Announcement Title

Your first announcement to every user on the forum.

Admin

مدير شركة انكور التطويرية
طاقم الإدارة
ادارة انكور
يناقش الكاتبان عوفير ونتر وعوفر غترمان في هذا المقال، المنشور على معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي، كيف أثّرت الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة في صورة إسرائيل وعلاقاتها مع دول السلام العربية، خاصةً مصر، الأردن، والإمارات. فرغم الإنجازات العسكرية التي حققتها إسرائيل، فإنها باتت تُنظر إليها من قبل شركائها العرب كدولة مصدومة ومنفصلة عن الواقع الإقليمي، تتصرّف بطريقة تُقوّض شراكاتها الاستراتيجية وتُغذّي مشاعر الإحباط والغضب في الرأي العام العربي. وتشير الدول العربية إلى غياب رؤية سياسية مرافقة للعمل العسكري، وهو ما يُقوّي القوى المتطرفة، ويُضعف المحور المعتدل، ويهدّد فرصة التطبيع مع السعودية. وفي المقابل، لا تزال هناك نافذة تاريخية مفتوحة للتكامل الإقليمي. فرغم الانتقادات، تُبدي الدول العربية المعتدلة رغبة حقيقية في مواصلة التعاون مع إسرائيل ضمن خطة مسؤولة لإعادة إعمار غزة وتسوية الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني. وتُشير مبادرة مصرية–عربية إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإنشاء حكومة فلسطينية مدنية تكنوقراطية، ومرحلة إعمار بتمويل دولي يتجاوز 50 مليار دولار.

كما تعكس هذه المبادرة استعدادًا غير معلن لأخذ المخاوف الأمنية الإسرائيلية في الاعتبار، بما يشمل ضمانات تتعلق بالحدود والمراقبة وربما تدخل أمني مشترك. ويحذّر الكاتبان من أن مواصلة الحرب دون تحوّل سياسي حقيقي سيقوّض العلاقات مع الدول العربية، ويفوّت فرصة استراتيجية نادرة لتعزيز السلام الإقليمي. والقرارات التي ستتخذها إسرائيل — أو تمتنع عن اتخاذها — في المستقبل القريب، ستحدد ليس فقط مصير غزة، بل أيضًا مستقبل علاقاتها مع العالم العربي بأكمله.

تمت ترجمة ونقل المقال للفائدة العلمية، إذ يمكن ان يكون مصدر مهم للدراسات الاكاديمية والتحليلات والمقالات الاخبارية حول اسرائيل وعلاقاتها في الشرق الاوسط، وحرب غزة.

الأزمة الصامتة: كيف تنظر الدول العربية إلى إسرائيل حاليًا؟

خلال الحرب المستمرة التي تخوضها إسرائيل، عبّرت دول السلام العربية — وخاصة مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة — عن مشاعر عميقة من عدم الثقة والإحباط، بل والارتباك أحيانًا تجاه سلوك إسرائيل. وقد تصاعدت هذه المشاعر مؤخرًا ويبدو أنها بلغت ذروتها. فعلى الرغم من أن هذه الدول تعترف بالإنجازات العسكرية الإسرائيلية وتقرّ بإمكانية أن يكون لها أثر إيجابي في الشرق الأوسط، إلا أنها في الوقت نفسه تشعر بقلق بالغ إزاء ما تعتبره نهجًا إسرائيليًا متصلّبًا وأحادي البُعد قائمًا بالكامل على الاستخدام الحصري والمستمر للقوة العسكرية. ووفقًا لما يسود في الدوائر الدبلوماسية والسياسية العربية، فإن الاستراتيجية الحالية لإسرائيل تغفل فرصة إنهاء الحرب، وتفشل في تحويل المكاسب العسكرية إلى مبادرات دبلوماسية. هذا الإخفاق يقوّض احتمالات إطلاق مسار سياسي يُفضي إلى حل الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني وتشكيل واقع جديد من السلام والازدهار في المنطقة.

