أهلاً بك في منتدى انكور التطويري

شرفتنا بحضورك لمنتدى انكور التطويري، المجتمع العربي للمحتوى المفيد والحصري حيث ستجد لدينا ما تحتاج لتزيد من معرفتك وخبراتك والمساحة الآمنة لنشر معرفتك ومشاركتها مع الاعضاء والزوار

بحث السياسة البرتغالية في مستعمرتي إنجولا وموزمبيق

عنوان البحث: السياسة البرتغالية في مستعمرتي إنجولا وموزمبيق
المصدر: حوليات آداب عين شمس | الناشر: جامعة عين شمس - كلية الآداب | المؤلف الرئيسي: صالح، أوريدة صالح محمد | الصفحات: 225 - 246 | 2013
ملخص البحث:
لقد ركزت السياسة البرتغالية في اعتبار المناطق المسيطر عليها من المستعمرتين جزءا من الوطن الأم والأفارقة من أهل المستعمرتين مواطنون بشروط خاصة أهمها معرفة اللغة البرتغالية حديثا وكتابة بهدف طمس اللغة والعادات الأفريقية وقام النظام الاقتصادي في المستعمرتين علي نظام السخرة في المزارع التي كانت مملوكة للبيض ومن أهم صادرات المستعمرتين الأيدي العاملة، فهي تتاجر في العمال الأفريقيين من المستعمرتين وتقوم بتشغيلهم في مناجم جنوب أفريقيا بالإضافة إلى ممارسة تجارة الرقيق التي أفقدت المستعمرتين العديد من أبنائها بالإضافة إلى عدم الاهتمام بالإنتاج الزراعي بالشكل المطلوب مما جعله نهبا لتقلبات الطقس بالإضافة إلى فرض ضرائب مرقعة على الزراعة مما أثقل كاهل الأفريقي بها، وقد تركزت السياسة السكانية للبرتغال في المستعمرتين على نظام الامتصاص الذي كان له أثر سيئ في تقسيم المجتمع إلى قسمين الممتصون الذين كانوا يتمتعون ببعض المزايا وغير الممتصين اللذين لم تكن لهم أية حقوق داخل المستعمرتين حيث قل عدد الأطباء والمستشفيات وتأكيداً على التفرقة في المعاملة بين الأهالي والأوروبيين حيث وجدت بعض المستشفيات لم يسمح بدخولها للأفريقيين من أهل المستعمرتين، كانت خاصة بالأوروبيين وحدهم أما سياسة البرتغال التعليمية في المستعمرتين تؤكد أن المستعمرتين قد غلبت عليهن سمة الأمية وبرزت التفرقة بين سكان المستعمرتين، حيث قسم التعليم إلى قسمين تعليم الأوروبيين تشرف عليه الدولة، والتعليم الأفريقي ترك أمرة للأرساليات التبشيرية، كما يتضح أنه على الرغم من أن البرتغال من أقدم الدول في ميدان الاستعمار فأنه من الصعب أن نجد فلسفة واضحة المعالم للسياسة البرتغالية في كل من أنجولا وموزمبيق حيث تذبذبت هذه السياسة بين الاستغلال والاستيطان وبين التفرقة العنصرية والامتصاص والنهوض بالأهالي وبين معاملتهم معاملة الرقيق.

أولاً نظام الحكم في المستعمرتين :​

وصل البرتغاليون إلي المستعمرتين في القرن السادس عشر في عام 1575 م وكان هدفهم التجارة ونشر الدين المسيحي ولكن استمرار فترة الكشوف الجغرافية لمدة طويلة ضيع الهدف الثاني وأصبح هدفها تجاريا محضا ولذا نستطيع أن نقول أنه لم يكن للبرتغال هدف واضح من دخولها حلبة الاستعمار في أفريقيا سوي المحافظة علي المحطات و المراكز التجارية التي استطاعت أن تكونها لنفسها خلال فترة محاولة الوصول إلي الهند (). وبعد أن فشل البرتغاليون في التغلغل إلي أعماق حوض الكونغو بسبب مقاومة الأهالي لهم نقلوا نشاطهم إلي أنجولا بجنوب غرب أفريقيا وأطلقوا عليها الأم السوداء وكان نشاطهم فيها حتى عام1870 م يقتصر علي إنشاء قواعد ساحلية لممارسة التجارة وبيع الرقيق مثل لوندا وبنجويلا ثم لما اشتد التنافس الاستعماري علي أفريقيا أخذت البرتغال تتوسع إلي الداخل حتى سيطرت علي كل أنجولا الحالية واعترف لها مؤتمر برلين 1884 بحق السيطرة عليها .

أما موزمبيق اتخذها البرتغاليون مركزا رئيسيا لنشاطهم الاستعماري في شرق أفريقيا وأقاموا أسواقا ووكالات لتنشيط تجارة الذهب واستعملوا وسائل الضغط والإرهاب ضد السكان واستعانوا بالمبشرين المسيحيين في حركةالتوسع والحصول على المعادن الثمينة (2) .

وكانت أنجولا تشمل الأراضي التي تعيش فيها قبائل الكميوندو التي يحدها شمالا نهر داترة وجنوبا نهر كوانزا وتمتد شرقا حتى موقع مدينة ملانجه الحالية ويرجع اسم أنجولا إلي أن أحد الغزاة من أراضي ماتامبا التي تقع إلي الغرب من منابع نهر الكونغو قد نصب نفسه رئيسا علي الزعماء المحليين وأتخذ لنفسه لقب أنجولا الذي يعني الرئيس في اللغة المحلية، أما موزمبيق تشمل الأراضي الساحلية الممتدة من رأس دلجادوا إلي مدينة سفالة وقد أكتفي البرتغاليون في البداية باحتلال جزيرة موزمبيق وإقامة مراكز تجارية لهم فيها هذا وقد استمر الوجود البرتغالي في أنجولا وموزمبيق أربعة قرون من عام 1575 - 1975 م حيث حصلت كل منهما علي استقلالها (3) وكانت الإدارة العسكرية والمدنية في كل من أنجولا وموزمبيق في يد الحاكم العام الذي كانت تعينه البرتغال من البرازيليين وذلك لأنها كانت تدرك أن مصالح المستعمرات مرتبطة بالبرازيل لان ميزانيتها عبارة عن ضرائب تحصل عليها من الرقيق الذي يصدر إلي البرازيل (4). وكان للحاكم العام سلطة واسعة فهو كان الذي يختار مساعديه ويعين قواد الحصون و يقوم بالأعمال المالية وأعمال الشرطة أما الأمور الخاصة بالدفاع عن المستعمرة أو المصلحة العامة فأنه يبث فيها بعد استشارة مجلسه الذي كان يتكون من بعض ضباط المستعمرة وبعض السكان المحليين والمشرف على الشئون القضائية وهو ثاني موظف من ناحية السلطة في المستعمرتين وتعينه لشبونه وهو مسئول عن القضاء وقد وجه الحاكم العام مجهوداته ضد القبائل غير الموالية له في الداخل (5). وكانت السياسة البرتغالية تقوم علي أساس مركزي يتبع مباشرة وزارة المستعمرات البرتغالية ووزير المستعمرات هو السلطة النهائية في شئون المستعمرات البرتغالية وله مجلس استشاري يساعده في مهامه وحق التشريع من اختصاص الحاكم العام والوزير أمام الحاكم الخام يملك إصدار أوامر التنفيذ الخاصة بهذه التشريعات، وقد سيطر البرتغاليون سيطرة مطلقة على الشئون السياسية في المستعمرتين ومنعت العمل بالسياسة أو تأليف الأحزاب ومنعت الصحافة الحرة من ممارسة عملها بالإضافة إلي تطبيق الحكومة البرتغالية نظام بطاقات الانتقال في داخل المستعمرة حيث كان لا يسمح للإفريقي مغادرة قريته إلا إذا حصل على إذن سابق من البوليس (6) .

