عندما قررتُ إعادة قراءة رواية جورج أورويل الكلاسيكية 1984، صُدمتُ من التشابهات بين العالم الذي صوّرته الرواية في مستقبلها الخيالي والواقع الذي نعيشه اليوم – حتى قبل جائحة كوفيد-19. فقد اتخذت العديد من الحكومات حول العالم تدابير صارمة للسيطرة على انتشار الفيروس، ما أدى إلى تغييرات جذرية في أنماط التواصل الإنساني والحد من حرية الحركة. كما استُخدمت بيانات سلوكية وجغرافية لتحليل فعالية هذه الإجراءات.
فيما نتأقلم مع عالم أكثر افتراضية وتفتتًا، تُثير رواية أورويل التفكير في التأثيرات طويلة الأمد لهذه التغيرات في الأعراف الاجتماعية، بدءًا من التباعد الاجتماعي وصولًا إلى تتبع الأفراد النشط ومراقبة بياناتهم الصحية اليومية. هل يمكن أن يكون العالم الكابوسي الذي تخيله أورويل هو النموذج العالمي الذي يجعل من رواية 1984 واقعًا في عام 2020؟
الرواية الديستوبية، التي كُتبت عام 1948، تصف مستقبلًا متخيلًا في عام 1984 حيث تغيّر العالم إلى درجة لا يمكن التعرف عليها، وأصبح الناس تحت مراقبة وسيطرة ثلاث دول شمولية في حالة حرب دائمة. حتى بدون جائحة كورونا، يُدهش المرء كيف تحوّلنا من أيام الحرية الليبرالية في ستينيات القرن الماضي إلى مجتمعٍ يخضع للرقابة والشرطة، وهو ما قبلناه تدريجيًا. كيف سمحنا بحدوث ذلك؟
الرواية الديستوبية، التي كُتبت عام 1948، تصف مستقبلًا متخيلًا في عام 1984 حيث تغيّر العالم إلى درجة لا يمكن التعرف عليها، وأصبح الناس تحت مراقبة وسيطرة ثلاث دول شمولية في حالة حرب دائمة. حتى بدون جائحة كورونا، يُدهش المرء كيف تحوّلنا من أيام الحرية الليبرالية في ستينيات القرن الماضي إلى مجتمعٍ يخضع للرقابة والشرطة، وهو ما قبلناه تدريجيًا. كيف سمحنا بحدوث ذلك؟
"من يسيطر على الماضي، يسيطر على المستقبل. ومن يسيطر على الحاضر، يسيطر على الماضي"
الشعار المركزي لدولة "الأخ الأكبر" في رواية جورج أورويل 1984 يدور حول فكرة السيطرة. العمل اليومي للبطل، وينستون سميث، يتمثل في إعادة كتابة وتعديل الأخبار المنشورة مسبقًا لتتناسب مع الواقع الجديد وتجنب التشكيك في الحزب. هذه العبارة الشهيرة "من يسيطر على الماضي، يسيطر على المستقبل. ومن يسيطر على الحاضر، يسيطر على الماضي" تبدو أكثر ارتباطًا بواقعنا اليوم.
على المستوى الفردي، خلقت وسائل التواصل الاجتماعي مجتمعًا يتيح للأفراد التحكم في الطريقة التي يرغبون بأن يراهم بها الآخرون، حيث يمكن لأي شخص أن ينسج قصة تعكس صورة إيجابية عنه - سواء كانت هذه الصورة قريبة أو بعيدة عن الحقيقة. نسمع عن أشخاص يلتقطون صورًا أمام فنادق فاخرة وينشرونها كما لو كانوا يقيمون فيها، وعن مآسٍ مروعة لمراهقين يصورون حياة براقة يومًا بعد يوم ثم يقدمون على إنهاء حياتهم. ومع انتشار الأخبار الكاذبة وسهولة تعديل أو حذف المحتوى المنشور سابقًا، نواجه يوميًا تحديًا في التمييز بين الحقيقة والزيف.
بينما لا يمكن الجزم بمدى توقع أورويل في 1984 لما سيحدث في المستقبل، فإن تحذيره من أخطار الأنظمة الشمولية يظل صادمًا في ضوء الصراع المستمر بين القوى الكبرى، وأيضًا في سياق الهيمنة الرقمية التي تمارسها شركات التكنولوجيا العملاقة. من يسيطر على حاضرنا؟ من يتحكم في سلوكياتنا وقراراتنا من خلال ملء تغذياتنا الإخبارية؟
الشركات الكبرى مثل جوجل، أمازون، فيسبوك، وأبل (GAFAs) تشجع على التخصيص وتعرف ما نريد شراءه، وتستنتج أيضًا من عاداتنا الشرائية حقائق حاسمة عن حياتنا، مثل ميولنا الانتخابية، وتسمح لأطراف ثالثة بالتأثير على قراراتنا. كيف نحمي أنفسنا من فضائح مثل كامبريدج أناليتيكا، خاصة ونحن نعتمد على هذه الشركات بشكل متزايد في ظل الاعتماد المتنامي على التجارة الإلكترونية؟
على المستوى الفردي، خلقت وسائل التواصل الاجتماعي مجتمعًا يتيح للأفراد التحكم في الطريقة التي يرغبون بأن يراهم بها الآخرون، حيث يمكن لأي شخص أن ينسج قصة تعكس صورة إيجابية عنه - سواء كانت هذه الصورة قريبة أو بعيدة عن الحقيقة. نسمع عن أشخاص يلتقطون صورًا أمام فنادق فاخرة وينشرونها كما لو كانوا يقيمون فيها، وعن مآسٍ مروعة لمراهقين يصورون حياة براقة يومًا بعد يوم ثم يقدمون على إنهاء حياتهم. ومع انتشار الأخبار الكاذبة وسهولة تعديل أو حذف المحتوى المنشور سابقًا، نواجه يوميًا تحديًا في التمييز بين الحقيقة والزيف.
