الكواكب في أريزونا أن مرور نجم على بعد نحو 3 سنوات ضوئية من شمسنا قد يكون كافيًا للتسبب بكارثة، وهو الاحتمال الأكثر ترجيحًا لعدم استقرار النظام الشمسي خلال الـ 5 مليارات سنة القادمة.
يقول كايب: "في معظم حالات مرور النجوم التي نمذجناها، وحتى في السيناريوهات الأكثر احتمالًا، لا يحدث شيء لربما 100 مليون سنة بعد المرور… إذ يستغرق الأمر وقتًا حتى تنتشر الاضطرابات عبر النظام الشمسي".
لذلك، قد ترغب في تجاوز لحظة المرور نفسها، وبدلًا من ذلك تهبط على عطارد بعد 100 مليون سنة لتشهد العواقب. فعندما يتعلق الأمر بدفع مدارات الكواكب نحو الفوضى، فإن عطارد هو الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للانهيار أولًا.
يقول ريموند: "هذه الضربة تنتشر عبر النظام الشمسي الخارجي وقد تغيّر بعض الأمور هناك، لكن المكان الذي يُرجح أن يظهر فيه الأثر بشكل عنيف هو عطارد". وهذا قد يعني أحد احتمالين: إما أن يُقذف عطارد إلى داخل الشمس، أو أن مداره يطول تدريجيًا حتى يصطدم بالزهرة أو الأرض. في كلتا الحالتين، ستكون أمامك رحلة مذهلة.
زيارتك لهذه الحقبة لن تكشف لك فقط مصير الكواكب، بل أيضًا مصير البشرية نفسها. يقول ريموند: "لدينا بيانات من التلسكوبات يمكن أن تحذرنا قبل وقت كافٍ". فإذا علمنا أن نجمًا يتجه نحونا خلال 100 ألف سنة، سيكون أمامنا متسع من الوقت للتفكير في خطة. فهل سيكون لدى البشر بعد مليارات السنين التقنية الكافية لمغادرة نظامنا الشمسي؟ وهل ستظل البشرية موجودة أصلًا؟ الزمن — أو السفر عبر الزمن — كفيل بالإجابة.
متى: بعد 5 مليارات سنة
أين: قمر أوروبا
إذا لم نتمكن بحلول ذلك الوقت من إيجاد وسيلة لمغادرة نظامنا الشمسي، فإن الأرض وكل من عليها سيكونون محكومين بالفناء، حتى إذا نجونا من التهديدات القادمة من أعماق الفضاء. ففي غضون نحو 5 مليارات سنة، سيأتي الخطر من النجم نفسه الذي شكّل الكواكب وحافظ على حياتها طوال هذه المدة. إذ مع اقتراب الشمس من نهاية عمرها، ستزداد سطوعًا وتبدأ بالانتفاخ.
خلال هذه العملية، ستبتلع الشمس كوكبي عطارد والزهرة وتبخّرهما. ولا نعرف إن كانت الأرض بعيدة بما يكفي للبقاء خارج هذا التمدد، لكن في كل الأحوال، تبدو الأمور قاتمة بالنسبة لكوكبنا. يقول ريموند: "إذا نجت الأرض، فسوف تُشوى بفعل حرارة الشمس. ومن منظور بعيد، ستبدو أشبه بكوكب الزهرة الحالي، إذ ستتواجد كل مياهها في الغلاف الجوي أو تتسرب إلى الفضاء". لن تبدو زرقاء، بل ستتحول إلى كرة ضخمة من البخار الساخن، وربما تمتلك ذيلًا شبيهًا بذيل المذنبات نتيجة تسرب بخار الماء إلى الفضاء.
أفضل مكان لمشاهدة هذا الحرق الكوكبي سيكون أبعد قليلًا، ربما على أحد الأقمار الجليدية للمشتري أو زحل. فمع اندفاع الحرارة من الشمس المتضخمة نحو أطراف النظام الشمسي، قد تصبح هذه الأقمار دافئة بما يكفي لتكون صالحة للحياة. ومن فوق بحار أوروبا أو إنسيلادوس الجديدة، يمكنك أن تراقب الكواكب الداخلية وهي تحترق، ومحيطات الأرض وهي تغلي وتتبدد. وربما تنتشر الكائنات الحية الدقيقة التي كانت مختبئة تحت قشور الجليد السميكة لهذه الأقمار وتبدأ بالتطور إلى أشكال حياة أكثر تعقيدًا مع ذوبان الجليد ودفء المحيطات. وهناك العديد من الأقمار الأخرى، مثل جانيميد (Ganymede) التابع للمشتري أو ميراندا (Miranda) التابعة لأورانوس، يُعتقد أنها تحتوي على كميات هائلة من الماء والجليد، مما يجعل من هذه المرحلة نهضة مذهلة لقابلية الحياة في النظام الشمسي.
