تسعى بريطانيا وفرنسا إلى تشكيل "تحالف الراغبين" لدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، لكن يبقى التساؤل حول عدد الدول الأوروبية التي ستنضم لهذا التحالف، ومدى تأثيره في ظل رفض موسكو لأي اتفاق سلام يتضمنه. رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أعرب عن تفاؤله بإمكانية انضمام بعض الدول، رغم اعترافه بأن بعض الحكومات قد تتردد في تقديم مساهمات ملموسة، مؤكدًا أن التحالف يمكن أن يبعث برسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفادها أن أوروبا مستعدة للقيام بدورها.
التحالف الأوروبي المقترح يشمل دعمًا عسكريًا مستمرًا لأوكرانيا، إضافة إلى ضمان مشاركتها في أي مفاوضات سلام، وتعزيز قدراتها الدفاعية. دول مثل الدنمارك وهولندا تبدو مرشحة للمشاركة نظرًا لدعمها العسكري المستمر لكييف، في حين تواجه ألمانيا تحديات داخلية بعد الانتخابات الأخيرة تجعلها مترددة في اتخاذ قرارات سريعة بشأن زيادة الإنفاق الدفاعي. تصريحات المستشار الألماني السابق أولاف شولتز والمرشح لخلافته فريدريش ميرز تعكس هذه التحديات، حيث يتطلب تأمين تمويل دفاعي ضخم توافقًا برلمانيًا معقدًا.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوضح أن المبادرة البريطانية-الفرنسية ستبدأ بهدنة مؤقتة مدتها شهر بين أوكرانيا وروسيا، مع إمكانية نشر قوات حفظ سلام أوروبية لاحقًا. من جانبه، أبدى رئيس الوزراء الإيطالي جورجيا ميلوني تحفظاته، مؤكدًا أن نشر القوات الإيطالية لم يكن مطروحًا أصلًا، في حين تظل دول مثل المجر وسلوفاكيا في موقف معارض، حيث يسعى قادتهما لوقف فوري لإطلاق النار، وهو ما يهدد جهود الاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا.
التحديات الأوروبية لا تقتصر على الدعم العسكري، بل تشمل قضايا مالية، مثل تجديد قرار تجميد 200 مليار دولار من الأصول الروسية، وهو ما يحتاج إلى إجماع أوروبي قد تعرقله المجر. بريطانيا قدمت بالفعل قرضًا بقيمة 2.8 مليار دولار لأوكرانيا، على أن يُسدد من فوائد الأصول الروسية المجمدة لديها. في هذا السياق، حذر رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك من احتمال عرقلة المجر لهذه الجهود، مما يزيد من تعقيد الموقف الأوروبي.
رغم الجهود الأوروبية، يبقى الموقف الأمريكي عاملاً حاسمًا. إدارة ترامب تُجري مشاورات بشأن إمكانية تعليق المساعدات العسكرية لكييف، مما قد يؤثر سلبًا على تماسك التحالف الأوروبي. ستارمر، الذي يسعى إلى دور وسطي بين أوروبا وواشنطن، أكد التزامه بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، لكن دبلوماسيته تواجه تحديات داخلية، خصوصًا بعد تصريحات السفير البريطاني لدى الولايات المتحدة، بيتر ماندلسون، التي أثارت انتقادات حول مدى استقلالية الموقف البريطاني. في ظل هذه التعقيدات، يبقى مستقبل التحالف الأوروبي لدعم أوكرانيا رهينًا بالتطورات الدبلوماسية بين العواصم الغربية وواشنطن.