وقد حدثت متغيرات في سياسة البرتغال نفسها عام 1951م حيث تغير نظام الحكم فيها بوصول الدكتاتور سالازار إلي الحكم وقد اصدر دستورا عام 1951 وقد ألغي فيها كلمة المستعمرات ونص التعديل على أن البرتغال تكون هي وأقاليمها فيما وراء البحار وطنا واحدا لا يتجزأ وكل من يسكنه يحمل جنسية واحدة هي الجنسية البرتغالية (7)، وقد استبدل دستور عام 1951 م اسم المستعمرات البرتغالية فيما وراء البحار باسم مقاطعات ما وراء البحار وكان لها نظام إداري وسياسي ملائم لموقعها الجغرافي واستبدل اسم وزارة المستعمرات بوزارة الأقاليم فيما وراء البحار واستبدل المجلس الاستشاري الأعلى للمستعمرات ووزير الأقاليم فيما وراء البحار هو وسيلة تنفيذها وترأس الحكومة في المستعمرتين سنة 1955م أمين شخص أطلق عليه لقب أمين بدلا من لقب رئيس الوزراء وجعلت إدارة هذه المستعمرتين مدنية يرأسها حاكم عام له سلطة مطلقة في منح الامتيازات للأراضي والمناجم والاحتكارات التجارية وعقود العمل والملاحة ويشرف علي التعليم وله أن يلغي الضرائب أو يبقي عليها وينظم جمعها بالإضافة إلي ثلاثة مجالس أخري أحداها استشاري مكون من خمسة أشخاص بالإضافة إلى مجلس السكرتارين الأقليميين وهما مجلسان تنفيذيان وقد قسمت كلا المستعمرتين إلى عدد من المقاطعات يرأس كل منها حاكم معين ذو سلطة واسعة وقسمت هذه المقاطعات إلي مراكز يرأس كل مركز موظف أصغر وهو برتغالي وكانت التعليمات الصادرة إلي حكام المقاطعات ورؤساء المراكز أن يأخذوا مكانة زعيم القبيلة ويمارسون السلطة بشكل ودي وكان يوجد في كل مقاطعة مجلس إقليمي يتكون من حاكم المقاطعة وثلاثة موظفين يعين أحدهم والآخران يعينهم حاكم المقاطعة وقد روعي في هذا التقسيم إيجاد نظام إداري مماثل لذلك الموجود في البرتغال وإلي جانب الموظفين البرتغاليين يوجد موظفين وطنيين يكونون قوة الشرطة والمترجمين والي جانب رئيس المركز يوجد زعيم وطني اختير عن طريق الانتخاب القبلي يساعد رئيس المركز في جمع الضرائب وحفظ الأمن ويتناول مرتبا حكومياً (8) .

ومن خلال عرض نظام الحكم في المستعمرتين الذي يعتبر المستعمرين جزءا لا يتجزأ من الوطن الأم، و الأفريقيين من أهل المستعمرتين مواطنون بشروط خاصة أهمها معرفة اللغة البرتغالية حديثا وكتابة وذلك لطمس اللغة والعادات الأفريقية كما كان الحاكم العام الذي يعين في المستعمرتين من البرازيل وذلك تمشيا مع سياستها الاقتصادية والسكانية التي كانت تعتمد علي تجارة الرقيق وتحصيل الضرائب عليها مما أثر بالتالي على السياسية السكانية في المستعمرتين وقد شجع البرتغاليين علي الاستيطان في كل من المستعمرتين مجيء جماعات من المستوطنين البوير إلي أنجولا بلغ عددهم عام 1880 م حوالي (300) مستوطن هربا من الحكم البريطاني وبدأ هذا العدد في الزيادة بعد مؤتمر برلين ولم يزد عدد البرتغاليين في أنجولا عن تسعة آلاف في حالة من الفقر والتأخر وقد استقبلت أنجولا عام 1920 م حوالي 153 شخصا ولكن هذا العدد بدأ في التناقص فلم يتعد في عام 1928 م 189 شخصا، ربما يعود سبب نقص عدد المستوطنين إلي هذا الحد ارتفاع تكاليف الحياة والفقر الذي يعيشه حوالي 80% من سكان أنجولا بالإضافة إلي قسوة مناخها أما موزمبيق فكانت الظروف مقابلة للمجتمع البرتغالي شبه الإقطاعي فقدم البرتغاليون مساعدات لملك الموتوتايا في حروبه القبليلة أعطاهم مقاطعات مزودين ببعض السلطة علي من يسكنها من الأهالي فنشأت طبقة البرازيدو *والذين يشبهون الأمراء الإقطاعيين في أوروبا وتزوجوا زوجات وطنيات وتعلموا اللغة الوطنية وكونوا الجيوش التي استطاعوا بها توسيع أراضيهم وكان لهم دورا مهما في تسيير السياسة في موزمبيق حيث كان لهم جنود وحصون خاصة بهم مما جعلهم في حالة قوة مما دعا الحاكم العام إلي مراعاتهم وكان اغلب جنودهم من الرقيق ولذلك عارضوا إلغاء تجارة الرقيق وفي عام 1895 م اعترفت الحكومة بنظم البرازيدو رسميا وكان على الحكومة البرازيدو حماية الأرض ومن يسكنها وله بعض المزايا منها حق أن يكون صاحب السلطة العليا (9). وحق جباية الضرائب وممارسة السلطة القضائية وتنفيذها بواسطة بوليسة الخاص وله حق احتكار بعض موارد التجارة وقد تأثرت سياسة الاستيطان البرتغالي في موزمبيق بما وجدته من نظام الإقطاعات، حيث قسمت الأرض إلي إقطاعات تخصص لكبار الضباط من أنباء الأشراف على أن لا تورث ولكن أولاد هؤلاء الضباط ورثوا إقطاعات أبائهم مما دعا الحكومة البرتغالية إلي جلب بعض البنات اليتيمات لتزوج منهم هؤلاء البرتغاليين، ومن ذلك يتضح مدى التفرقة بين الأفارقة في المستعمرات والمستوطنون البرتغاليين حيث رغبت الحكومة البرتغالية في عدم الاختلاط بين المكان المحليين والمستوطنين حيث جلبت زوجات للمستوطنين من بلادهم البرتغال (10) هذا ولم تكن هناك رغبة حقيقية لدي البرتغاليين للاستيطان في أنجولا وموزمبيق حيث قامت البرتغال بفرض الاستيطان على بعض الأسر الفقيرة من الفلاحين ولكنها فشلت فيما بين عامي 1900 - 1930 م في إغراء البرتغاليين بالهجرة إلي إنجولا وموزمنبيق ولم تستطع في نفس الوقت وقف الهجرة إلي البرازيل حيث هاجر في عام 1908م إلي البرازيل 36.262 برتغالي مقابل 10 إلي المستعمرتين وفي عام 1912 م هاجر إلي البرازيل 74.870 و 90 إلي المستعمرتين وفي عام 1920 هاجر إلي البرازيل (1153)، (33.561) إلى المستعمرتين رغم إغراءات مجلس المستعمرات للمهاجرين بالتوجه إلي أنجولا وموزمبيق بتقديم الإعانات وقطع الأراضي إلا أن القليلين فقط هم الذين استجابوا لتلك الحياة القاسية التي ستواجههم في كل من إنجولا وموزمبيق وحسب إحصاء عام 1929 -1930 م كان هناك 50.000 من البيض في أنجولا من بين سكانها البالغ ثلاثة ملايين أما بين سكان موزمبيق البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة عام 1928 م وكان هناك 35.000 من البرتغاليين فيها (11)، يتضح مما سبق أن البرتغاليين لم تكن لديهم رغبة في استيطان هذه المناطق لعدة أسباب أهمها قسوة المناخ وفقر المنطقة ونلاحظ من خلال هذه الأرقام تزايد عدد المستوطنين في أنجولا ونقصه في موزمبيق حسب إحصاء عام 1928 -1929م. حيث كان المستوطنون في أنجولا البالغ عدد سكانها ثلاثة ملايين 50.000 من البيض أما موزمبيق البالغ عدد سكانها أربعة ملايين 35.000 وربما يعود سبب ذلك إلي أن أنجولا كانت مركزا لتجارة الرقيق التي كانت تدر علي البرتغاليين أرباحا طائلة ولذلك كثر عدد المستوطنين في أنجولا، واستمرار الولايتان كملجاء للمجرمين والمنفيين السياسيين كما ازداد عدد النساء البرتغاليات زيادة خفيفة (12) .