ويتّصل بهذا النقد موقف آخر من دول السلام العربية يركّز على الحجم الهائل للقوة التي استخدمتها إسرائيل ضد قطاع غزة وسكانه المدنيين. فالصور المتداولة في الإعلام العربي والتي تُظهر معاناة النساء والأطفال في غزة، والمصحوبة باتهامات بارتكاب إبادة جماعية، من المرجّح أن تُلقي بظلال ثقيلة على أي جهود مستقبلية لإعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ورغم كل ذلك، تظل دول السلام العربية ملتزمة باتفاقياتها مع إسرائيل وبالرؤية الأشمل للتطبيع والاندماج الإقليمي — على الصعيد العلني أيضًا. بل إنها طرحت أطرًا مرنة لبلورة أفق سياسي لمرحلة ما بعد الحرب. ومع ذلك، هناك قلق متزايد من أن السياسات الإسرائيلية الحالية قد تُلحق ضررًا متعدد الأبعاد بالعلاقات الثنائية: من خلال تقويض الثقة بين القيادات الرسمية، وتأجيج المشاعر الشعبية المعادية لإسرائيل في المجتمعات العربية، وتعزيز نفوذ الفصائل الإسلامية المتطرفة. هذا الواقع المتغيّر لا يهدد فقط فرص التطبيع، بل يُضعف أيضًا التقدّم الفعلي الذي تحقق حتى الآن، ويعزز الميل العربي لاعتماد استراتيجيات إقليمية تُقصي إسرائيل عمدًا.

كيف تنظر الدول العربية الى سرائيل حاليًا؟​

على مدى العقدين الماضيين — وخاصة منذ توقيع اتفاقيات أبراهام — عملت إسرائيل على تطوير علاقات بنّاءة مع عدد من الدول العربية التي طبّعت علاقاتها معها. وقد استندت هذه العلاقات إلى مصالح استراتيجية مشتركة، شملت مواجهة طموحات إيران الإقليمية، ومحاربة الجماعات الإرهابية السلفية الجهادية، وتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة. وخلال هذه الفترة، تم تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF) ومنتدى النقب، وبدأ القادة الإقليميون في مناقشة بناء بنية شرق أوسطية جديدة قائمة على مصالح جيوسياسية متبادلة.

لكن الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر — والتي أطلقتها حماس جزئيًا بهدف إفشال مسارات التطبيع بين إسرائيل والسعودية ودول عربية أخرى — نجحت بالفعل، على الأقل مؤقتًا، في تعطيل هذه التطورات الإيجابية. ومن أبرز الأمثلة على هذا التحوّل، الزيارة الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، حيث روّج لرؤية التكامل الإقليمي من خلال سلسلة لقاءات دبلوماسية واتفاقات تجارية — بعضها تاريخي، مثل لقائه مع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع — في حين غابت إسرائيل بشكل لافت. وقد أقرّ ترامب خلال الزيارة بأن التطبيع بين إسرائيل والسعودية من المرجّح أن يتأجل بسبب استمرار الحرب في قطاع غزة.

في الوقت نفسه، سرّعت الحرب من تآكل صورة إسرائيل في نظر الحكومات والشعوب العربية على حد سواء. فبين قطاعات واسعة من المجتمعات العربية، يُنظر إلى إسرائيل بشكل متزايد على أنها متمسكة بنهج قائم على القوة فقط، مع تخلّيها عن استراتيجية أكثر توازنًا تتضمن أدوات دبلوماسية ومدنية واقتصادية. ويُنظر إلى هذا السلوك على أنه مضر بالمصالح الاستراتيجية العربية والإسرائيلية معًا، ما يدفع دول السلام العربية إلى إعادة تقييم الفرضيات الأساسية التي بُنيت عليها علاقاتها مع إسرائيل.

وتتركز انتقادات الدول العربية المعتدلة لإسرائيل حول عدة نقاط رئيسية. أولها تتعلق بتصوّر النصر على حماس. فكثيرون في العالم العربي يعتقدون أن إسرائيل تسعى لمواصلة الحرب سعيًا لما تسميه "النصر الكامل" على حماس، رغم أن الحركة تُعدّ، في نظر كثيرين، مهزومة فعليًا: فقد تكبدت خسائر عسكرية، وخسرت دعم شريحة واسعة من الفلسطينيين، وتشهد انقسامات داخلية، وتواجه أزمة استراتيجية بسبب حجم الدمار الذي تسببت به لنفسها ولقطاع غزة والمجتمع الفلسطيني. وفي ظل هذه الظروف، يُنظر إلى إصرار إسرائيل على تصوير حماس كتهديد وجودي دائم على أنه تضخيم مفرط للرواية، يزج بإسرائيل أكثر في "مستنقع غزة"، ويضرّ بها وبالمنطقة.

