Announcement Title

Your first announcement to every user on the forum.

تجاهل العارف

Basil Abdallah

عضو جديد
عضو انكور
الكتاب: علوم البلاغة «البديع والبيان والمعاني»

المؤلف: الدكتور محمد أحمد قاسم، الدكتور محيي الدين ديب















تجاهل العارف

1 - تعريفه:

جاء في كتاب الصناعتين (1): «هو إخراج ما يعرف صحّته مخرج ما يشكّ فيه ليزيد بذلك تأكيدا».

وفي الإيضاح (2) «هو- كما سمّاه السكّاكي- سوق المعلوم مساق غيره لنكتة».



2 - مظاهره:

يتجلّى تجاهل العارف في كثير من مواقف القول، ويأخذ مظاهر عدّة، يصطنع فيها القائل موقفا غير الموقف الحقيقي في الظاهر، ويوهم بأن السؤال للاستفسار والحقيقة أن السؤال تظاهر بالجهل أو بالاستفهام عن حقيقة يجهلها، وواقع الحال أنه يعرف الحقيقة ويستنكر حينا تجاهلها ويقرّر واقعا ما كان ينبغي له أن يكون قائما.

ففي معرض التوبيخ قالت ليلى بنت طريف:

أيا شجر الخابور مالك مورقا … كأنّك لم تجزغ على ابن طريف؟!

فالشاعرة تتساءل مضخّمة الحدث وكأنّها تريد أن توقف دورة الزمن بعد وفاة ابن طريف؟ وتستنكر نضرة الشجر واخضراره إذ كان عليه أن يموت ويضرب عن الاخضرار حزنا عليه.

__________

(1). كتاب الصناعتين، أبو هلال العسكري، ص 412.

(2). كتاب الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، ص 530.



فهي تشخّص الشجر فتخاطبه وتنسب إليه الجزع وهما من صفات الإنسان، وتوبّخه على فعلته وكأنها تجهل أن الشّجر لن يكفّ عن الاخضرار حزنا على أحد.

ومن مظاهره أيضا المبالغة في القدح والذّم كما في قول زهير:

وما أدري، وسوف إخال أدري … أقوم آل حصن أم نساء؟

فهل يجهل الفرق بين النساء والرّجال؟ هل التبس عليه الأمر؟

أم أنّه يبالغ في الذمّ فيجرّد آل حصن من كل صفات الرجال، ويجعلهم نساء خائفات منزويات متقاعسات عن التصدّي للعدوان والثأر للكرامة.

ومنه أيضا التولّه في الحبّ كما في قول أحدهم:

بالله يا ظبيات القاع قلن لنا … ليلاي منكنّ أم ليلى من البشر؟

فالشاعر يشبّه ليلاه بالظبية وهذا وجه متداول في التشبيه لكنّه بعد أن خبله الحبّ بات عاجزا عن تمييز ليلاه عن الظباء فيسألها هل ليلى منكن؟ أم هي من البشر؟ ترى هذا السؤال عن الحقيقة المجهولة أو المتجاهلة؟ أليس المقصود من السؤال إظهار جموح الحبّ الذي ذهب ببصره وبصيرته فبات غير قادر على التمييز بين الظبية الحقيقية والظبية الموهومة؟

وهناك مظاهر أخرى يمكن شرحها والتعرّف إلى أسرارها قياسا على ما حلّلناه لك من أمثلة وشواهد.



تمرينات:

1 - اشرح ظاهرة تجاهل العارف مبيّنا الغرض منها فيما يأتي:

ألمع برق سرى أم ضوء مصباح … أم ابتسامتها بالمنظر الضاحي؟

أيا شبه ليلى ما لليلى مريضة … وأنت صحيح إنّ ذا لمحال

أقول لظبي مرّ بي وهو رائع … أأنت أخو ليلى؟ فقال: يقال

أثغر ما أرى أم أقحوان … وقدّ ما بدا أم خيزران؟

وطرف ما تقلّب أم حسام … ولفظ ما تساقط أم جمان؟

وشوق ما أكابد أم حريق … وليل ما أقاسي أم زمان؟

أريقك أم ماء الغمامة أم خمر؟

أغرّة إسماعيل أم سنّة البدر … وفيض ندى كفّيه ام باكر القطر؟؟



اللفّ والنشر

سمّاه بعضهم «الطيّ والنشر».



1 - تعريفه:

جاء في الإيضاح (1) «هو ذكر متعدّد على جهة التفصيل أو الإجمال، ثم ذكر ما لكلّ واحد من غير تعيين، ثقة بأنّ السامع يردّه إليه».



2 - أنواعه:

أ- أن يكون النّشر فيه على ترتيب الطيّ

، نحو قوله تعالى:

وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ القصص: 73.