ثانيا السياسة السكانية​

1- نظام الامتصاص

هذا وقد شكل المستوطنون البرتغاليون جزءا بسيطا من عدد السكان الأصليين في أنجولا وموزمبيق وبالرغم من قلة عددهم إلا أنهم أمسكوا بزمام الحكومة في أيديهم، وقد اعتبرت البرتغال المستعمرين امتداد للوطن الأم وجزء لا يتجزأ عنه ولهذا رفضت حكومة البرتغال الاعتراف بحق الأفريقيين في الاستقلال والمطالبة به (13)، وكانت السمة المميزة للسياسة البرتغالية في أنجولا وموزمبيق هي سياسة الامتصاص انتهجها النظام الاستعماري البرتغالي سعيا إلي اجتذاب البورجوازية الأفريقية الوليدة عن طريق إحاطتها بغلاف من الثقافة البرتغالية وإعفائها من بعض المهانات الاستعمارية الصارخة وقد عملت هذه السياسة بمقتضي قانون نظام السكان الأصليين علي أبناء الأغلبية العظمي في موزمبيق وأنجولا والوضع الطبقي وبمقتضي هذا التشريع قسم الأفريقيون إلي قسمين يمكن تصنيف الأقلية الضئيلة التي كانت تعرف قراءة البرتغالية وكتابتها وترفض العادات القبلية وتعمل في القطاعات الرأسمالية وعلي الرغم من أنه كان في مقدور أي أفريقي نظريا أن يغير وضعه القانوني فإن ما فرضه النظام الاستعماري من قيود منها نقص المدارس ومحدودية الإمكانيات المتاحة للعاملين وما يبديه مسئولون في الدولة من دعاوي الاستعلاء الثقافي قد حال دون ذلك وحرم بالتالي 99% من السكان الأفريقيين من أبسط حقوق المواطنة (14) .

هذه السياسة تعتبر من المظاهر العامة للاستعمار البرتغالي فأنها تتيح للافريقى الأسود أن يعامل معاملة البرتغالي الأبيض إذا توافرت له الشروط التالية.

1- أن يكون مسيحيا كاثوليكيا .
2- أن يتقن اللغة البرتغالية حديثا وكتابه.
3- أن يتصرف في حياته العامة والخاصة كما يتصرف البرتغالي.
4- أن يحصل على شهادة عليا.
5- أن يكون له من الموارد المعيشية ما يسمح له بمستوى معيشة مرتفع.
6- أن يكون قد بلغ الثامنة عشر من العمر ويقدم شهادة ميلاد وإقامة وشهادة صحية (15) ويدفع ما عليه من مصروفات ودفع الضرائب ويمكن لأبنائه وزوجته أن يحصلوا على حقوق المواطنة بشرط أن يبرهنوا على حسن أخلاقهم ويتمتع الممتص ببعض الحقوق فله حرية التنقل دون تصريح ولا يدفع ضريبة الرؤوس ولا يفرض عليه العمل الجبر ى ويتقاضى مرتب يساوى مرتب الأوروبي الذي في نفس المنصب وللممتص صوتا في الانتخابات (16) يوجد تناقض حول مرتب الأفريقي حيث ذكر جيمس دفى في كتابة البرتغال في أفريقيا أنه مساوى لمرتب الأوروبي بينما نجد أن زاهر رياض في كتابة استعمار أفريقيا يؤكد على أنه كان أقل من مرتب الأوروبي ويدلل على ذلك بأن طبقة الخلاسيين الذين هم عبارة عن أبناء البرتغاليين من الوطنيات هذه الطبقة التي تعتبر بحكم القانون رعية برتغالية إلا أنه تقاضت مرتبات أقل من مرتبات البرتغاليين ولم يصلوا إلى المناصب التي وصل إليها البرتغاليين وليس من الغريب أن لا يستطيع بلوغ درجة الامتصاص إلا بضعة آلاف من أنجولا ومثلهم من موزمبيق نتيجة لتلك الشروط القاسية التي وضعت ليكون الأفريقي برتغاليا حيث قسم البرتغاليون السكان في انجولا وموزمبيق إلى قسمين فئة الوطنيين الذين لم يندمجوا في الحياة البرتغالية وفئة الوطنيين الذين اندمجوا في الحياة البرتغالية " الخلاسيين " وهم ثمرة التزاوج بين الأوربيين والإفريقيات وكان عدد هذه الفئة قليل و تمتعت بامتيازات على حساب الفئة الأخرى (17) .