أدر مؤشر آلة الزمن أكثر لتقفز إلى نحو 7 مليارات سنة من الآن. في تلك المرحلة، ستنكمش الشمس مجددًا، وتنفث طبقاتها الخارجية لتصبح قزمًا أبيض، وستبدأ الكواكب الباقية بالابتعاد بسبب انخفاض كتلة النجم. ومع إسدال الستار على الدراما الكونية لنظامنا الشمسي، ورغم كل التغيرات، قد يتملكك شعور بالـ ديجا فو. فمع انحسار الضوء عن الكواكب العتيقة المتآكلة، ستعود الأمور إلى أنماطها القديمة: الأقمار تدور حول كواكبها، والكواكب تدور حول الشمس. عندها سيكون الوقت قد حان للعودة إلى الأرض في عام 2025 — ولا تنسَ أن تحضر معك ملاحظاتك… نحن بانتظار الإجابات التي جمعتها.
المصدر
خلال هذه العملية، ستبتلع الشمس كوكبي عطارد والزهرة وتبخّرهما. ولا نعرف إن كانت الأرض بعيدة بما يكفي للبقاء خارج هذا التمدد، لكن في كل الأحوال، تبدو الأمور قاتمة بالنسبة لكوكبنا. يقول ريموند: "إذا نجت الأرض، فسوف تُشوى بفعل حرارة الشمس. ومن منظور بعيد، ستبدو أشبه بكوكب الزهرة الحالي، إذ ستتواجد كل مياهها في الغلاف الجوي أو تتسرب إلى الفضاء". لن تبدو زرقاء، بل ستتحول إلى كرة ضخمة من البخار الساخن، وربما تمتلك ذيلًا شبيهًا بذيل المذنبات نتيجة تسرب بخار الماء إلى الفضاء.
أفضل مكان لمشاهدة هذا الحرق الكوكبي سيكون أبعد قليلًا، ربما على أحد الأقمار الجليدية للمشتري أو زحل. فمع اندفاع الحرارة من الشمس المتضخمة نحو أطراف النظام الشمسي، قد تصبح هذه الأقمار دافئة بما يكفي لتكون صالحة للحياة. ومن فوق بحار أوروبا أو إنسيلادوس الجديدة، يمكنك أن تراقب الكواكب الداخلية وهي تحترق، ومحيطات الأرض وهي تغلي وتتبدد. وربما تنتشر الكائنات الحية الدقيقة التي كانت مختبئة تحت قشور الجليد السميكة لهذه الأقمار وتبدأ بالتطور إلى أشكال حياة أكثر تعقيدًا مع ذوبان الجليد ودفء المحيطات. وهناك العديد من الأقمار الأخرى، مثل جانيميد (Ganymede) التابع للمشتري أو ميراندا (Miranda) التابعة لأورانوس، يُعتقد أنها تحتوي على كميات هائلة من الماء والجليد، مما يجعل من هذه المرحلة نهضة مذهلة لقابلية الحياة في النظام الشمسي.
أدر مؤشر آلة الزمن أكثر لتقفز إلى نحو 7 مليارات سنة من الآن. في تلك المرحلة، ستنكمش الشمس مجددًا، وتنفث طبقاتها الخارجية لتصبح قزمًا أبيض، وستبدأ الكواكب الباقية بالابتعاد بسبب انخفاض كتلة النجم. ومع إسدال الستار على الدراما الكونية لنظامنا الشمسي، ورغم كل التغيرات، قد يتملكك شعور بالـ ديجا فو. فمع انحسار الضوء عن الكواكب العتيقة المتآكلة، ستعود الأمور إلى أنماطها القديمة: الأقمار تدور حول كواكبها، والكواكب تدور حول الشمس. عندها سيكون الوقت قد حان للعودة إلى الأرض في عام 2025 — ولا تنسَ أن تحضر معك ملاحظاتك… نحن بانتظار الإجابات التي جمعتها.
المصدر