النقطة الثانية تتعلق بطموح إسرائيل المعلن بالسيطرة على غزة والقضاء على حماس "حتى آخر عنصر"، دون المضي قدمًا في مسار سياسي موازٍ يهدف إلى إنشاء سلطة فلسطينية بديلة في القطاع. ويُنظر إلى هذا الهدف على أنه غير واقعي ويأتي بنتائج عكسية. فمن وجهة نظر الدول العربية المعتدلة، فإن الاعتماد المستمر على الضغط العسكري لن يحقق الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل: فهو لن يؤدي إلى نزع سلاح حماس، ولا إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، ولا إلى استقرار غزة في غياب حماس. كما أن هذا النهج لن يحظى بدعم من الشركاء العرب المعتدلين.

أما النقطة الثالثة، فتتعلق بأن السياسة الإسرائيلية القائمة حصرًا على الوسائل العسكرية تُهدّد طيفًا واسعًا من المصالح الاستراتيجية المشتركة العربية–الإسرائيلية. فهي تُضعف اتفاقيات السلام القائمة، وتُعيق جهود توسيع التطبيع لتشمل دولًا إضافية، كما تغذّي مشاعر الكراهية والرغبة في الانتقام تجاه إسرائيل. وتُقوّض استدامة علاقات التطبيع الحالية، فضلًا عن حضورها العلني، وتشتّت تركيز إسرائيل ومحور الاعتدال العربي عن التحديات الحقيقية التي تواجه المنطقة، بما فيها التهديدات التي تمثلها إيران، وقطر، وتركيا، وسوريا الجديدة، وجماعة الإخوان المسلمين.

رابعًا، إن تركيز إسرائيل الحصري على الحلول العسكرية يُغذّي التطرف في المنطقة. فهو يخدم منطق القوى الإسلامية المتطرفة التي تسعى لزعزعة استقرار إسرائيل، ويقوّي من موقعها، وفي نهاية المطاف يصبّ في مصلحتها. وتخشى دول السلام العربية أن هذه السياسة تتيح لحركة حماس استقطاب عناصر جديدة من بين الجيل الشاب في غزة — لا سيما في ظل غياب بديل فعّال لحماس وأيديولوجيتها — وتُعزز ما يُعرف بمحور "المقاومة". كما أنها تزيد من جاذبية الحركات الإسلامية في الدول العربية، خصوصًا في الأردن ومصر، وتعيق جهود لبنان الرامية للوصول إلى واقع جديد مستقر بعيدًا عن هيمنة حزب الله. ورغم أن الدول العربية المعتدلة أعربت عن إعجابها بإنجازات الجيش الإسرائيلي في لبنان وسوريا، فإنها ترى أن استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في أراضي هذين البلدين يُعدّ عدوانيًا وغير مشروع.

خامسًا، إن تمسّك إسرائيل بما يُعرف بـ"إدارة الصراع" دون السعي لحلّه جذريًا، لن يوفر لها أمنًا طويل الأمد. بل إنه يُكرّس حالة من الأزمة الدائمة، ويُعمّق جذور المشكلات. وترى دول السلام العربية أن إسرائيل تُعطي الأولوية للقوة على حساب الدبلوماسية، مما يُبقي على واقع من العنف والدمار وانعدام الأمل. وفي ظل هذه الظروف، يصبح من المستحيل تحقيق أمن مستقر لإسرائيل، أو دفع جهود تفكيك التطرف في قطاع غزة، أو توسيع دائرة التطبيع.

أخيرًا، ترى الدول العربية أنه من الضروري تعزيز السلطة الفلسطينية. وبحسب وجهة نظر دول السلام، كان من المفترض أن تشكّل أحداث السابع من أكتوبر "جرس إنذار" يدفع إسرائيل للتخلي عن الرؤية التي تعتبر "حماس مكسبًا، والسلطة عبئًا". وعلى الرغم من إدراكهم للعيوب ونقاط الضعف العديدة في السلطة، إلا أنهم يرون فيها طرفًا ملتزمًا بالنهج التفاوضي مع إسرائيل — لكنها، في الوقت الراهن، تفتقر إلى شريك إسرائيلي فعلي.