وفى محاولة للامتصاص الاجتماعي فقد اتجه البرتغاليون إلى الزواج بالوطنيات مما أدى إلى ظهور طبقة الخلاسيين التي سبق الحديث عنها ولكن الحكومة حاولت الحد من هذه الظاهرة حيث جلبت الكثير من بنات الملاجئ البرتغالية إلى المستعمرتين لتزويجها للمستوطنين ولكن العدد كان قليل ولذلك اتجهت الحكومة إلى رفع مستوى الأفريقي إلى منزلة الأوروبي (18) ويتضح مما سبق أن الوطني غير المندمج كان محروما من أن يعمل في الحكومة أو في مؤسسة أو تجارة ونظرا لهذه الشروط من الطبيعي أن يكون عدد المطابقين قليل حيث سجلت في اتجولا حتى عام 1950م وجود 30 ألف من المطابقين من عدد السكان البالغ أربعة ملايين أي بنسبة 3: 400 وفى موزمبيق بلغ عدد المطابقين 4353 من عدد السكان البالغ عددهم 5.733.000 أي بنسبة 1: 1274 ومما سبق يتضح لنا أن المجتمع في المستعمرتين كان ينقسم إلى كثرة هائلة من الأفريقيين والمحرومين من كل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وقلة من الوطنيين المطابقين ثم قلة من الخلاسيين الذين لم يزد عددهم عن خمسة وعشرين ألف وقلة نادرة من البرتغاليين الذين يملكون جميع الحقوق (19).

2- العمل الجبري
إضافة إلى ذلك وجدت ظاهرة العمل الجبري هذه الظاهرة غير الإنسانية التي تعتبر امتدادا لتجارة الرقيق حيث انه بعد إلغاء تجارة الرقيق أصبح الرقيق يعاملون معاملة العمال بإجبارهم على العمل وفى عام 1878م ألغى العمل الجبري وسعى ليحل محله نظام العمل الحر ولكن عدد من السادة احتفظوا بعبيدهم متظاهرين بانهم يخدمون بموجب عقود مبرمة معهم وقد أعلن البرتغاليون الذين كانت لهم السيطرة على عقود العمل بموجب عقود ولمدة خمس سنوات وبذلك اختفى العمل الحر من المستعمرتين حيث كان من لم يستجب طوعا للعمل تجبره السلطات على ذلك، وقد صدر القانون لحماية العامل أن المستأجر عليه أن يقدم رواتب مناسبة (20) .وأن يراعى الأحوال الصحية والمعيشية ومنع القانون المستأجرين من الاحتفاظ بأية رواتب أو بإجبار العامل بأن يشترى من مخازنه وقد صدر قانون عام 1911م حدد مدة العقد بسنتين وإضافة بعض العقوبات على المستأجرين الذين يمارسون العقاب البدنى مع عمالهم، وعن هذا الظلم يقول أحد علماء علم الاجتماع الأمريكي إدوارد روس الذي زار انجولا واستشهد روس ببطاقات العمل التي تشير إلى أن مرتب الشهر يدفع عن 36 يوما أي انه كانت هناك سرقة في العمل الوطني وإهمال المشروعات وفرض ضرائب على المساكن والعقوبات البدنية القاسية للعمال، أما موزمبيق فقد أصبحت أكبر مورد للعمال المهجرين حيث وجدت الصناعات التعدينية لرخص اليد العاملة وقد جمع وكلاء وشركات التعدين 80.000 أفريقي سنويا من موزمبيق وفى عام 1903م كلفت جمعية للعمل الوطني لجمع الرجال للعمل وكانت الجمعية مسئولة عن العمل أمام ممثل حكومة المستعمرة وكان هذا التنظيم أحد الموارد المالية للمستعمرة حيث فرضت ضريبة على كل عامل، وأن إجبار الأفريقي على العمل يمثل حجر الزاوية في سياسة الدول البرتغال وبصدور قانون 1826م أصبح العمل الجبر ى يفرض فقط للمصلحة العامة أو لتنفيذ أحكام العقوبات وللوفاء بالالتزامات وهذا يعنى يمكن إلزام الأفريقي بالعمل على أنه يقوم بعمل مفيد للحكومة فهو عرضة لإجباره على العمل لمدة ستة أشهر لصالح الحكومة وأيضا يمكن إلزام الأفريقي بالعمل إذا لم يوفق في دفع ضريبة الرأس المفروضة عليه وقد نص القانون البرتغالي على أن العامل في انجولا وموزمبيق عام 1930م رهن الإرادة الحرة حيث كان الأفريقي يخير بين توقيع عقد عمل بنفسه مع مقاول أجنبي أو أن تساعده الدولة على توقيع هذا العقد وفى الحالتين مدته ستة أشهر باستثناء بعض الحالات (21) .

كما هو الحال في مناجم الماس ومصائد الأسماك في انجولا والعمل خارج المستعمرة حيث بلغت المدة سنتين وكانت عقود العمل- خاضعة لأشراف الدولة وكان شباب المستعمرتين "18-25" سنة عرضة لإجبارهم على العقود وتحاشيا لذلك كان عليهم أن يكون لهم مهمة تجارية أو صناعية أو تقديم أي عمل للدولة وإذا فشلوا في تقديم أحد هذه الإثباتات يخضعوا لنظام العمل لدى الحكومة أو يعينوه حتى يبرم عقدا مع مقاول خاص (22) ورغم إعفاء القانون للنساء من العمل إلا أنه مورس عليهن ويؤكد ذلك زيارة عالم الاجتماع الأمريكي لانجولا وموزمبيق عام 1924م حيث قال أن الرؤساء يأخذون النساء حتى الحوامل والمرضعات للعمل في شق الطرق وتأويهن الحكومة في ثكنات بعيدة عن الطريق العام ويتركن بلا أجر أو طعام وتتراوح مدة الخدمة من أسبوع إلى خمسة أسابيع وتقوم نساء أخريات بإحضار الطعام لهن من القرى المجاورة الأمر الذي يستغرق يوما كاملا، وكانت النساء تعمل تحت إمرة رئيس أسود يحمل هراوة ويبدأ العمل من السادسة صباحا ويتوقف ساعة في الظهيرة ويستمر حتى غروب الشمس (23) .

يتضح مما سبق مدى الظلم الواقع على أهالي المستعمرتين من جراء هذه السياسة حتى النساء لم تسلم من ممارسة العمل الجبري عليهن مما أدى إلى هلاك الكثير منهن من ممارسة هذه السياسة وحدوث حالات إجهاض كثيرة لعدم قدرتهن على العمل الشاق ومع أن العمل الجبر ى كان ممنوعا قانونيا فإنه يطلب من المتعاقدين بالقوة ولا يختلف حال العمال عن حال العبيد حيث كانت الشركات تحتجز العمال إجباريا لمدة تتجاوز مدة العقد، ووجد على سبيل المثال في أنجولا ثلاثمائة وتسعة وسبعون ألف متعاقد مقابل أربعة آلاف متطوع إذا لم يجد الرؤساء المحليون هؤلاء المتعاقدين لإرسالهم إلى مناطق أخرى فأنهم يلجئون إلى استخدام النساء والأطفال في صيانة الطرق (24) .

