Announcement Title

Your first announcement to every user on the forum.

المنظور الماركسي التقليدي للتنمية الاقتصادية

في هذا الموضوع اقدم لكم خلفية علمية عن المنظور الاركسي التقليدي للتنمية الاقتصادية. وهذا ليس مقال او بحث انما فصل في كتاب "الإقتصاد السياسي للعلاقات الدولية" لكاتبه روبرت غيلبين. تتناول منظور الماركسية تجاه تطور الرأسمالية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، حيث ترى الماركسية أن الرأسمالية، رغم تطويرها للعالم، تقوم بذلك بشكل غير متساوٍ ومتقطع. يتميز هذا التطور بصراع سياسي بين الأمم على مواقعها في التقسيم الدولي للعمل، ويرى الماركسيون أن الاندماج الاقتصادي للدول الطرفية في النظام الرأسمالي العالمي يساهم في استغلالها بدلًا من تنميتها. وتشير نظريات التخلف إلى أن المستعمرات السابقة تظل تابعة للاقتصادات الرأسمالية المتقدمة وتعاني من استنزاف مواردها الاقتصادية.
المنظور الماركسي التقليدي للتنمية الاقتصادية

المنظور الماركسي التقليدي للتنمية الاقتصادية​

كان ماركس (Marx) وإنغلز (Engels) أهم منظري التنمية الاقتصادية الغربية وأبرزهم؛ فالجزء الأعظم من أعمالهما مكرسا لانتقال المجتمع الأوروبي من الإقطاع إلى الرأسمالية إلى الاشتراكية، وإلى استبطان القوانين الشاملة في صلب التنمية الرأسمالية. كما أنهما معا ما يمكن اعتباره نظرية التنمية الاقتصادية قابلة للتطبيق على الاقتصادات الأقل نمواً. ثم قام لينين (Lenin) وماركسيون آخرون من أواخر القرن التاسع عشر بتوسيع هذه الأفكار بعد ذلك عندما صاغوا النظرية الماركسية للاستعمار الرأسمالي.

كان ماركس يعتبر الرأسمالية عملية اقتصادية فاعلة متحركة وتوسعية على نطاق العالم كله؛ وبحلول منتصف القرن التاسع عشر كانت قد انتشرت من أصولها في بريطانيا لتغطي أجزاء من أوروبا الغربية. وكان يعتقد أنها في آخر الأمر ستشمل العالم كله في طريق التوسع الاستعماري وستستخدم كل المجتمعات لبلوغها في إنتاج السلع، بل إن ماركس أكد أن الرسالة التاريخية للرأسمالية هي تطوير قوى الإنتاج في العالم كله. وعندما تكتمل هذه المهمة في التحول والتراكم الرأسمالي تكون الرأسمالية قد أدت الدور الموكل إليها في التاريخ، فتسلم لوريثتها من الأنظمة الاشتراكية والشيوعية.

إن آراء ماركس في الدور الثوري للاستعمار الرأسمالي أو البرجوازي في تحويل المجتمعات التقليدية، ودمج العالم كله في اقتصاد عالمي مستغل، جديرة بالاقتباس: "عن طريق التحسن السريع في جميع أدوات الإنتاج، وعن طريق وسائل الاتصال المحسنة بشكل هائل، تسحب البرجوازية الأمم كلها، وحتى أكثرها همجية، إلى الحضارة. إن الأسعار الرخيصة لسلعها هي المدفعية الثقيلة التي تقصف بها كل الأسوار الصينية، والتي ترغم بها على الاستسلام كل البربر، على الاستسلام. فهي ترغم كل الأمم، تحت التهديد بالفناء، على اعتماد أسلوب الإنتاج البرجوازي، وترغمها على إدخال ما تسميه الحضارة إلى وسطهم، أي تجعلهم أنفسهم برجوازيين، وبكلمة واحدة، فإنها تخلق عالماً على صورتها". (Marx and Engels, 1972 (1848), p. 339)

لقد مر تطور الحضارة الغربية، عند ماركس، بمراحل واضحة وضخمة التحديد نسبياً. فالاقتصادات القديمة لإنتاج السلع البدائي، كما في اليونان القديمة، يتبعها إقطاع العصور الوسطى، ثم جاء أسلوب الإنتاج الاقتصادي "الرأسمالي"، الذي يستقر الاشتراكية والشيوعية، وإن الصراع الطبقي بين ملاك وسائل الإنتاج وغير المالكين يقف القوة الدافعة في كل مرحلة. وتقوم جليات منطق هذا الصراع الطبقي بتحديد التاريخ من مرحلة إلى أخرى.