تداعيات ذلك على مستقبل العلاقات السلمية​

يتزايد القلق في أوساط دول السلام العربية بشأن التأثيرات السلبية بعيدة المدى للحرب على علاقاتها مع إسرائيل. وتتجلى السيناريوهات الأخطر في أفعال إسرائيل التي تُعتبر — من وجهة نظر هذه الدول — تهديدات مباشرة لأمنها القومي، وتُعدّ تجاوزًا لـ"الخطوط الحمراء". من بين هذه الخطوات: التشجيع المباشر أو غير المباشر على تهجير جماعي للفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية إلى مصر و/أو الأردن، وهو ما قد يُعتبر خرقًا لاتفاقيات السلام وقد يؤدي إلى تعليقها أو إنهائها. وتشمل التطورات الأخرى التي قد تُعرّض العلاقات للخطر: ضمّ أراضٍ فلسطينية من قِبل إسرائيل، انهيار السلطة الفلسطينية، أو اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية.

من الواضح أن الحرب قد قوّضت الثقة التي بُنيت على مدى سنوات بين إسرائيل ودول السلام العربية — سواء على المستوى الرسمي أو في صورة إسرائيل لدى الرأي العام العربي. فالمشاهد المتكررة للموت والمجاعة في غزة لا تُثير فقط الإدانة الدولية لإسرائيل، بل تُحرج الأنظمة العربية وتُولّد ضغوطًا شعبية لاعتماد مواقف احتجاجية ضدها. كما أذكت هذه الصور موجة من التضامن العربي مع المعاناة الإنسانية في غزة، حتى بين أولئك الذين يرفضون أيديولوجية حماس.

ورغم استمرار التزام الدول العربية الأساسية باتفاقيات السلام، إلا أن التطورات الحالية قد تُسرّع من تآكل هذه الاتفاقيات وفقدان الفرصة التاريخية لتوسيعها. كما أظهرت زيارة الرئيس دونالد ترامب الأخيرة إلى الرياض، فإن الإحباط المتزايد في السعودية من السياسات الإسرائيلية الحالية والحرب المستمرة في غزة يدفعها بالفعل نحو عقد اتفاقات ثنائية مع الولايات المتحدة — متجاوزةً إسرائيل.

الحلول العربية لأزمة غزة​

إلى جانب انتقاداتها لإسرائيل، تدعو الدول العربية إلى تغيير في السياسات الإسرائيلية، واعتماد مقاربات بديلة — أبرزها تلك المستندة إلى المقترح المصري الذي أقرته جامعة الدول العربية في آذار/مارس 2025، والذي رفضته إسرائيل سريعًا دون الدخول في مناقشة جوهرية.

وفقًا للخطة المصرية–العربية، تنص المرحلة الأولى — ومدتها ستة أشهر — على إعلان وقف دائم لإطلاق النار، وتشكيل حكومة فلسطينية مدنية تكنوقراطية لتحل محل حكم حماس، ونشر قوات شرطة فلسطينية مدرّبة في مصر والأردن لتتولى الأمن في قطاع غزة. أما المرحلتان الثانية والثالثة — وتمتدان مجتمعتين لأربع سنوات ونصف — فتركزان على إعادة إعمار المساكن، والزراعة، والخدمات العامة، والبنية التحتية. وستُموّل جهود الاستقرار والتعافي هذه من قبل أطراف عربية ودولية، مع تقديرات بتجاوز التكلفة الإجمالية مبلغ 50 مليار دولار.