وقد كان لهذه السياسة آثارا سلبية على المستعمرتين حيث عاش عمال هاتين المستعمرتين في حالة من الفقر بالإضافة إلى إرسال العديد منهم خارج بلادهم حيث أرسل حوالي 20% منهم إلى جزر الكاكاو ولم يعودوا مرة أخرى مما أدى إلى نقص عدد سكان المستعمرتين وارتفاع نسبة عدد الوفيات في المناجم إلى 67,6 من ألاف بسبب المعاملة السيئة من الموظفين البرتغاليين وعدم الاهتمام بالصحة مما أدى بالتالي إلى نقص الأيدي العاملة في المستعمرتين حيث وصل معدل النقص في موزمبيق إلى 50% كما أقحم الأطفال والنساء في العمل القاسي الذي لا يستطيعون القيام به كشق الطرق وصيانتها مما أدى إلى هلاك الكثير منهم (25) ومن آثار قانون العمل حيث سمح بجمع العمال وتأجيرهم من المستعمرتين وتوريدهم للعمل في الأقطار المجاورة مثل اتحاد جنوب أفريقيا وهناك اتفاق بينها وبين السلطات البرتغالية في موزمبيق يلزمها بتوريد عدد لا يقل عن خمسة وثمانين ألف عامل موزمبيقى سنويا للعمل في اتحاد جنوب أفريقيا مقابل أجور متفق عليها وقد أثرت هذه السياسة العمالية على المستعمرين في أنها حرمت هذين الأقليمين من خيرة الأيدي العاملة بل أنها تحرم البرتغال نفسها من استغلال مستعمراتها الاستغلال الأمثل وذلك بسبب نقص الأيدي العاملة داخل المستعمرة (26) وازداد طلب المستعمرين الأوروبيين على اليد العاملة ولاسيما في المزارع الواسعة والمناجم مما أثر على الوطنيين من أبناء المستعمرتين حيث أجبروا على العمل في شق الطرق وصيانتها ومد السكك الحديدية (27) هذه محاولة لتوضيح دور السياسة السكانية البرتغالية في المستعمرتين التي تركزت في نظام الامتصاص الذي قسم المجتمع الأفريقي في المستعمرتين إلى قسمين قسم ممتص وآخر غير ممتص.

ثالثا الأوضاع الاقتصادية في المستعمرتين​

وسنحاول توضيح مدى انعكاسات هذه السياسة على الأوضاع الاقتصادية في المستعمرتين حيث كان الهدف من السياسة الاقتصادية في انجولا وموزمبيق خلق مجتمع زراعي عن طريق توطين مزارع برتغاليين في مزارع الحكومة حيث يشارك الوطنيون في بعضها وكذلك عن طريق إنشاء المستعمرات الزراعية الأفريقية ويدير المزرعة مهندس زراعي ومدير المزرعة وتقدم لهم الحكومة الأرض والبذور والمعونة العينية كما تمكنهم من شراء الماشية على أقساط، أما في موزمبيق فقد كان التركيز فيها على إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية وهى تشبه إلى حد ما المستعمرات الزراعية في انجولا وتخضع الزراعة في المستعمرتين لسلسلة من السيطرة التي تمارسها عدة لجان زراعية وتجاريه مختلفة وكانت زراعة الأفارقة تقوم أساسا على الضروريات كالذرة والفول والأرز والفول السوداني وتعد الذرة المحصول النقدى الرئيسى في قرى انجولا كما يعد القطن في موزمبيق من أهم المزروعات فيها وقد سيطرت عليها الحكومة البرتغالية مما أدى إلى سوء حالة 15 %من مجموع السكان الأفارقة في موزمبيق حيث كان عليهم أن يزرعوا ويجمعوا القطن متى يؤمرون إضافة إلى سيطرة الشركات في موزمبيق على الزراعة ولم يتم التوسع في الزراعة الوطنية القائمة على الحبوب والقطن (28) حيث أجبرت السياسة البرتغالية المزارعين أن يزر عوا مساحات واسعة من القطن حيث يزرع الأهالي في المستعمرتين هذا المحصول الذي لا يستهلكونه على مضض وعند جني المحصول تستولي عليه الشركات وتقدر له ما تشاء من أسعار ثم تخصم من ثمنه ثمن البذور والسماد والقروض ويعود المزارع صفر اليدين وإذا سمحت الشركات بزراعة محاصيل استهلاكية مرغوبة كالأرز فانه ليس من حق المزارع أن ينال جزءا من المحصول وإنما هو مجبر على بيعه كله للشركة ثم يعود ويشترى ما يشاء من مخازنها بالأسعار التي تريدها (29) .

وقد عانت كل من أنجولا وموزمبيق من نقص اليد العاملة لا لعدم وجود اليد العاملة وإنما لأن الأجر قليل جداً وليس هناك مواد غذائية كافية للاستهلاك ولا آلات حديثة صالحة وقلة طرق المواصلات حيث توقف خط لواندا قبل إتمامه أما خط موساميدس كان قصيرا يبلغ 100 ميل وبذلك زادت واردات انجولا في الانخفاض وزاد العجز في ميزانيتها حيث بلغ عام 1912م ضعف الواردات كلها (30) رغم أن البرتغاليين حاولوا أن تكون مستعمرتى أنجولا وموزمبيق منتجتين إلا أن سياستهما الاقتصادية وما كانت تعانيه البرتغال من تخلف اقتصادي وخوف الحكومة من رؤوس الأموال الأجنبية وعدم تشجيعها للاستثمار في المستعمرتين أدى إلى سوء الأحوال الاقتصادية في المستعمرتين ونظرا لأن البرتغال كانت ترى مستعمراتها أماكن منتجة فرأت زراعة مستعمراتها بالمحاصيل التجارية والصناعية ذات القيمة في التجارة الخارجية ولم تراع في ذلك مصلحة أهل المستعمرتين بل استغل أهل المستعمرتين إلى أبعد الحدود ففى أنجولا مثلا كان هناك تركيز على زراعة البن وقصب السكر والقطن وتصدر هذا الإنتاج واهتمت بتربية الحيوانات الماشية والماعز والأغنام والخنازير التي أدخلتها البرتغال للاستفادة من لحومها وجلودها وتصديرها وقد خصص للأفريقيين مساحة من الأرض لا يجوز نزعها منهم أما إذا استخدم أرض أخرى خارج هذا الحيز فيجوز إخراجه منها ومنحه أرض مساوية لها من الأرض المخصصة للأفريقيين وكثيرا ما اعتدى المستوطنون البيض على الأراضى المخصصة للأفارقة ونظرا لموقع انجولا الممتاز كانت تتمتع بإمكانيات زراعية هامة غير أن إهمال البرتغاليين لها ترك إنتاجها الزراعي نهبا لتقلبات الطقس والمضاربات مما أدى إلى الركود الزراعي فيها. (31)

هذا وقد سنت الحكومة مجموعة من قوانين الضرائب لإرغام عدد من المزارعين في انجولا وموزمبيق على ترك أراضيهم حيث ساهمت هذه الضرائب في زيادة مصدر الدخل إلا أنها فشلت في خلق قوة عاملة رخيصة بالحجم الذي يتوقعه البرتغاليين بالإضافة إلى أنها أضرت بالإنتاج الزراعي داخل المستعمرتين حيث كرة أهل المستعمرتين العمل في الزراعة خوفا من تحصيل الضرائب عليها. (32)