وعندما وجه ماركس انتباهه إلى خارج القارة الأوروبية في آسيا، والشرق الأوسط وغيرها – حيث اضطر إلى ذلك استجابة للصدامات الاستعمارية وحالات الجيشان السياسي المتزايد – اكتشف أن نظريته عن التطور الأوروبي لم تكن منطبقة عليها. ففي المناطق البشرية الهائلة ما قبل الرأسمالية موجودة، فقد رأى أنه لم تكن هناك مراحل شبيهة بأساليب الإنتاج القديمة والإقطاعية. وبالإضافة إلى ذلك، وجد أن هذه الحضارات خالية من أية آلية داخلية للتغيير الاجتماعي، ولم يكن هناك صراع طبقي من شأنه أن يحركها من مرحلة من التنمية الاجتماعية إلى المرحلة التي تليها. فاعتقد ماركس أنها معطلة تاريخياً وعاجزة عن التحرك إلى الأمام (*).

ولتفسير هذا الشذوذ، أدخل ماركس مفهوم "أسلوب الإنتاج الآسيوي"، و"جدال بأنه يتميز بما يلي: (١) الوحدة الذاتية للإنتاج الزراعي والتصنيعي على مستوى القرية، (٢) وجود دولة مستقلة وطبقية عند قمة المجتمع منفصلة عن باقي المجتمع. واعتقد ماركس أن هذا التركيب الاجتماعي المحافظ كان مسؤولاً عن آلف السنوات من الركود الاجتماعي والاقتصادي التي عانت منه هذه المجتمعات غير الغربية. وعندما لم تعد ماركس يرى في هذه المجتمعات تاريخياً لاجئاً إلى الحاجة الخارجية التي تدعو إلى الاستعمار الأوربي وإرساء الأسس البداية لمجتمع غربي في آسيا مقتبس عن الطريقة الغربية. وهكذا فإن ماركس وإنغلز على عكس منظري الماركسية الجديدة ونظرية التنمية في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته وتشجيعهم للاستعمار الرأسمالي - قد اعتبروا التمدد العالمي لنظام السوق، ولو من خلال الوسائل العنيفة خطوة إلى الأمام بالنسبة للبشرية. فقد اعتقد ماركس أن الرسالة التاريخية للبرجوازية والاستعمار هي تحطيم أسلوب الإنتاج الإقطاعي والآسيوي الذي يعقن تحديداً بما نسميه اليوم بالعالم الثالث، وجعل من مقالتهم المعنونة "النتائج المستقبلية للحكم البريطاني في الهند" (1853)، بأن الاستعمار البريطاني ضروري لتحديث الهند ولإقامة نظام السكك الحديدية الحديثة كما أبدى البريطانيين هو "بشير بالصناعة الحديثة" (مقتبس في المصدر السابق نفسه ص ٣٦).

فالاستعمار يزعزع استقرار الحالة الراهنة من خلال إدخال التكنولوجيا الحديثة، ويخلق مجموعة من الطبقات المتضادة في المناطق المستعمرة، وذلك يزرع الآلية التي ستدفع المجتمع نحو التطور الاقتصادي. وما أن يتم إزالة أسلوب الإنتاج الآسيوي، حتى تنطلق قوى التراكم الرأسمالي والتصنيع لتقوم بدفعها في تحويل المجتمع ووضعه على مسار التطور التاريخي. ورغم أن الاستعمار غير أخلاقي، فقد كان ماركس يعتقد أنه قوة تقدمية أيضاً بما دامت الاقتصادات الأقل نمواً في آسيا وإفريقيا متظل من دونها في حالتها من السبات إلى الأبد.

وفي الهجوم على ضرورة الاستعمار الرأسمالي نقل لينين نقل هذا الرأي الماركسي التقليدي خطوة أبعد. فهو أيضاً كان يعتبر الاستعمار والاستعمار الجديد قوة تقدمية، ولأمة لمجتث الدولان الأجل نمواً كان جادل بأن تصدير رأس المال والتكنولوجيا والخبراء إلى المستعمرات والبلدان التابعة سيطور المستعمرات ويؤخر في الوقت نفسه التطور في الدول الرأسمالية المتقدمة (Lenin, 1917 [1939], p.65). عندما تصدر هذه الأخيرة رأس المال والتكنولوجيا إلى اقتصاداتها المستعمرة، فإن اقتصاداتها الداخلية تصبح اقتصادات دخان، وتتحدد قاعدتها الصناعية والتقنية، مما يتيح للبلدان الأقل نمواً فرصة سبق الاقتصادات المتقدمة.