من منظور دول السلام العربية، تستند الخطة المصرية–العربية إلى عدد من المبادئ التي تختلف جوهريًا عن السياسات الإسرائيلية الحالية:
  • إنهاء سريع للحرب، من أجل وقف الأضرار التي تلحق بالمصالح العربية والإسرائيلية على حد سواء، إلى جانب إدخال المساعدات الإنسانية وبدء عمليات إعادة الإعمار — دون ربط هذه الإجراءات الفورية بنزع السلاح الكامل من غزة أو نزع سلاح حماس بالكامل.
  • تأسيس بديل فلسطيني مدني للحكم في غزة، يكون مرتبطًا بشكل غير مباشر في البداية بالسلطة الفلسطينية، تمهيدًا لعودة كاملة للسلطة إلى القطاع. ويهدف هذا البديل إلى إقصاء حماس عن إدارة الحياة المدنية، وتفكيك سيطرتها على السكان من خلال الغذاء والخدمات الاجتماعية والتعليم والدعاية، وتهيئة الظروف — في أفضل الأحوال — لتفكيكها التدريجي ككيان عسكري.
  • خلق أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية، ورفض الترتيبات الجزئية التي تقتصر على غزة، إذ من شأنها أن تؤدي إلى جولات عنف مستقبلية وتجعل جهود الاستقرار والإعمار بلا جدوى. ومن شأن دفع هذا الأفق السياسي أن يُفضي في نهاية المطاف إلى عمليات اندماج إقليمي تُدرج فيها إسرائيل ضمن نسيج المنطقة، لتعيش بسلام وأمن إلى جانب دولة فلسطينية.
ورغم أن ذلك قد لا يُذكر علنًا، فإن الدول العربية قد تكون مستعدة لأخذ الهواجس الأمنية الإسرائيلية بعين الاعتبار، بما يتجاوز اللغة الرسمية الحالية لمبادرة الجامعة العربية. وقد تشمل الضمانات الأمنية الإضافية التي يمكن أن تحصل عليها إسرائيل منحها سيطرة كاملة على المحيط الأمني على طول حدود غزة، وإنشاء آليات أمنية صارمة لمراقبة الحدود والمعابر بهدف منع تهريب الأسلحة، وإشراك قوات دولية وربما عربية في تنفيذ الاتفاق، بل وحتى منح موافقة ضمنية على تنفيذ إسرائيل لعمليات مكافحة الإرهاب ضد تهديدات ملموسة تنطلق من داخل غزة.

خاتمة​

رغم إنجازاتها العسكرية منذ 7 أكتوبر، تُنظر إلى إسرائيل من قِبل شركائها العرب في السلام على أنها دولة مصدومة — تتصرف بطرق تبدو منفصلة عن واقع المنطقة، وتفتقر إلى البصيرة الاستراتيجية، وتتجاهل احتياجاتها الأمنية واحتياجات الدول العربية في وقت تتشابك فيه المصالح الأمنية القومية بشكل عميق.

لقد أدّت أنماط السلوك الإسرائيلي إلى دفع العلاقات مع دول السلام العربية نحو أزمة ثقة عميقة، مما قوض مكانة إسرائيل كشريك استراتيجي، وأثار الغضب والإحباط في أوساط صانعي القرار والجمهور العربي على حد سواء. واستمرار الحرب بصيغتها الحالية — من دون طرح رؤية سياسية إسرائيلية مرافقة للحملة العسكرية — يمنح قوى التطرف مزيدًا من القوة، ويُضعف محور الاعتدال الإقليمي، ويُهدد بتضييع فرصة التطبيع مع السعودية.

ومع ذلك، لم تُغلق بعد النافذة التاريخية لتعزيز التكامل الإقليمي. إذ لا تزال الدول العربية المعتدلة مهتمة بالاستمرار في شراكاتها مع إسرائيل، وتسعى إلى الدفع — بالتعاون معها — بخطة مسؤولة وتدريجية لإعادة تأهيل غزة واستقرارها، وحل الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني. بل إنها مستعدة، ضمن هذا الإطار، لأخذ الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية بعين الاعتبار. وستكون للقرارات التي ستتخذها إسرائيل — أو تمتنع عن اتخاذها — في المستقبل القريب تبعات مصيرية، ليس فقط على مآلات الحرب في غزة، بل على مستقبل علاقاتها مع العالم العربي ككل.
 

ما هو انكور؟

هو منتدى عربي تطويري يرتكز على محتويات عديدة لاثراء الانترنت العربي، وتقديم الفائدة لرواد الانترنت بكل ما يحتاجوه لمواقعهم ومنتدياتهم واعمالهم المهنية والدراسية. ستجد لدينا كل ما هو حصري وكل ما هو مفيد ويساعدك على ان تصل الى وجهتك، مجانًا.
عودة
أعلى