بينما لا يمكن الجزم بمدى توقع أورويل في 1984 لما سيحدث في المستقبل، فإن تحذيره من أخطار الأنظمة الشمولية يظل صادمًا في ضوء الصراع المستمر بين القوى الكبرى، وأيضًا في سياق الهيمنة الرقمية التي تمارسها شركات التكنولوجيا العملاقة. من يسيطر على حاضرنا؟ من يتحكم في سلوكياتنا وقراراتنا من خلال ملء تغذياتنا الإخبارية؟
الشركات الكبرى مثل جوجل، أمازون، فيسبوك، وأبل (GAFAs) تشجع على التخصيص وتعرف ما نريد شراءه، وتستنتج أيضًا من عاداتنا الشرائية حقائق حاسمة عن حياتنا، مثل ميولنا الانتخابية، وتسمح لأطراف ثالثة بالتأثير على قراراتنا. كيف نحمي أنفسنا من فضائح مثل كامبريدج أناليتيكا، خاصة ونحن نعتمد على هذه الشركات بشكل متزايد في ظل الاعتماد المتنامي على التجارة الإلكترونية؟
"الحرب هي السلام، الحرية هي العبودية، الجهل هو القوة"
في رواية 1984، تحمل وزارة الحقيقة ثلاثة شعارات: "الحرب هي السلام"، "الحرية هي العبودية"، و"الجهل هو القوة". وبعد نتيجة صادمة لاستفتاء بريكست، غمرتنا التغطيات الإخبارية الكثيفة حول الموضوع لسنوات، بتقارير أشبه بتقارير الحروب، مع رسائل مليئة بالكآبة عن مستقبل بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي.
الآن، انتهى بريكست، وظهرت "حرب" جديدة، هذه المرة غير مرئية ومرعبة: جائحة فيروس كورونا. الحكومات في جميع أنحاء العالم، عن قصد أو غير قصد، تجد في هذه الحالة الطارئة فرصة للسيطرة. الإعلام يضخ باستمرار إحصائيات تخيفنا: أعداد الوفيات، مخاطر الضعفاء وكبار السن، قصص العزلة المروعة التي عاشها بعض الضحايا في أيامهم الأخيرة. يبدو أننا في حالة حرب دائمة، لكن هذه الحرب أصبحت شكلًا جديدًا للسلام.
وينستون، غير القادر على قبول مبادئ الحزب، يكتب في الخفاء تساؤلات مثل: "هل نعيش في زمن تكون فيه الأفكار حرة؟". في عالمنا اليوم، حيث تتزايد السيطرة الثقافية وتقلّ الاختلافات، نجد أطفالنا يرتدون نفس الملابس، يستخدمون نفس التطبيقات، ويعيشون في إطار ثقافة عالمية موحدة تفرضها قوى السوق.
هل نشجع أطفالنا على التفكير بحرية؟ أم نطلب منهم السير على نفس النهج؟ هل نحن نخلق مجتمعًا يحتفل بالتنوع الفكري وليس فقط بالتنوع العرقي أو الجنسي؟ يبدو أن الإجابة ما زالت غير واضحة.
في النهاية، يُجبر وينستون على حب "الأخ الأكبر". لكن كمجتمع، علينا أن نقرر ما الذي نريده لمستقبلنا ولأطفالنا، وما الذي نحن مستعدون للتخلي عنه للحفاظ على حريتنا.
الآن، انتهى بريكست، وظهرت "حرب" جديدة، هذه المرة غير مرئية ومرعبة: جائحة فيروس كورونا. الحكومات في جميع أنحاء العالم، عن قصد أو غير قصد، تجد في هذه الحالة الطارئة فرصة للسيطرة. الإعلام يضخ باستمرار إحصائيات تخيفنا: أعداد الوفيات، مخاطر الضعفاء وكبار السن، قصص العزلة المروعة التي عاشها بعض الضحايا في أيامهم الأخيرة. يبدو أننا في حالة حرب دائمة، لكن هذه الحرب أصبحت شكلًا جديدًا للسلام.
وينستون، غير القادر على قبول مبادئ الحزب، يكتب في الخفاء تساؤلات مثل: "هل نعيش في زمن تكون فيه الأفكار حرة؟". في عالمنا اليوم، حيث تتزايد السيطرة الثقافية وتقلّ الاختلافات، نجد أطفالنا يرتدون نفس الملابس، يستخدمون نفس التطبيقات، ويعيشون في إطار ثقافة عالمية موحدة تفرضها قوى السوق.
هل نشجع أطفالنا على التفكير بحرية؟ أم نطلب منهم السير على نفس النهج؟ هل نحن نخلق مجتمعًا يحتفل بالتنوع الفكري وليس فقط بالتنوع العرقي أو الجنسي؟ يبدو أن الإجابة ما زالت غير واضحة.
في النهاية، يُجبر وينستون على حب "الأخ الأكبر". لكن كمجتمع، علينا أن نقرر ما الذي نريده لمستقبلنا ولأطفالنا، وما الذي نحن مستعدون للتخلي عنه للحفاظ على حريتنا.