وجادل لينين بأن التناقض المتأصل في قلب الرأسمالية هو أنها تنمي العالم بدلاً من أن تؤخره. فالرأسمال الرأسمالي المسيطر ينذر بزواله دماراً. ينسب عند قيامه بنشر التكنولوجيا والصناعة وذلك يتوقع موقعه بنفسه. وقد ينجح المنافسين الأجانب ذوي الأجور الأكثر انخفاضاً الذين يتفوقون عندئذ على الاقتصادات الرأسمالية الأكثر تقدماً في الأسواق العالمية. ثم إن اشتداد المنافسة الاقتصادية بين القوى الرأسمالية الآفلة والصاعدة، يؤدي إلى صراعات اقتصادية ومنافسات استعمارية. واعتقد لينين أن هذا سيكون مصير الاقتصاد العالمي الليبرالي المتمركز حول بريطانيا في القرن التاسع عشر. ويجادل ماركسيون أواخر القرن العشرين بأنه عندما يتعرض مصير الاقتصاد الأمريكي إلى ضغوط متزايدة من منافسين لأجل مصالحهم، فإن هناك مصيراً مماثلاً ينتظر الاقتصاد العالمي الليبرالي المتمركز حول الولايات المتحدة. والخلاصة، تعتقد الماركسية الأصولية المرافقة من ماركس إلى لينين بأن الرأسمالية تطور العالم، لكنها لا تفعل ذلك بصورة متساوية، أو مستمرة، أو بدون حدود. غير أن الماركسيين التقليديين يختلفون مع الليبراليين حول الأهمية النسبية للعوامل الاقتصادية، و/ أو السياسية في تطور الاقتصاد الدولي. فالليبراليون يرون أن دمج الاقتصادات الأطراف الهامشية في الاقتصاد العالمي وتحديثها لاحقاً فيما بعد هو عملية اقتصادية لا احتجاج فيها نسبياً. أما الماركسيون فيرون من جهة أخرى أن هذه العملية مشحونة بالصراع السياسي عندما تتنازع الأمم على مراكزها في التقسيم الدولي للعمل. بل إن الماركسيين يعتقدون أن هذه العملية متصل إلى حد ما، مما يجعل من الضروري أن يتم التحول إلى الاشتراكية والشيوعية. وكان لينين يعتقد بشكل جازم أن الاستعمار الرأسمالي سيطيح "أعراق العالم الملونة" لو لم تحررها. وأن دمج المجتمعات غير الغربية في الاقتصاد العالمي عن طريق التجارة والاستثمار سيؤدي إلى تدميرها.

وضع التخلف تكاثرت نظريات التخلف الحقيقة القائلة إن المستعمرات الأوروبية، رغم أنها حققت استغلالها السياسي، فإنها لم تحقق التنمية أو أنها ظلت على الأقل تابعة للاقتصادات الرأسمالية الأكثر تقدماً. ففضل البلدان في أفريقيا السوداء، وآسيا، والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية لا تزال تتعرض لنزيف اقتصادي وتكنولوجي، يتمثل في تصدير السلع والمواد الأولية في مقابل إنتاجه. وقد تم اختراع عدد كبير من تلك البلدان على يد شركات متعددة الجنسيات التابعة للبلدان المتقدمة. وبدلا من التقدم إلى مراحل أعلى من التنمية الاقتصادية، فإن بعض هذه البلدان قد ازدادت اعتمادها في الحقيقة، والواقع على الاقتصادات المتقدمة.​
 

ما هو انكور؟

هو منتدى عربي تطويري يرتكز على محتويات عديدة لاثراء الانترنت العربي، وتقديم الفائدة لرواد الانترنت بكل ما يحتاجوه لمواقعهم ومنتدياتهم واعمالهم المهنية والدراسية. ستجد لدينا كل ما هو حصري وكل ما هو مفيد ويساعدك على ان تصل الى وجهتك، مجانًا.
عودة
أعلى