فلقد جمعت الآية بين الليل والنّهار فكان الطيّ أو اللّف، ثمّ جاء النّشر على ترتيب اللّف، فالأوّل من المتعدّد في اللفّ هو الليل، والأول من النشر للأول من المتعدد، في اللف وهو السكون لأن النوم والراحة يكونان في الليل، ثم كان الثاني للثاني فالنّهار في اللف تبعه ابتغاء الرزق والسعي في الكسب في النهار.

ومنه قول ابن حيّوس (الكامل):

فعل المدام، ولونها، ومذاقها … في مقلتيه، ووجنتيه، وريقه

ذكر ابن حيّوس في الصّدر ثلاثة أمور هي: فعل المدام، ولونها، ومذاقها، ثم جاء في العجز بتفصيل لهذه الأمور الثلاثة على

__________

(1). الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، ص 503.



الترتيب: ففعل المدام في مقلتيه، ولونها في وجنتيه (خدّيه)، ومذاقها (طعمها) في ريقه. وهكذا كان اللّف في صدر البيت، ثم جاء النشر في العجز على الترتيب أوّلا بأوّل.



ب- أن يكون النّشر على خلاف ترتيب الطيّ

، ومثاله قوله تعالى: وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ* فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ آل عمران:

147 - 148.

فالآية تذكر دعاء المؤمنين على سبيل التفصيل ثم ذكرت الإجابة من غير ترتيب، فقدّمت ثواب الدنيا مع تأخره في الدعاء لما كان المقام مقام القتال والنفوس متطلّعة إلى النصر، وخصّصت ثواب الآخرة- دون ثواب الدنيا بالحسن للإيذان بفضله ومزيته، وأنّه المعتدّ به عند الله.

ومنه قول ابن حيّوس (الخفيف):

كيف أسلو، وأنت حقف وغصن … وغزال لحظا وقدّا وردفا

يتساءل الشاعر قائلا: كيف أنسى وتطيب نفسي بالسلوان وأنت حقف (نقا رمل متراكم مستدير يشبّه به الكفل في العظم والاستدارة) وغصن وغزال؟ فهذا هو الطيّ، ثم جاء النّشر بعد ذلك على غير ترتيب. فاللحظ للغزال والغزال آخر في الطيّ واللحظ أوّل في النشر، ثم جاء القدّ، والقدّ ثان في النشر وثان في الطيّ لأنه شبّه القدّ بالغصن، والجزء الثالث من النشر كان الرّدف وقد شبّهه بالحقف والحقف جاء أوّلا في الطيّ وهكذا جاء النّشر على غير ترتيب الطيّ.



تمارين:

1 - بيّن وجوه الطيّ والنشر في ما يأتي:

1 - آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم … في الحادثات إذا دجون نجوم

فيها معالم للهدى ومصابح … تجلو الدّجى والأخريات رجوم

2 - سألته عن قومه فانثنى … يعجب من إسراف دمعي السّخي

وأبصر المسك وبدر الدّجى … فقال: ذا خالي، وهذا أخي

3 - ولمّا أبى الواشون إلا فراقنا … وما لهمو عندي وعندك من ثار

غزونا همو من ناظريك وأدمعي … وأنفاسنا بالسيف والسيّل والنّار

4 - ثغر وخدّ ونهد واحمرار يد … كالطّلع والورد والرمّان والبلح

5 - لقد خنت قوما لو لجأت إليهم … طريد دم، أو حاملا ثقل مغرم

لألفيت فيهم معطيا أو مطاعنا … وراءك شزرا بالوشيج المقوّم

6 - عيون وأصداغ وفرع وقامة … وخال ووجنات وفرق ومرشف

سيوف وريحان وليل وبانة … ومسك وياقوت وصبح وقرقف

7 - ولحظه ومحيّاه وقامته … بدر الدّجا وقضيب البان والرّاح

8 - ولا يقيم على ضيم يراد به … إلّا الأذلّان غير الحيّ والوتد

هذا على الخسف مربوط برمّته … وذا يشجّ فلا يرثي له أحد

...



5 - طريد دم: مطارد مطلوب لثأر. المغرم: الدّين. شزرا من شزر بمعنى طعن عن يمينه وعن شماله. الوشيج: شجر الرّماح. المقوّم: المستقيم لا عوج فيه.

6 - أصداغ: جمع مفرد صدغ وهو ما بين العين والأذن. الفرع:

الشعر. مرشف: الفم والرّيق. قرقف: خمر مرعدة.

7 - المحيّا: الوجه.

 
 

ما هو انكور؟

هو منتدى عربي تطويري يرتكز على محتويات عديدة لاثراء الانترنت العربي، وتقديم الفائدة لرواد الانترنت بكل ما يحتاجوه لمواقعهم ومنتدياتهم واعمالهم المهنية والدراسية. ستجد لدينا كل ما هو حصري وكل ما هو مفيد ويساعدك على ان تصل الى وجهتك، مجانًا.
عودة
أعلى