2- التجارة
أما بالنسبة لتجارة الرقيق التي مارسها البرتغاليون في كل من أنجولا وموزمبيق منذ عام 442ام باعتبارها تجارة مربحة وسريعة العائد وقد سيق الرقيق مقيدين بالسلاسل في صفوف لبيعهم للبرتغاليين وغبرهم من الأوروبيين في محطاتهم التي تشمل على أسواق لتجارة الرقيق والسلع الأخرى، وقد تفاوتت أسعار الرقيق فقد كان ثمن الرجال اكئر من ثمن النساء وثمن النساء أكثر من ثمن الأطفال (33) أما بالنسبة للتجارة المحلية في انجولا فكانت اقل أهمية من تجارة التصدير فلم تكن الحياة الاقتصادية قد تطورت في أنجولا بحيث تكون في حاجة إلى خدمات الرقيق بدرجة كبيرة فالأفريقيون يحققون ربحا أكثر ببيعهم لا بإبقائهم وقد يبقى منهم البعض الذي يعمل في المزارع وبعض الأفريقيين الرقيق الذين علمهم الجزويت على أعمال التجاري والبناء والحدادة، فكان عليهم الطلب دائما وتوصل إلى إلغاء تجارة الرقيق وأن الأفريقي يجب أن يزرع ويبيع أنتاج أرضه بدلا من أن يبيع بني جنسه وقد نظر البرتغالي للأفريقي على أنه كان حي أقل من الأوروبي وأن عليه أن يعمل ويجبر على العمل ليحقق الرفاهية للأوروبي حيث نظروا إلى المستعمرتين على أساس أنها أماكن منتجة لصالح الرجل الأبيض والقوانين الصادرة تخدم هذا الاتجاه ولذا كانت المستعمرتين أسواقا لتجارة الرقيق حتى بعد منع تجارة الرقيق صار يمارس الرق من خلال ممارسة العمل الجبري وظل أبناء المستعمرتين يرحلون جماعات عن بلادهم للعمل حيث يريدهم الرجل الأبيض والقوانين الصادرة تخدم هذا الاتجاه ولذا كانت المستعمرتين أسواقا لتجارة الرقيق حتى بعد .منع تجارة الرقيق صار يمارس الرق من خلال ممارسة العمل الجبري وظل أبناء المستعمرتين يرحلون جماعات عن بلادهم للعمل حيث يريدهم الرجل الأبيض ولم يقبل البرتغاليون خلال فترة حكمهم للمستعمرتين التي استمرت أربعة قرون أن يعاملوا الأفريقي معاملة الند للند أو على قدم المساواة (34) وكانت انجولا أكثر المناطق في تجارة الرقيق حتى أطلق عليها اسم الأم السوداء حيث كان مينائها لواندا له المرتبة الأولى في هذه التجارة (35) وقد توقفت تجارة الرقيق في أنجولا وحل محلها تجارة قصب السكر الذي يستعمل في صنع الكحول لاستهلاك السكان إلا أن هذه التجارة انهارت لأن الدول الأوروبية حاربتها حتى لا تنتشر بين السكان ويعقد مؤتمر بروكسل 1906م رفع الرسوم على الكحوليات وبذلك توقفت تجارة قصب السكر في أنجولا (36) وعندما ألغيت تجارة الرقيق كان في لواندا تحت حراسة في مخازن واسعة وأحيانا في زرائب مكشوفة وقد أنزلت تجارة الرقيق الدمار بالمستعمرات وكان إلغائها التام اعترافا بفشلها في تقديم أي شيء سوى ثراء طبقة معينة وإبقاء المستعمرة في حالة من التأخر الدائم (37) وقد كان الرقيق هو السلعة التجارية الهامة وذلك لشدة الطلب عليه في المزارع الأمريكية وبموجب عقود مبرمة بين الأسبان والبرتغال أرسلت البرتغال 500.00، 800.00 من الأفريقيين من أنجولا وموزمبيق إلى المزارع الأسبانية ومزارع القصب البرتغالية في البرازيل وزاد الطلب على الرقيق في أوائل القرن السابع عشر وقد قدمت أنجولا غالبية الرقيق في التجارة البرتغالية وشاركت موزمبيق باعداد هائلة من الرقيق. (38)

يتضح مما سبق أن تجارة الرقيق كان لها أثرا سيئا على المستعمرين حيث فقدت المستعمرتين العديد من أبنائها من جراء هذه التجارة غير الإنسانية مما أدى إلى نقص في عدد السكان وذلك بسبب ترحيل هؤلاء الرقيق إلى خارج المستعمرتين وموت العديد منهم أثناء الرحلة نظرا لضيق الأماكن المحتجزين بها وسوء التغذية وعدم الاهتمام بالصحة بالإضافة إلى حرمان الأسر الأفريقية من أبنائها الذين رحلوا عنها قصرا، هذا وتوجد بعض المعادن في أنجولا وموزمبيق وقد ساهمت مساهمة بسيطة في التجارة حيث كانت تصدر بواسطة الشركات منها شركة ديمانج البريطانية البلجيكية باحتكار استخراج الماس كما احتكرت شركة ألمانية استخراج الحديد والمنجنيز و تولت شركة بلجيكية البحث على البترول حيث اكتشف عام 1955م بالقرب من لواندا وإنشاء معمل للتكرير ولكن الإنتاج كان قليلا (39) وقد اختلفت سياسة البرتغال في المتاجرة عن سياسة الدول الأخرى كبريطانيا وألمانيا حيث فرضت نوعا من الرسوم البحرية للسفن البرتغالية فهي تفرغ شحناتها في انجولا مقابل رسوم قيمتها له 1% فقط وسهلت للشحنات التي تدخل انجولا على ظهر السفن البرتغالية جعلت رسومها لا تتعدى نصف الرسوم المطلوبة ونتيجة لذلك انتشرت الفوضى في وسائل الشحن والتهريب مع المناطق البلجيكية وبدأت الجمارك البرتغالية في الخسارة (40) وقد سيطرت إدارة الجمرك على كافة النشاط التجاري في موزمبيق وكان قائد موزمبيق يشرف على الطرق ليراقب بها سير التجارة وقد أسست البرتغال شبكة تجارية في انجولا وأمكنها أن ترسل المنسوجات والزجاج والمعادن من البرتغال لتقايض عليها بالذهب والعبيد والصمغ والعاج (41) وكان نشاط البرتغاليين في انجولا عام 1870 يقتصر على إنشاء قواعد ساحلية لممارسة تجارة وبيع الرقيق مثل لواندا وبنجويلا أما موزمبيق فقد أخذت كمركز للنشاط الاستعمار ى في شرق أفريقيا وأنشئوا أسواقا لنجارة الذهب واستعانوا بالمبشرين المسيحيين في حركة التوسع والحصول على المعادن الثمينة وحاولوا أن يوصلوا موزمبيق بأنجولا برا ولكن احتلال بريطانيا للملايو وزامبيا حال دون ذلك (42) .

رابعا آثار الأوضاع الاقتصادية علي الصحة والتعليم​

وقد أدى سوء الأوضاع الاقتصادية في المستعمرتين إلى سوء الأوضاع التعليمية والصحية حيث كانت الصحة سيئة جدا حيث ترك العمل في الجانب الصحي للإرساليات التبشيرية وكانت أغلب المستشفيات في المدن الكبرى حيث يوجد الأوروبيين بعكس القرى والمناطق التي خصصت للأفريقيين في المستعمرتين حيث زادت نسبة الوفيات فيها إلى أن بلغت 50% وذلك نتيجة لعدم الاهتمام بالجانب الصحي فقد كان يوجد في أنجولا حوالي 53 مستشفى حكومي و 55 مستشفى تابع للإرساليات أما عدد الأطباء فقد وصل إلى 156 طبيب حكومي وعدد 293 ممرضة أما في موزمبيق فقد كان العدد اقل بكثير من ذلك وعند النظر لعدد الأطباء والمستشفيات في أنجولا ومقارنة هذا العدد بعدد السكان البالغ أربعة ملايين نجد أن عدد الأطباء والمستشفيات فيها قليل جدا لا يفى بالغرض المطلوب في الاهتمام بالجانب الصحي كذلك الحال بالنسبة لموزمبيق وقد برزت التفرقة العنصرية في الخدمات الصحية، حيث كان يوجد في مستشفى لواندا في انجولا أجنحة خاصة للأوروبيين فيها قاعات واسعة وغرف عمليات يمنع الأفارقة من أهل انجولا دخولها (43) أما بالنسبة للتعليم في كل من انجولا وموزمبيق فقد كان مقتصرا على الإرساليات التبشيرية وكان عدد الطلاب السود في انجولا عام 1873 م حوالي 546 من البنين و 33 من البنات و 400 تلميذ في مدارس موزمبيق وكان الاتجاه في المدارس إلى تعليم الأطفال الأفريقيين في المستعمرتين اللغة البرتغالية وتاريخ البرتغال وأمجادها وفرضت قيودا على سن الدخول للمدرسة بالإضافة إلى عدم توفر الأماكن للدراسة جعلت عدد كبير من الأفارقة في المستعمرين لا تتاح لهم الفرصة للتعليم، وكان التعليم ينقسم إلى قسمين التعليم الأفريقي والتعليم الأوروبي حيث كان التعليم الأفريقي مدته ثلاث سنوات بعد بلوغ السابعة من العمر يتعلم القراءة والكتابة باللغة البرتغالية وبعض مبادئ الحساب وفى نهاية المدة يعقد امتحان يسمح للطلبة الناجحين بمواصلة دراستهم في المدراس الابتدائية الحكومية والموجودة في المركز، وهنا تتضح عدة قيود ضد الطلبة الأفارقة منها شروط السن للقبول بالمدارس الابتدائية والنجاح في الامتحان وعدم توفر المدارس إلا حيث يوجد الأوروبيين وتعلم القراءة والكتابة باللغة البرتغالية أثر على اللغة الأصلية لأهل المستعمرتين ولذلك قل عدد الوطنيين المنتسبين إلى المدارس الابتدائية ويقل العدد أيضا في المدارس الثانوية، أما المدارس العليا فقد أنشئت خصيصا للمستوطنين البرتغاليين وفى هذا يوجد خلاف بين رأى جيمس دفى في كتابة البرتغال في أفريقيا حيث يقول أن المدارس العليا كانت مقصورة على البرتغاليين والممتصين من أبناء الأفارقة أما رأى شوقي الجمل في كتابة كشف أفريقيا واستعمارها يرى أن هذه المدارس أنشئت خصيصا للمستوطنين البرتغاليين فقط وأنني أرجح رأى شوقي الجمل لأن نظام الامتصاص ما هو إلا غلاف للسياسة البرتغالية في المستعمرتين حيث اشتمل هذا النظام على عدة شروط وقيود للأفريقي ليكون ممتصا ولذلك إني استبعد أن تكون قد أقيمت مدارس عليا خصيصا لأبناء الممتصين في المستعمرتين، وفى عام 1954 م كان عدد الطلبة الذين دخلوا امتحان السنة الثالثة في أنجولا 909 طالبا من بين 30361 طالبا قبلوا، وفى موزمبيق حدث نفس الشيء 2% من مجموع السكان تتاح لهم فرصة إتمام الدراسة الابتدائية (44) حيث تعلم أطفال الأفارقة في المستعمرتين اللغة البرتغالية في مدارس الحضانة وتقدموا للتعليم الابتدائي ثم الثانوي ولكن نظرا لسوء الأحوال المالية في البرتغال ذاتها لم يستفد من هذا النظام إلا جزء يسير من الأطفال الأفريقيين (45) وهم أطفال الممتصين وتظهر من خلال نظام التعليم الذي فرضته البرتغال في كل من انجولا وموزمبيق مدى التفرقة العنصرية حيث كان هناك نوعين من التعليم الأوروبي الذي اعتبرت الدولة نفسها مسئولة عنه وتعليم الأفارقة الذي أوكل إلى الجمعيات التبشيرية (46) وكانت المدارس الحكومية الأولية لا يدخلها سوى التلاميذ البيض والأفارقة الممتصين وكانت مصاريف هذه المدارس كبيرة حيث وصلت إلى ست جنيهات سنويا يدخل فيها السكن والمأكل والتعليم وهذا المبلغ يمثل ربع دخل العائلة السنوي كله مما أثقل كاهل ذوى الدخول البسيطة في أنجولا وموزمبيق وهذه المدارس لا توجد لا حيث يوجد عدد كبير من الممتصين، أما بقية المناطق فكانت تسودها مدارس المبشرين في عام 1960م وجد 30 طالب أفريقي في أنجولا وموزمبيق من بين طلاب احد المدارس العليا البالغ عددها 1000 طالب وتوجد في أنجولا 5 مدارس عليا وفى موزمبيق 3 مدارس ولا توجد جامعات في كل من انجولا وموزمبيق (47) وقد أثر الاستعمار البرتغالي في انجولا وموزمبيق تأثيرا بالغا حيث سادت الأمية في المنطقة ويتضح ذلك من خلال إحصاء عام 1950م أن 99% من الأفارقة في موزمبيق على سبيل المثال كانوا أميين وبعد حوالي ثمانية سنوات أي في عام 1958م أتضح أن أفريقيا واحدا في موزمبيق هو الذي يحمل درجة جامعية (48) .

وخلاصة ما تقدم أن سياسة الاستعمار البرتغالي تركزت في اعتبار المناطق المسيطر عليها من المستعمرتين جزءا من الوطن الأم والأفارقة من أهل المستعمرتين مواطنون بشروط خاصة أهمها معرفة اللغة البرتغالية حديثا وكتابة بهدف طمس اللغة والعادات الأفريقية ويقوم النظام الاقتصادي في المستعمرتين على نظام السخرة في المزارع التي كانت مملوكة للبيض ومن أهم صادرات المستعمرتين الأيدي العاملة فهي تتاجر في العمال الأفريقيين من المستعمرتين وتقوم بتشغيلهم في مناجم جنوب أفريقيا بالإضافة إلى ممارسة تجارة الرقيق التي أفقدت المستعمرتين العديد من أبنائها بالإضافة إلى عدم الاهتمام بالإنتاج الزراعي بالشكل المطلوب مما جعله نهبا لتقلبات الطقس بالإضافة إلى فرض ضرائب مرتفعة على الزراعة مما أثقل كاهل الأفريقي بها وقد تركزت السياسة السكانية للبرتغال في المستعمرتين على نظام الامتصاص الذي كان له أثر سيئ في تقسيم المجتمع إلى قسمين الممتصون اللذين كانوا يتمتعون ببعض المزايا وغير الممتصين اللذين لم تكن لهم أية حقوق داخل المستعمرتين وإنما استغلوا إلى أبعد الحدود إضافة إهمال الجانب الصحي في المستعمرتين حيث قل عدد الأطباء والمستشفيات وتأكيداً على التفرقة في المعاملة بين الأهالي والأوروبيين حيث وجدت بعض المستشفيات لم يسمح بدخولها للأفريقيين من أهل المستعمرتين وكانت خاصة بالأوروبيين وحدهم أما سياسة البرتغال التعليمية في المستعمرتين تؤكد أن المستعمرتين قد غلبت عليهن سمة الأمية وبرزت التفرقة بين سكان المستعمرتين حيث قسم التعليم إلى قسمين تعليم الأوربيين وتشرف عليه الدولة والتعليم الأفريقي ترك أمره للإرساليات التبشيرية، كما يتضح انه على الرغم من أن البرتغال من أقدم الدول في ميدان الاستعمار فأنه من الصعب أن نجد فلسفة واضحة المعالم للسياسة البرتغالية في كل من انجولا وموزمبيق حيث تذبذبت هذه السياسة بين الاستغلال والاستيطان وبين التفرقة العنصرية والامتصاص والنهوض بالأهالي وبين معاملتهم معاملة الرقيق.

قائمة المصادر والمراجع​

1- زاهر رياض، استعمار أفريقيا، الدار القومية، (القاهرة، 1965م) ص 178، 179 .
2- يحيى بوعزير، الاستعمار الأوروبي الحديث في أفريقيا واسيا وجزر المحيطات، دار المطبوعات الجامعية والجزائر، 1966م، ص 86.
3- محمود متولى، رأفت الشيخ، أفريقيا في العلاقات الدولية، دار الثقافة للطباعة والنشر القاهرة، 1975م، ص 142-143.
4- شوقى الجمل، تاريخ كشف أفريقيا واستعمارها، ط10 الأنجلو المصرية، (القاهرة 1980) ص 65.
5- جميس دفى، البرتغال في أفريقيا، ترجمة جاد طه، الدار القومية للطباعة والنشر، د. ت، ص 49-50.
6- عبد الملك عودة، السياسة والحكم في أفريقيا، ط1 مكتبة الأنجلو المصرية، (القاهرة، 1959) ص44، 200.
7- محمد عبد العزيز إسحاق، نهضة أفريقيا، الهيئة المصرية العامة للطباعة والنشر، (القاهرة، 1961) ص82.
8- زاهر رياض، مرجع سابق، ص 82، 186 - 178 .
9- البرازيدوا - طبقة نشبه طبقة الأمراء الإقطاعيين في أوروبا تزوجوا بزوجات وطنيات وتعلموا اللغة الوطنية وكونوا الجيش وكانوا حماه للأرض ومن يسكنها اعترفت بهم الحكومة عام 1895م. وحصلوا على بعض المزايا منها جباية الضرائب والسلطة القضائية واحتكار بعض أنواع التجارة.
10- زاهر رياض، مرجع سابق، ص 269 ،270، 271 .
١1- نفسه، ص 271 -272 .
12- جيمس دفى، مرجع سابق ص 127.
13- نفسه.
14- نفسه ص 128.
15- ل جراي كواق، مشكلات القارة الأفريقية بعد الاستقلال، ترجمة عبد العليم حسني مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1966 ص 70 .
16- البيرا دو بواهن، السياسة والكفاح الوطني في غرب أفريقيا 1919 - 1935، تاريخ أفريقيا العام 1935، اليونسكو أديفرا، 1991م، 1935، ص 649 .
17- محمد عبد العزيز إسحاق، مرجع سابق، ص 82.
18- Harris, john: Portuguese slarery (London, 1918) p. 29.
19- شوقى الجمل، مرجع سابق، ص 148 ،147 .
20- زهر رياض، مرجع سابق، ص 311.
21- نفسه، ص 312 - 313 .
22- جيمس دفى، مرجع سابق، ص 116.
23- Johnston, H: A history of colonization of Africa by Alien by Races (Cambridge, 1913) P15 .
24- جميس دفى، مرجع سابق، ص 122 .
25- أ. ابزاكمان و ج، فانتينيان، المبادرات والمقاومة الأفريقية في وسط أفريقيا 1880 - 1914م تاريخ أفريقيا العام، اليونسكو أديفر، 1990، ص 219.
26- شارل أنديه جوليان، تاريخ أفريقيا، ترجمة طلعت أباظة، دار النهضة العربية، (مصر، 1968)،ص 156.
27- جميس دفى، مرجع سابق، ص 166 .
28- محمد عبد العزيز اسحاق، مرجع سابق ص 65، 86.
29- رولاند أوليفر، جون فيج موجز تاريخ أفريقيا، ترجمة دولت احمد صادق مراجعة محمد السيد غلاب الدار المصرية للتأليف والترجمة (القاهرة، د.ت) ص 219 .
30- جميس دفى، مرجع سابق، ص 151، 153.
31- محمد عبد العزيز إسحاق، مرجع سابق، ص 83.
32- ه، غيبون خريطة إفريقيا، ترجمة منصور عمر الشتيوى، ط 2، دار الفرجانى (طرابلس ،1975 ق.م)ص 145- 146.
33- ك. كوكرى، فيرورفنيش الاقتصاد الاستعمارى والمناطق الفرنسية والبلجيكية والبرتغالية السابقة 1914 - 1935م، تاريخ أفريقيا لعام 1880 - 1935 اليونسكو آديفر 1990، ص 386، 387.
34- ادسن استيسو، أوروبا باميو، السياسة والكفاح الوطني في شرق إفريقيا 1919 - 1935م تاريخ أفريقيا لعام 1880 - 1935 م اليونسكو أديفر 1990م، ص 697.
35- Tueker John : Angola, Land of The Blacks Mith princes (London, 1933) p.33 .
36- زاهر رياض، مرجع سابق، ص 53.
37- شوقى الجمل، مرجع سابق، ص 194-210 .
38- ه آغييون،مرجع سابق، ص 195 .
39- Moreies, Eswardo : Portuguese East Africa (London 1930) p.65
40- جميس دفى، مرجع سابق، ص 32.
41- شوقى الجمل، مرجع سابق، ص 217.
42- ه آغيبيون، مرجع سابق، ص 194.
43- جميس دفى، مرجع سابق، ص 29.
44- يحيى بو عزير، مرجع سابق، ص68.
45- شوقى الجمل، مرجع سابق، ص 215.
46- نفسه، ص 213، 214.
47- ل. جراى كوافى، مرجع سابق، ص 71.
48- شوقى الجمل،مرجع سابق، ص 211.
49- جميس دفى، مرجع سابق، ص 156.
50- سعيد أحمد الشيخ، المظاهر الاستعمارية وخصائص الشخصية القومية والاستعمار، ط،1 جامعة قاريونس، (بنغازى، 1991م) ص 65- 66.
 

✔ نبذة عنا

منتدى انكور التطويري لدعم وتطوير المواقع والمنتديات والمحتوى العربي. نسعى للارتقاء في المحتوى العربي وتقديم الخدمات المتنوعة لأصحاب المواقع والمنتديات بأحدث الامكانيات والشروحات مجانًا.
عودة
أعلى